زاد الاردن الاخباري -
كتب تحسين التل:- عندما نتحدث عن الرموز ونفرد لهم صفحات مهمة في مواقعنا الالكترونية، أو الصحف الورقية، وننشر عن إنجازاتهم، فذلك لأنهم يستحقون أن نبين للقراء مدى إخلاصهم للوطن، وكم بذلوا من جهد وعطاء موصول خلال عملهم الطويل في خدمة الدولة والمواطن، وبالرغم من أن مئات وآلاف من الموظفين يجلسون في مكاتبهم، ويتمتعون بامتيازات الوظيفة وكأنها من أملاكهم، ومما ورثوه عن الآباء والأجداد، نجد أن كثير من الموظفين عملوا بصمت دون ضجة، أو لفت نظر، ودون أن يتركوا وراءهم إلا العمل الطيب المخلص لله والوطن.
المهندس مروان التل من هذه الفئة، عمل بصمت وكانت إنجازاته تتحدث عنه في كل المواقع القيادية التي تسلمها حتى إحالته الى التقاعد، كان يمكن أن يستمر في العطاء، والعمل، والإنجاز، لكنه فضل أن يترك الساحة كغيره من أبناء الوطن للشباب، وفي ذات الوقت لم يبخل على الجيل الحالي بالنصيحة والمشورة دون أن ينتظر من يكرمه كما يفعل البعض ممن ينتظرون تحقيق المكاسب الآنية التي تزول بزوال الفعل.
المهندس مروان خلف التل هو أحد أبناء المرحوم خلف أحمد التل (أبو قدري)، رئيس بلدية إربد من عام (1942 ولغاية عام 1950)، فبالإضافة الى المهندس مروان، له من الأبناء: الدكتور صفوان خلف التل، مدير عام دائرة الآثار العامة السابق، ورئيس هيئة اعتماد الجامعات الأردنية في وزارة التعليم العالي سابقاً، والمرحوم السفير السابق في وزارة الخارجية وفي إسبانيا وعمان.
ولد المرحوم خلف التل في إربد عام (1898)، وهو شقيق الشيخ عبد القادر أحمد التل رئيس بلدية إربد، والنائب ورئيس مجلس النواب في عهد الإمارة والمملكة، وشقيق المرحوم عارف أحمد التل وشقيق المرحوم محمود أحمد التل، تخرج خلف التل من مدرسة عنبر في عهد الرئيس أديب الشيشكلي، وكانت عنبر تُعد بمثابة جامعة أو كلية في ذلك الزمن، ويمكن من خلال شهادتها المعترف بها في جميع أنحاء العالم أن يعمل موظفاً في الدولة، ومن زملاء المرحوم خلف التل في دمشق كان المرحوم الدكتور صبحي أبو غنيمة.
بعد تخريجه من عنبر عمل في وزارة الداخلية قائم مقام، ثم عينته وزارة الداخلية رئيساً لبلدية إربد من عام (1942 - 1950)، ومن إنجازاته إنشاء سوق إربد الكبير، وتوسيع حدود مدينة إربد، وضم العديد من القرى، وفتح الكثير من الشوارع الفرعية والزراعية.
كان المرحوم خلف أحمد التل تربطه علاقة بالمغفور له الملك عبد الله بن الحسين وكان يزوره في إربد ليلتقي مع زعماء ووجهاء ومشايخ المدينة في منزله، ومن ضمن الزيارات المهمة؛ زار الملك المؤسس بلدية إربد في الخمسينات ليطلع على حجم الإنجازات في عهد المرحوم خلف التل.
توفي خلف التل عام (1959) عن عمر ناهز إثنان وستين عاماً، وترك خلفه أبناء لهم من الإنجازات ما لا يمكن أن يغفل عنها الدارس لطبيعة تركيب العشائر الأردنية وما قدمته للصالح العام، ومن الذين تفتخر بإنجازاتهم كما ذكرنا سابقاً المهندس مروان خلف التل.
