أيها الرجل !! احذر!! فالمرأة لم تعد بعد الآن " ريموت كنترول"!!
بقلم : ـ دانـا جهاد ـ طالبة جامعية
dana.jehad@hotmail.com
لما كانت سنة الحياة تقتضي وجود الرجل والمرأة معا جنبا الى جنب لكونهما نصفان يكمل كلا منهما الآخر . ورغبة مني في ضمان استمرارية الحياة بينهما بدون منغصات ولا مشاكل ومن غير قلاقل ، ومنعا لإنفصال هذين النصفين عن بعضهما البعض ، أرى أنه يجب ألا يكون أي منهما ظالم أومظلوم ولا غالب أو مغلوب ولا فائز أو خاسر ، ولابد منضرورة أن يعيشا معا بأمن وأمان وبسلامة واطمئنان طوال حياتهما إن أرادا الستر والعيش بسعادة وهناء!!
لأنه ثبت لي أن ظروف الحياة بينهما أصبحت تقتضي الآن أن تكون قائمة على أسس قوية من الحب والتعاون والمشاركة وقبول الرأي والرأي الآخر ، وليس أن تكون حياة استعباد ولا استعلاء ، أن تكون العلاقة بينهما "علاقة توازن " من غير أن يطغى فيها طرف على آخر ؛ كان من كان هذا الآخر !!.
وبما أن الرجل يحب أن يظل طول عمره رجلا محترما ، فكذلك المرأة تحب أيضا أن تظل طول عمرها إمرأة محترمة !!! فالمرأة وإن اعتلت أعلى درجات سلم النجاح وإن بلغت أقصى قمم المجد ، ومهما حققت من الشهرة ومهما وصلت اليه من طموح ؛ إلا أنها في رأيي تظل في نظر نفسها لنفسها امرأة أولا وأخيرا . وتظل لطيفة المعشر ، رقيقة المشاعر مرهفة الحس ، كبيرة القلب ، جياشة العاطفة ، وتظل تحتفظ بكامل أنوثتها ودلعها كعادتها ، وتظل تعرف دورها الرئيسي في هذه الحياة كأنثى من غير أن يعرفها به أحد .
لكن هذا الأمر ومع مانشهده من تغيرات في الأفكار والسلوك والتوجهات أصبح مشروطا بوجود رجل حقيقي يفهم عقلها ويعرف لغز تركيبتها النفسية ، و يحترم شخصيتها ، ويقدر لها انسانيتها ، ويعظم لها دورها الكبير في هذه الحياة ؛ بدون تسلط ومن غير فرض لأوامره ونواهيه عليها ، وبدون اللجوء الى معاملتها على أنها شخص ينبغي أن تكون تابع له وأن عليها السمع والطاعة والتنفيذ من غير نقاش .
ولهذا فإن وجدتم يارجال هناك مايسمى ( بالمرآة القوية ) أو ( المرأة الحديدية ) فهذا المسمى ليس المقصود به أنها المرأة (المفتولة العضلات ) أو أنها المرأة ( القوية اللكمات ) أو أنها المرأة (المؤلمة الخرمشات ) ، أو أنها المرأة (الفجة السليطة اللسان) ، أو المرأة ( السيئة الأخلاق ) لاسمح الله كما يعتقد بعضكم .
وتوضيحا مني لمعنى هذا المسمى الذي قد يستعصي على بعض الرجال فهمه . أقول للجميع : ـ إن "المرأة القوية " هي تلك المرأة ( القوية الشخصية) التي تعرف حدودها جيدا ، وهي التي تتميز بالصدق والوضوح والصراحة مع نفسها ومع الآخرين ،وهي التي تتميز باللباقة في القول وحسن التعامل ، وهي التي يشهد لها الجميع برجاحة العقل و بسداد الرأي ، و هي التي تكون قادرة على إدارة دفة الأمور الموكولة لها بكل كفاءة واقتدار.
وليس هذا فحسب بل إن المرأة القوية ؛ هي المرأة التي تتمتع بثقه عظيمة متناهية في نفسها من غير تكبر ؛ فتحافظ من خلالها على استقلاليتها ، و تتمكن من اتخاذ المواقف والقرارات الحازمة الخاصة بها من غير أن تسمح للرجل بالتدخل فيها !! ليس غرورا منها بنفسها !! ولكن لكونها أمور شخصية بحتة تخصها هي وحدها فقط .
أما إن حدث ووجدنا أن هناك رجلا ما يخاف من هذه الصفات في هذه المرأة ، وكان يخاف على مركزه ومنصبه منها ، وأصبحت تصيبه الحيرة والدهشة والتأتأة والإرتباك بسببها ، وأصبح يشعر بالتوهان والدوران والدوخان إذا أحس بوجودها ، وأصبح يحس بالإرتفاع المفاجىء في درجة حرارته كلما رآها ، وأصبح يعتقد أنه ربما قد يتعرض لجلطة قلبية أو لسكتة دماغية لاقدر الله إذا سمعها ، وأصبح مهددا بالإصابة بمرض "السكري" أو بارتفاع "الضغط" أو بأعراض "الزهايمر" بسبب شدة قهره منها !!
أقول له : إن هذا هو شأنه وحده ، وأنه لا دخل للمرأة به وبما قد يصيبه لاحقا ، وأنه هو الوحيد فقط الذي يجب أن يتحمل مسؤولية إصابته بكل ذلك !! . لأنه هو الذي يكون قد جنى على نفسه بنفسه ، وليست "براقش"!! وبهذا يكون يستحق ماجرى سابقا وما سيجرى له مستقبلا.
وفي هذه الحالة ومن وجهة نظري ومع احترامي الشديد لهذا الرجل ، و بالرغم من كل ماقد يصيبه من أعراض ومخاطر صحية أو نفسية قد تودي بحياته عاجلا أو آجلا لاسمح الله ، فإني أرجو منه أن يسمح لي أن أقول له أيضا : ـ بأنه رجل مهزوز الشخصية ، وأنه مفتقد تماما للثقة في نفسه .
ولهذا وإنقاذا لنفسه فإني أنصحه منذ هذه اللحظة ؛ بالتعود على الجلوس مع نفسه طويلا، والقيام بمراجعة حساباته وتصرفاته ودفاتره جيدا ، ومن ثم القيام بعمل (ديليت ) كامل لكل أفكاره القديمة البالية السابقة ،وإعادة برمجة عقله من جديد ، وأنصحه بالحرص الشديد بالمداومة على ذلك أولا بأول ، والأهم من ذلك أيضا هو ضرورة قيامه الآن ومن غير تأخير بتغيير نظام (سيرفر) نظرته عن المرأة بشكل عام .!! والكف فورا عن التفكير بطريقة عقلية جده وجدته ، وعدم العيش في جلباب أبيه .
وعليه من الآن وصاعدا ألا يتعب نفسه وألا يرهق أعصابه !! لأنه يجب عليه أن يعلم ؛ بأنه لايمكنه أن يقوم بإرجاع عقارب الساعة الى الوراء مهما كانت محاولاته في ذلك !! لأنها بلاشك ستكون كلها محاولات يائسة وبائسة ومحكوم عليها بالفشل مسبقا.
آملة من القراء الكرام ألا يساء فهمي من مقالي هذا ، وعدم الإعتقاد بأنه مقال تهديد ووعيد للرجال ، وإن كل ماأتمناه الآن هو أن يعلم الرجال أن ظروف الحياة تغيرت عن السابق بسبب ما تشهده حياتنا من تطورات كثيرة جاء بها عصر العولمة ، وما لحقه من تقدم ملموس في علم تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات ، وظهور الفضائيات.
فهذه الأمور كلها مستجدات ألزمت المرأة أن تنتبه لنفسها جيدا ، الأمر الذي أجبرها على أن تكون صاحبة شخصية قوية ؛ لكي تستطيع الدفاع عن وجودها وعن كيانها وعن حقوقها، حتى لا تكون لقمة سائغة بأيدي بعض الرجال ، وحتى لا يقوموا بالتحكم بها كما يحلو لهم وقتما يشاؤون وكيفما يريدون.
ولهذا أرجو أن تعلموا ياإخوان أن عصر " الحريم " قد انتهى وولى وأنه لم يعد له وجود ، و لم يعد له مكان في القاموس العصري الحديث لأن عصر الإستعباد والإستبداد والقمع والإرهاب الفكري ضد المرأة قد ذهب الى غير رجعة.
فالمرأة الآن لها كيانها ، ولها شخصيتها المستقلة ، والأهم من كل هذا وذاك ؛ أنها لم تعد تصبح كما كانت سابقا "ريموت كنترول". وأنه لم يعد بإمكانها بعد الآن أن تتحرك بمجرد (كـبســــة زر ) !!
دانـــــا جهـــــاد
طالبة جامعية
dana.jehad@hotmail.com