رمضان الرواشدة - في مقابلته الاخيرة مع وكالة الانباء الاردنية دعا جلالة الملك عبدالله الثاني الى اعادة النظر بمفهوم الاصلاح الاداري مما يؤدي الى تنمية الكفاءات واعادة الألق للجهاز الأداري وتحفيز الإبداع والعمل الجاد وليس الكسل واعاقة الإنجاز.
وفي هذه الصدد اُعيد مؤخرا الحديث الكثير عن نظام التعيينات في الدرجات العليا بعد النقاش الذي حصل في البرلمان بين رئيس ديوان الخدمة المدنية والنواب حول تعيين مدير عام دائرة الأراضي والمساحة حيث بيّن رئيس الديوان ان 31 شخصا تقدموا للامتحان التنافسي ولم ينجح منهم احد . ولكن الردود على ذلك فنّدت كثيرا من اقوال رئيس الخدمة المدنية والتي ليس المقام هنا لذكرها. لكن الغريب في الامر ان منصب مدير دائرة الاراضي شغر منذ سنة ونصف وهو يُدار بالوكالة رغم الأهمية الكبرى لمثل هذه الدائرة التي تدر مئات الملايين من الدنانير لخزينة الدولة وهي دائرة معنية بشكل يومي بحياة المواطنيين وتحتاج الى قرارات مهمة لا يمكن لمن يديرها بالوكالة مهما كانت كفاءته ان يتخذ العديد من القرارات المتعلقة بها الا اذا اضطر للتشاور مع الوزيرالمعني بالدائرة وهو ايضا مُحمّل باعباء كثيرة لا تمكنه من التفرغ لمهام الدوائر التابعة له.
منذ بداية الدولة الاردنية التي نحتفل بمئويتها هذه الايام والتعيينات في المواقع القيادية العليا هي من صلاحيات مجلس الوزراء ولم يكن احد يعترض على ذلك ولكن جاءت احدى الحكومات الأخيرة وتحت باب المكاشفة والشفافية واعلنت عن تبنيها لنظام تعيينات المواقع العليا بالدولة واستثنت من ذلك كل من السفراء في وزارة الخارجية والمحافظين في وزارة الداخلية.
المشكلة في طبيعة الامتحانات التي يقيمها ديوان الخدمة المدنية وقد سألت متقدمين لمنصب مدير عام دائرتين من دوائر الاعلام الرسمية التي بقيت لمدة 8 اشهر بدون مدير فقالوا لي ان الامتحان عبارة عن اسئلة في نظام المشتريات واللوزام. فهل يعقل ان تكون مهمة مدير دائرة اعلامية رسمية الالمام بهذه النظام ام ان الاصل معرفته والمامه باصول العمل الصحفي والسياسة العامة والرؤية الملكية للاعلام والتوجهات السياسية للدولة الاردنية وكيفية تطبيقها في عمله.
عندما جاءت حكومة الدكتور بشر الخصاونة وفي اول ايامها لجأت الى تعديل النظام بحيث اصبح من صلاحية الوزراء ، في بعض الاحيان، التنسيب بثلاثة مرشحين لشغل المواقع الشاغرة ثم يختار الرئيس ومجلس الوزراء احدهم.
ما اطالب به هو العودة الى ممارسة الرئيس ومجلس الوزراء لصلاحياتهم الدستورية باختيار شاغلي الدرجة العليا وعدم ترك المؤسسات شاغرة بلا مدراء كل هذا الوقت الذي يضيع من الجهد الوطني للاصلاح الاداري .
ما نتمناها ان تلجأ الحكومة الى التعديل الاخير لملء الشواغر التي طال امدها وان تتخذ قراراها دون الالتفات الى الاعتراضات فهذا هو نهج الادارة الاردنية منذ عشرات السنين وهو جزء من صلب صلاحياتها التي لن يحاسبها عليه احد.
awsnasam@yahoo.com