زاد الاردن الاخباري -
متى تطورت هياكل الدماغ التي تجعلنا بشرا؟ وما علاقة ذلك بفرضية الإنسان أصله قرد؟.. لطالما ظلت هذه الأسئلة محل بحث، لكن دراسة علمية حديثة كشفت أن دماغ الإنسان تطور بعد أكثر من مليون سنة من ظهور الجنس البشري، وحتى ذلك الوقت كانت ما تزال تشبه دماغ القرد.
الدراسة التي نشرتها مجلة العلوم "ساينس" المرموقة، توصلت إلى أن الدماغ البشري لم يصبح على ما هو عليه اليوم قبل 2.5 مليون سنة كما كان يُعتقد سابقا، بل بعد ذلك بكثير، تحديدا قبل 1.7 إلى 1.5 مليون سنة.
وجه الشبه مع القردة
هذه النتيجة توصل إليها عالما الأنثروبولوجيا الأحفورية في جامعة زوريخ السويسرية، مارسيا بونسي دي ليون وكريستوف زوليكوفر بعنوان: "الدماغ البدائي للإنسان الباكر"، تشير إلى أنه كان ما يزال لدى البشر الأوائل أدمغة شبيهة بتلك التي لدى القردة العليا عندما بدأت موجات انتشار هجرة الإنسان الأول من إفريقيا.
وتعليقا على هذه النتائج، يقول أستاذ الحفريات الفقارية في الجامعة الأمريكية وجامعة المنصورة بمصر، الدكتور هشام سلام: "بناء على عمليات إعادة البناء الافتراضية للجماجم الخمسة للإنسان الأول، المحفوظة جيدا من مدينة دمانيسي بدولة جورجيا غرب آسيا، والتي يرجع تاريخها إلى ما بين 1.85 مليون و1.77 مليون سنة، وجدت هذه الدراسة أن هؤلاء الأفراد كان لديهم أدمغة بدائية".
ويضيف سلام في حديث لـسكاي نيوز عربية: "بينت تلك الدراسة أن الفص الجبهي الأمامي المعقد تطور متأخرا نسبيا، ولم يكن ضروريا لانتشار البشر الأوائل خارج إفريقيا، فلقد أظهرت أحافير دمانيسي أنه منذ حوالي 1.8 مليون سنة كان لدى الإنسان الأول دماغ بدائي يشبه دماغ أوسترالوبيثكس والقردة العليا، مما يدل على أن تطور الفص الجبهي الأمامي حدث في فتره بعد تلك التي ساد فيها أحافير دمانيسي، أي منذ تقريبا 1.7 مليون سنه أو أقل".
وعما أضافته هذه الدراسة من جديد يقول سلام: "يقلب هذا الاكتشاف النظرة التي كانت سائدة سابقا، والقائلة بأنّ الفصّ الجبهي لدماغنا (الجزء الذي يعالج المهام المعرفية المعقدة والتفكير الاجتماعي واستعمال الأدوات واللغة) تطوّر أثناء مرحلة الانتقال من أسترالوبيثيكس (القرد الجنوبي وهو جنس من البشراناوية، ويعتبر أول من مشى على الأرض بقدمين أثنين قبل 4.2 مليون سنة) إلى الإنسان، منذ نحو 2.8 – 2.5 مليون سنة".
وعلى هذا يقول عالم الأنثروبولوجيا في جامعة زوريخ السويسرية كريستوف زوليكوفر: "من الآن فصاعدا، بتنا نعلم أن الممثلين الأوائل لجنسنا البشراني في تاريخنا الطويل للتطور كانوا من ذوي القدمين القادرتين على المشي مع دماغ قريب من القردة العليا".
ويضيف زوليكوفر: "النتيجة التي توصلنا إليها كانت مفاجأة كبيرة"، مستنتجا أن "تطور الدماغ لا علاقة له بالقدمين".
دراسة 40 جمجمة قديمة
وتمكن العلماء من التوصل إلى هذه النتيجة، بعد أن درسوا عددا كبيرا من الجماجم المتحجرة من أفريقيا وجورجيا وغاوا بإندونيسيا، ونظرا إلى أن الأدمغة نفسها لا تتحجر فإن الطريقة الوحيدة لمراقبة تطورها كانت دراسة العلامات التي تركتها داخل الجمجمة؛ ولذلك لجأ العلماء إلى إجراء مسح ضوئي للمتحجرات مما مكّنهم من تكوين صورة افتراضية لما كانت تضمه منذ زمن بعيد بطريقة تشبه ملء الجزء الداخلي من قالب.
وعن علاقة هذا بالقردة يوضح سلام: "بعد خطوة التصوير المقطعي لـ40 جمجمة بشرية قديمة، قارن العلماء بنية الأدمغة البدائية أو المبكرة، ببنية عشرات الأدمغة البشرية الحديثة، حيث نظروا إلى الأقارب الحية الأقرب للإنسان وهي القردة العليا (الشمبانزي وقردة البونوبو والغوريلا وإنسان الغاب) جنبا إلى جنب مع البشر المعاصرين، الأمر الذي مكنهم من تحديد مدى البدائية أو التقدم في أدمغة الجماجم البشرية القديمة من خلال مقارنتها بالقردة العليا والقوالب الداخلية للإنسان الحديث".
وتمكن الباحثون من خلال دراسة الجماجم من إفريقيا من أن يكتشفوا أن أقدمها التي يعود تاريخها إلى أكثر من 1.7 مليون سنة كانت لها في الواقع خاصية الفص الأمامي للقردة العليا.
بالإضافة إلى ذلك كشفت المتحجرات الإفريقية التي تعود إلى تاريخ أحدث هو 1.5 مليون سنة عن خصائص أدمغة الإنسان الحديث.