د. سعاد ملكاوي. - إن المطلع على مجريات الأمور في الشارع الأردني يرى بأن استطالة أمد جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات في الحجر المنزلي واستمرار العمل بقانون الدفاع، وعدم القدرة على الحركة والتواصل كما ألفها الناس في السابق، بالإضافة الى عدم وضوح الرؤية بما يتعلق بملف كورونا كل ذلك أدى لتراجع في الوضع النفسي لدى غالبية أفراد الشعب الأردني، وزاد في معدلات القلق والتوتر،ناهيك عن الاكتئاب والخوف والصدمة، لا سيما بعد خسارة العديد لوظائفهم، وإغلاق بعض القطاعات الحيوية و ارتفاع في نسبة البطالة، وتعدد المشكلات الاجتماعية الناجمة عن الوضع الصحي بسبب الجائحة كالعنف المنزلي والاكتئاب وارتفاع معدلات الطلاق وغيرها .
كما ويشعرغالبية أفراد المجتمع الأردني بالإحباط الشديد من المستقبل وخاصةً مع كثرة المعلومات الخاطئة والإخبار المضللة والشائعات بشأن الجائحة والضبابية الشديدة المتعلقة بفترة استمرارها، وكثرة الإجراءات الحكومية بخصوص استمرارية إغلاق بعض المنشئات ذات الصفة الاقتصادية والدينية وتمديد ساعات الحظر اليومي وحظر يوم الجمعة، وكان من نتائج الاستطلاع الأخير الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن بخصوص الآثار النفسية والاجتماعية لأزمة فيروس كورونا بأن أزمة فيروس كورونا تصيب (66٪) من الأردنيين بالقلق والتوتر النفسي، وحظر التجول يتسبب بالقلق والتوتر النفسي لأكثر من ثلث الأردنيين. كما ويعتقد الغالبية العظمى (64%) من المواطنين أن فرض حظر التجول وتعطيل كافة المؤسسات الحكومية والخاصة سيؤدي حتماً الى مشاحنات وخلافات على المستوىين الأسري والاجتماعي.
ما زال المواطن الاردني ينتظر إجراءات حكومية داعمة للشعب ومخففة عنه وخاصةً مع قدوم شهر رمضان المبارك ولكن على ما يبدو بات الانتظار مرآة للياس لا يمكن أن يرى منها بصيص أمل لعودة حياةٍ شبه طبيعية تعيد التفاؤل وتبدد الظلام.لقد دخل الشعب الاردني في حالة نفسية صعبة أدق ما يمكن وصفها بالمتأزمة نتيجة انعدام السلام الداخلي للمواطن بسبب حالة القلق والخوف والارهاق الذهني المستمر نتيجة متابعة القرارات الحكومية في الموجز الإعلامي اليومي الخاص بتطورات الجائحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحيث بات من الصعب التكهن بما سيحدث خلال فترة زمنية قصيرة وإلى ما ستؤول إليه الأمور.
ولعل من العوامل التي تسهم في الدعم النفسي للأفراد بشكلٍ عام خلال أزمة كورونا التقليل من تتبع الأخبار وملاحقتها بخصوص الجائحة، لأن الإكثار من متابعتها يسهم في الوصول للإحباط والاكتئاب، كما يزيد من احتمالات التعرض للشائعات والأخبار غير الدقيقة التي يمكن أن تتلاعب بالنفسيات والمشاعر، لذلك ينبغي الحرص على استقساء المعلومات من المصادر الرسمية الموثوقة بها فقط، وبقدر حاجتنا للمعرفة دون إلإفراط، بالإضافة للتركيز على نشر الأخبار الإيجابية، مثل حالات الشفاء، أو اكتشاف العقاقير والأدوية المساعدة على العلاج والتي تسهم في رفع الروح المعنوية والنفسية للمواطنين، بالإضافة لأهمية التعزيز الصحي والنفسي للمصابين بالمرض والاعتناء بهم بشكل خاص ، والعمل على تخفيف قسوة الحجر من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، وحثهم قدر المستطاع على الصبر والتحمل للخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة .