زاد الاردن الاخباري -
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز فيما يتعلق بالتجاوزات في الانتخابات النيابية الأخيرة بحسب بعض التقارير الوطنية، فأوضح أنها نتاج الثقافة المجتمعية، ولا بد من وضع عقوبات رادعة لكل من يثبت تجاوزه، إلى حين تغيير تلك الثقافة، مطالباً بتحسين أداء وعمل أعضاء مجالس البلديات والإدارة المحلية؛ فهم الأقرب لنبض الشارع، كما يُخفف من الضغط على مجلس النواب.
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، إنه لا يمكن استيراد نماذج غربية للديمقراطية لتطبيقها محليا، ويجب مراعاة الثقافة المحلية في التنمية السياسية والتدرج في تطبيقها.
وأكد خلال استضافته في المنتدى الإعلامي لمركز حماية وحرية الصحفيين أن الاحتفال بمئوية الدولة يدل على منعة وقوة الأردن رغم التحديات الجسيمة التي واجهته، معربًا عن تفاؤله بمستقبل الأردن في ظل قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني "صمّام الأمان، وحافظ الهوية الوطنية، ومظلة الجميع".
وأضاف الفايز، أن الدولة الأردنية مرت بتحديات داخلية وخارجية منذ تأسيس الإمارة بدأت بالانتداب البريطاني ونكبة عام 1948، مرورا بالنكسة عام 1967، والحرب الباردة، وانتهاء بـ "الربيع العربي" وتداعياته، مشيرا إلى أن تدخلات بعض الدول الكبرى وبعض دول الإقليم تسببت بحروب أهلية وحالة من عدم الاستقرار، لكن الأردن تجاوز كل ذلك خلال مئة عام بحنكة القيادة الهاشمية، ووعي الشعب الأردني، ويقينهم بأن الهاشميين هم صمام الأمان.
ولفت إلى رؤية وتصور جلالة الملك لمستقبل الأردن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في الأوراق النقاشية، والتي تطرق جلالته فيها إلى تطوير النظام الديمقراطي، والوصول إلى الدولة المدنية وسيادة القانون، والمواطنة الفاعلة، وأحزاب وطنية قادرة على التعبير عن المجتمعات المحلية، وهموم المواطنين، وصولا إلى الحكومات البرلمانية.
وتابع، أن الأوراق النقاشية تحدثت عن سُبل تقوية مؤسسات المجتمع المدني، وحماية منظومة العدالة والنزاهة، وتطوير عمل الجهاز الحكومي وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وتعزيز الحريات، وتطوير القضاء، والعملية التربوية والمناهج.
واوضح أن الأهم هو ترجمة ما جاء في الأوراق النقاشية على أرض الواقع، ورسم خريطة طريق للتنمية السياسية تُراعي ثقافة المجتمع العشائرية؛ فالعشيرة أهم مكون في الدولة، وهي سند للديمقراطية ولها دور مهم في التنمية السياسية، لكن الثقافة العشائرية الحالية لا تدعم الأحزاب، "فالجهوية والمناطقية تُسيطران على المشهد السياسي".
وقال، إن الأوراق النقاشية لم تحظَ بالاهتمام اللازم من قبل كل الأطراف سواء الحكومة، أو مؤسسات المجتمع المدني، أو مجلس النواب، أو حتى الأحزاب والنقابات، فبالرغم من وجود ما يقارب 50 حزبا سياسيا، إلا أنها لا تتبنى برامج عملية يمكن أن تُطبق على الواقع، ولا تمتع بجماهيرية قوية، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي لأسباب تاريخية ودينية، مشددا على أن تطوير الحياة الحزبية يبدأ بدمج الأحزاب في ثلاثة تيارات رئيسة (يمين، وسط، ويسار) تتبنى برامج تُترجم على أرض الواقع، داعيا إلى تغيير ثقافة الناخب التي ترتكز على القاعدة العشائرية.
