لم نكن في يوم من الأيام أشدّ حاجة الى الانتباه واليقظة مما يمر به الوطن من هذه الأيام، فقد فاحت روائح استهداف الوطن من خارجه لا من داخله لاقدر الله، فقد أثبت الأردنيون وعلى مدى عقود خلت أنهم يعضّون بالنواجذ على مُر عيشهم وقساوة ظرفهم وقلة ذات يدهم، ليس الا ليبقى الوطن آمنا عزيزا محفوظا بيدي أبناءه وبناته الأعزاء.
في السلط الحبيبة حصل مالا يقبله جاهل قبل عاقل، فقد كشف فقدان أحبتنا وأهلنا عن عورة الادارات الفاشلة والمتعاقبة على ثغور ومواقع الدولة الأردنية، ولم يكن هذا ليحصل لو أن بوصلة الوطن كانت أمام ناظري كل مسؤول يتبوأ ثغر من ثغور الوطن، ولم يكن له أن يحصل كما حصل في فاجعات أخرى سابقة لو أن المسائلة الحقيقية فُعّلت بشكل حقيقي، فمن أمن العقاب أساء العمل قبل الأدب.
وفي كل مرة يتجرع الشعب الوفي مرارة ما يحصل، فهذا يفقد عزيزا وذاك يُكلم بغالي وآخر ينجرح بصديق، والكل يتفهم غضبة الناس التي تبعت غضبة قائد الوطن قبل كل الادارات التي لا تأتي الا وقد عاد الحجيج من حجهم، ويتفهم كل الناس مشاعر الاحباط والقلق التي تساور الناس من وضع متردي، ومستقبل ليس في نهاية نفقه او بدايته اي ضوء للعبور منه الى أفق أرحب، فقد أفسد الكثيرون هذا الأمل ولم تكن أجنتدهم الا ذاتية محضة، بعيدة عن مؤشر بوصلة الوطن، فوجهوها باتجاه مصالحهم وأنانيتهم.
أعلنها الملك صريحة واضحة بأن الترهل والواسطة والمحسوبية والفساد قد نخر جسم الدولة، وعندما ينخر الداء الجسم تتناهشه كل الطُفيليات والمتربصات لتأكل منه ماتستطيع، واليوم ونحن نرقُب المشهد مع أهلنا الغاضبين والمحبطين، مطلوب منا الانتباه والحذر من أعداء الخارج الذين يتربصون بالوطن الدوائر، راكبين موجة سقطة الادارات المترهلة، لينقضوا على الوطن عبركم ومن خلالكم، فأنتم تغضبون لوطنكم وهو يغضبون بينكم لخراب الوطن ودماره، فالحذر الحذر والانتباه الانتباه ممن يروجون لانهيار الوطن، فكما حملتموه وحفظتموه على عقود مضت محفوظا بايديكم الطاهرة، لاشك أبدا من توجيه البوصلة بايديكم نحو اتجاهها الصحيح، لندرء الفتنة ونكيد لكل عاد ومعتد، لعل الله بعد ذلك يحدث أمرا، ونجد الضوء الذي نبحث عنه جميعا لنا وللأجيال القادمة في الوطن العزيز.
العميد المتقاعد/ د. محمد سند العكايلة