الأردن بلا نشيد وطنيّ
حين يصير الولاء سلعة وحالة من التكلّف والتسابق غير المبرر وتختزل الوطنية برفع صورة وزامور طويل يوقظ أطفالا وعمّالا يرتمون راحة ليشحنوا همة ليوم عمل جديد وحين يبدأ وكلاء الولاء بتوزيع صكوك الغفران وبقراءة هويات البشر وتصنيفها؛ حينها يكون الزمن قد أُنهك وأصابه الغثيان فلفظهم ليكونوا أدوات هدم وشدّ عكسيّ.
لا أقول ذلك محاكاة للواقع الآن فقط وإنّما أحاكي واقعا متوغلا ومنذ زمن.
ما دفعني لهذا الطرح فكرة إلغاء النشيد الوطني في مدارسنا والتي لا أجد لها مبررا خارج الولاء المصطنع.
بداية أودّ أن اوضح لمن يُعد نفسه مخلصا للملك أنني بهذا القول لا أمس ولاءه أبدا (لأنّي ربما ما عدت احتمل أحجارا تضرب بساحات الوطن وباسم الوطن) وإنما أمسّ سلوكات الولاء وأمسّ خلطا بينه وبين الانتماء،فالولاء يكون من باب الرأي والديمقراطية والانتماء شعور وطنيّ واجب.
قبل عامين تقريبا أراد أحد وزراء التربية الاسبقين أن يثبت ولاءه فقرر إلغاء النشيد الوطنيّ الذي يعمق انتماء الطالب إلى الوطن فأدرج النشيد الملكي كاملا محل نشيد موطني.
هذه الخطوة جاءت لأجل زرع الولاء والانتماء في نفوس وعقول الطلبة في المدارس الحكومية الشعبية طبعا.وهنا أتساءل هل معاني نشيد موطني لا تعمق حبّ الوطن؟
الغريب بالأمر أن معاليه يدرك أنّ المدارس التي تجمع النُخب وتؤهلهم ليكونوا قادة الوطن لا يوجد بها طابورا صباحيا ولا تحيّة للعلم ولا ينشدون لا سلاما ملكيا ولا حتى وطنيا ومع ذلك نجد الثقه بهم عالية ويستحقون تبوء المناصب العليا في الأردن.
إذا وبناء على هذا الواقع المتناقض لا يُعد الوقوف يوميا أمام العلم وأمام السلام الملكي مقياسا للوطنية والولاء ولا حتى الانتماء وإلا لماذا مدارس النخب خارج هذه المنظومة؟ ولا أظنّ أنّ الفقراء والعامة متهمين بضعف الولاء والانتماء.
في حوار قصير مع مجموعة طلاب بإحدى المدارس الموجودة في منطقة تُعد عادة (سياسيا)مركزا للولاء والانتماء كانوا يرفضون غناء النشيد الوطني(موطني) وبعد شرح معاني (موطني) توقفنا عند (ولن نكون للعدى كالعبيد) حينها اندفعت الحناجر تغني الوطن والكرامة والانتماء.
أخيرا فليسمح لي معاليه ووكلاء الولاء ورغم بشاعة صوتي أن أغني نشيد موطني كلّ صباح فبه تعانق وتلامس روحي مشاعري الوطنية حتى وإن كان الأردن بلاء نشيد وطنيّ.