هو مروان خلف أحمد بن مرعي بن حسن بن حسين بن ملحم التل، والمرحوم ملحم له أربعة أبناء تعود إليهم تركيبة العشيرة، أي؛ الجدود الأربعة لعشيرة التل، وهم: حسن، وحسين، وعبد الرحمن، وعبد الرحيم، كما ورد في مذكرات المحامي صالح مصطفى اليوسف التل التي كتبها بخط يده، وكنت ذكرت في تقرير سابق عن المرحوم صالح المصطفى أنه كان يكتب تاريخ المدينة يوماً بيوم ولمدة أربعون سنة، وجاء على ذكر الجدود الأربعة التي انحدرت منهم عشيرة التل قاطبة والى يومنا هذا.
كتب المهندس مروان التل عشرات المقالات والتقارير الصحفية التي تتحدث عن أزمة المياه في الأردن، ومن أهم مقالاته كان بعنوان: نهر الأردن وتأثيره على الحياة البيئية، وقد نشر في العديد من الصحف الورقية كغيره من المقالات والتقارير المهمة.
وقد أكد المهندس التل على أن إسرائيل نجحت في تقليص مساحة المشروع من ضفاف نهر الأردن، بإدخال مشاريعها الصناعية لداخل مناطقها، ومستعمراتها، بما يقارب واحد كيلو متر، وذلك لتلافي الملوثات الصناعية، والاستفادة من حوض نهر الأردن لمشاريعها الخاصة، الصناعية، والزراعية، والمحميات الطبيعية، داخل حدودها، مما أدى الى زيادة كميات المياه المتدفقة من نهري الأردن، واليرموك، لمشاريعها الإستيطانية.
وقال إن كمية المياه التي تغذي المملكة انخفضت سنوياً بمعدل (1300) الى (2300) مليون متر مكعب، دون التزامها بالقوانين والمعاهدات الدولية، مما أثر سلباً على منطقة الأغوار، وتهجير السكان، وقتل الزراعة، وانخفاض النمو التجاري والإقتصادي للأردن.
وأكد بأن كميات مياه نهر الأردن التي تصب في البحر الميت تناقصت حوالي (520) مليون متر مكعب مما زاد في انخفاض منسوب البحر الميت ما يقارب المتر سنوياً، وانخفض المنسوب من (421) متراً الى حوالي (370) متراً منذ عام (1974)، وزادت نسبة ملوحة البحر الميت بشكل كبير بعد استغلال إسرائيل واستخراجها أملاح البوتاسيوم، واليود، والمغنيسيوم، وكثير من المعادن الموجودة في البحر، واستخدام طريقة الغسل وطرح الأملاح في المناطق الزراعية مما أدى الى تدمير الزراعة في المنطقة.
وقال المهندس التل إن أموراً كثيرة أدت الى انخفاض البحر الى أعماق خطيرة، قد تسبب تحركات التجويف البحري الى حدوث زلازل يمكن أن تدمر المنطقة بمساحة تقدر بنحو (1350) كيلو متر.
ويقول التل: لابد من إعادة النظر في كافة المعاهدات والإتفاقيات بين كافة الأطراف، للدول المشتركة للأحواض المائية، والجوفية، إن كان ذلك مع إسرائيل أو سوريا أو لبنان، أما كمية المياه التي يستهلكها الفرد الإسرائيلي فتبلغ نسبتها أضعاف ما يستهلكه المواطن الأردني والعربي بشكل عام.
من هذا المنطلق نناشد الحكومات الأردنية الإنتباه لمشكلة المياه المتفاقمة بسبب استغلال إسرائيل لكل مصادر المياه السطحية أو الأنهار أو المياه الجوفية، والسعي نحو حفر آبار جوفية لاستخراج المياه، وبناء سدود جديدة لاستيعاب مياه الأمطار، فالمرحلة القادمة ستكون خطيرة جداً إذا لم نتدارك الأمر، ونوفر احتياجاتنا من المياه.