ورأى الفايز أن الحل للوصول إلى التنمية السياسية في المدى القصير والمتوسط يبدأ بتعديل قانون الانتخاب الذي تشوبه بعض من العيوب، على أن يكون القانون الجديد متوافقا مع الثقافة الأردنية، ويعمل على إيجاد صيغة مناسبة لإتاحة الفرصة للأحزاب في الوصول إلى قبة البرلمان، فالقانون الحالي لا يخدم المصلحة العامة.
وأكد الفايز أنه لا بد من إعادة النظر في العملية التربوية بشكل شامل، بما في ذلك المناهج ومواكبة العصر بعيدا عن التلقين في التعليم، منوها بالعمل على تحسين أداء المعلم من خلال تدريبه وتهيئته ليكون قادرا على العطاء، وتقديم الأفضل للأجيال، وان تزرع المناهج قيما ومفاهيم جديدة في عقول الأطفال والشباب، مثل الثقافة الحزبية، ومفهوم الابتعاد عن الجهوية والمناطقية، واحترام الرأي والرأي الآخر، واحترام القوانين وسيادتها، مُبينا أن الأدوات التقليدية لم تعد تُجدي في التعامل مع الشباب الأردني.
وقال، إنه يجب التركيز على تطوير عمل الجهاز الحكومي، ورفع كفاءة موظفي الدولة، واعتماد الكفاءة لترفيع الموظفين، ورفع إنتاجية الموظف، والتخلص من الحمولة الزائدة في مؤسسات الدولة مع وضع حلول للكلف الاجتماعية المترتبة على ذلك، إضافة إلى دمج الوزارات والمؤسسات الحكومية على أسس علمية.
وشدد الفايز على ضرورة تحسين الخدمات المُقدمة للمواطنين، وتعزيز العدالة الاجتماعية، ومحاربة الواسطة والمحسوبية، موضحا أن التحدي الأكبر هو الاقتصادي الذي تفاقم نتيجة عدد من العوامل، منها شح الموارد، والهجرات، وانقطاع النفط العراقي، والغاز المصري، والأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، والربيع العربي وتبعاته الاقتصادية، وأخيرا جائحة كورونا وتداعياتها.
وقال " إنه وتزامنا مع التنمية السياسية لا بد من العمل على زيادة النمو الاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي للمواطن من خلال التركيز على المشروعات الكبرى؛ مثل الناقل الوطني، وتدوير النفايات، ومشروع مصفاة بترول الجنوب الذي يدرس حاليا، ويتوقع أن يوفر 12 ألف فرصة عمل.
وأشار إلى أهمية العمل على مشروعات الأمن الغذائي، تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك، عن طريق استغلال أراضي البادية التي تصل إلى نحو 20 مليون دونم في مشروعات الحصاد المائي لتوفير المياه للزراعة بدلا من الاعتماد على الآبار الجوفية التي تستهلك تكلفة أكبر، إضافة إلى تحفيز قطاعات أخرى مثل السياحة.
وقال الفايز: يجب دراسة أسباب تراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات، ولاسيما في المدن الكبرى، مثل عمّان التي سجلت نسبة 10 بالمئة فقط خلال الانتخابات النيابية الأخيرة.
أما ما يتعلق بالتجاوزات في الانتخابات النيابية الأخيرة بحسب بعض التقارير الوطنية، فأوضح أنها نتاج الثقافة المجتمعية، ولا بد من وضع عقوبات رادعة لكل من يثبت تجاوزه، إلى حين تغيير تلك الثقافة، مطالباً بتحسين أداء وعمل أعضاء مجالس البلديات والإدارة المحلية؛ فهم الأقرب لنبض الشارع، كما يُخفف من الضغط على مجلس النواب.
ودعا إلى إجراء دراسة متوازنة تهدف إلى تعديل قانوني المالكين والمستأجرين، والتنفيذ بما يحفظ حقوق جميع الأطراف، والعمل بجدية على زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية.