زاد الاردن الاخباري -
رمت الإدارة الأميركية الجديدة بأهم أوراق الضغط السياسية في التعامل مع السعودية، وأعلنت أنها ستنشر تقرير وكالة المخابرات المركزية عن قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد رفع السرية عنه، في استهداف مفتوح لولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعتقد محللون عرب وغربيون أن الهدف منه هو استبعاد الرياض من أيّ ترتيبات ذات علاقة بالملف النووي الإيراني.
وخلال شهر من عمر إدارة الرئيس جو بايدن صار واضحا أن السعودية أصبحت أولوية ضمن أهداف الولايات المتحدة، وبات من الصعب تفسير الاهتمام الاستثنائي بقضية خاشقجي على الرغم من وجود عدة تسريبات تتحدث عن مسعى واشنطن لـ”إزاحة” الأمير محمد بن سلمان عن ولاية العهد.
وجاء إعلان البنتاغون أن وزير الدفاع لويد أوستن تحدث إلى “وزير الدفاع السعودي” الأمير محمد بن سلمان، بهدف وضع العلاقة ضمن سقف وزاري بدلا من التعامل مع ولي العهد والشخص المسؤول فعليا عن إدارة الدولة السعودية بشكل يومي.
وقال بايدن للصحافيين يوم الأربعاء إنه اطّلع على التقرير دون أن يعلّق عليه وسط تساؤلات بشأن خيارات الرئيس الأميركي في التعامل مع الرياض؛ هل سيمضي في خطابه الدعائي ضدها في الحملة الانتخابية؟ أم أن ما بعد الانتخابات غير ما قبلها، وأن واشنطن ستضع مصالحها العليا قبل أي ضابط آخر بما في ذلك موضوع حقوق الإنسان الذي قد لا يتجاوز سقف اعتماده ورقة ضغط؟
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض للصحافيين إن بايدن سيتواصل مع العاهل السعودي فقط، وإن الاستعدادات تجري لنشر تقرير خاشقجي بعد نزع السرية عنه.
وفي حين تقتصر اتصالات بايدن على التواصل مع الملك يتحدث آخرون في إدارة بايدن مع المسؤولين السعوديين على عدّة مستويات.
وتضاعف حجم الحملة الدبلوماسية والإعلامية على السعودية في الولايات المتحدة قُبيل اتصال الرئيس بايدن بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في مسعى يعتقد مراقبون أن الهدف منه تحصيل تنازلات من الرياض في ملفات تريد الإدارة الجديدة في واشنطن أن تحقق فيها نجاحا منذ البداية مثل ملفَّيْ اليمن والنووي الإيراني.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه من المرجح أن تكون المكالمة بين بايدن والملك سلمان مليئة بالمجاملات الدبلوماسية، لكن مسؤولين أميركيين يقولون إن الهدف الحقيقي هو تحذير العاهل السعودي من أن تقرير الاستخبارات سيتم نشره. ومن شأن نشر هذا التقرير أن يؤدي إلى تعقيد العلاقات الأميركية السعودية.
ويعتقد متابعون للشأن السعودي أن تأخير الاتصال بالملك سلمان أسابيعَ من استلام بايدن الرئاسة، والتصريحات الضاغطة الصادرة من شخصيات مختلفة في الإدارة الجديدة، والتسريبات الإعلامية والتقارير الموجهة، كلها محاولات تبتغي دفع الموقف السعودي إلى الارتباك وتقديم التنازلات التي تحتاج إليها إدارة بايدن.
ويرى هؤلاء المتابعون أن السعوديين اكتفوا إلى حد الآن بالتعبير عن الرغبة في التعاون مع الإدارة الجديدة، وخاصة في التوصل إلى حل سياسي في اليمن، لكن ذلك لا يعني التسليم بالأمر الواقع، مشيرين إلى أن الرياض لن تقبل انسحابا من اليمن لا يضمن أمنها القومي، وهو ما سيدفع واشنطن إلى استعمال قنواتها الخلفية لممارسة ضغوط على إيران والحوثيين من أجل تقديم تنازلات متبادلة لضمان عدم اشتعال المعارك مجددا بعد تغير الظروف الحالية.
ولا يُتوقع أن تفضي الضغوط الأميركية في موضوع النووي الإيراني إلى أي تنازلات سعودية بسبب حساسية هذا الملف داخليا، خاصة أن الأمير محمد بن سلمان هو من يقود الموقف السعودي المتشدد تجاه الاتفاق الذي حصل في 2015 بين إيران ومجموعة 5 + 1، ويطالب بأن يضم هذا الاتفاق بنودا إضافية تحد من التمدد الإيراني في المنطقة ومِن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للكثير من الدول.
وتعهد بايدن في حملته الرئاسية عام 2020 بإعادة تقييم العلاقات الأميركية السعودية بما في ذلك ما يتعلق باغتيال خاشقجي. وعلق منذ توليه الرئاسة مبيعات الأسلحة الهجومية التي يمكن أن تستخدمها السعودية في اليمن وعين مبعوثا خاصا لتعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب هناك.
وتزامنت الحملة الرسمية مع تسريبات أخرى لإرباك السعودية والأمير محمد بن سلمان.
ونشرت “سي أن أن” ملخصا لوثائق وصفتها بالسرية تقول إن الطائرتين الخاصتين اللتين استخدمتهما المجموعة المتهمة بقتل خاشقجي كانتا مملوكتين لشركة تعود إلى ولي العهد السعودي.
كما نقلت الشبكة الأميركية ذاتها اعترافا من ويليام بيرنز، مرشح بايدن لرئاسة “سي أي إيه”، بتلقيه هدايا من سفير المملكة العربية في واشنطن، وذلك “في وثيقة طلبت منه إدراج الهدايا التي تلقاها خلال السنوات الخمس الماضية”.
ونشرت “نيويورك تايمز” مقالاً يتحدث عن الوعود التي أطلقها بايدن تجاه علاقته مع السعودية عندما كان مرشحا، وتساءلت عن طبيعة هذه العلاقة في عهد بايدن الذي سبق أن وصفها في أحد خطاباته الانتخابية بـ”المنبوذة”. (العرب اللندنيه)