زاد الاردن الاخباري -
هي السيدة مريم العذراء التي اصطفاها الله تعالى، فتكفل برزقها وهي في المحراب تصلي دون وجود أيِّ وسيط،.. ثم اصطفاها بقدرة كن فيكون فأنجبت المسيح عيسى بن مريم عليه السلام دون أبٍ..
تلك القصة هي قصة العبودية والرزق الذي يباركه الرزاق ذو القوة المتين وذلك موضوع هذه السطور،...
إن هذا العطاء المبارك من الرزق وعلى هذا النحو الذي تفضل به على العذراء مريم في أعلى درجاته دون وسيط يتفضل الله تعالى به كذلك على عباده المتقين، ولكن باتخاذهم الأسباب نحو طلبه، فيبارك لهم فيه لتقواهم ويجود بمنة البركة عليهم على كلٌّ بدرجته ومنزلته وقربه منه تبارك وتعالى..
واللافت - بداية - في قضية الرزق أنها قضية عالمية ودولية وإجتماعية وشخصية،.. فنجد أنَّ الدول تحارب من أجلها، ويقتتل الأفراد كذلك، فيمكرون ويخططون ويكذبون ويخدعون، وعلى هذا النحو تسير قوافل الأمم.
ومع كل ما تقدم من أخلاق فاسدة، وإيعازات شيطانية وأطماع بشرية تبقى مشكلة الرزق هي المشكلة الرئيسية التي يدور في فلكها العالم أجمع دون حل جوهري يُرضي سكان هذا الكوكب العجوز، وذلك إغفالا عن الحكمة التي أوصى بها وقدَّرها الله تعالى لإسعاد عباده وإصلاح قلوبهم،.
إن الحل على الوجه الصحيح والأكمل كما قدَّره الله تعالى مرتبط بمدى تقوى أهل القرى دولاً وأفراداُ لله تعالى.
ومن المؤكَّد أن كلَّ إنسان سوف يتحصل على رزقه كثيراً كان أم قليلاً وليست هذه القضية،.. وإنما تبقى قضيته في هل سيكفيه رزقه.. هل سيغنيه.. هل سيرضيه.. هل سيقضى حاجته!،..
تلك هي المشكلة الحقيقية والتي من أجلها أوجب وألزم الله عباده بتقواه ليفيض عليهم من بركاته فيغنيهم ويكفيهم ويرضيهم إذا ما التزموا باب التقوى..
ومن التقوى ألا نظلم بعضنا بعضا، فهل نحن كذلك!،.. وكذلك من التقوى أن نتكافل وأن نتعاون وأن نساعد أنفسنا، ولا نُسيء الظن بإخواننا لأن بعض الظن إثم،.. ومن التقوى أن تشيع الأمانة بين الناس، وأن يكون حديثهم صدقا ووعدهم حقّا...
هكذا يُمكننا أن ننعمَ ببركة الله فيما رزق، فهل نحن فاعلون، تلك أمنية أرجو أن تكون.
يقول الحق تبارك وتعالى:
( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (96) سورة الأعراف
صدق الله العظيم.
محمد محمد علي جنيدي
m_mohamed_genedy@yahoo.com