زاد الاردن الاخباري -
طلال غنيمات – فيما يجري التركيز على الحديث عن الإصلاح السياسي والاقتصادي، ثمة من يرى حاجة وضرورة، للتركيز أيضا على الاصلاح الاجتماعي، نتيجة التحولات التي طرأت وانعكست على فهم وسلوك الكثيرين في المجتمع، وتعد مخالفة للقيم والعادات والتقاليد التي نشأ عليها المجتمع.
ذلك التحول، يتجلى في حيثيات التعامل بين الناس بشكل عام الذي لم يعد قائما على المعايير والمفاهيم الأخلاقية، وكذلك في مدى اتساع رقعة الجرائم وطرق ارتكابها، وما إلى ذلك من سلوكيات سلبية لم تكن سائدة أو منتشرة قبلا، مع التأكيد هنا أن ذلك وبلا أدنى شك، لا ينطبق على الكل، إذ إن كثيرين في المقابل، يتمسكون بالقيم الحميدة، ويتعاملون مع الآخرين، وفق منظومة أخلاقية سليمة.
حول ذلك يقول خبير علم الاجتماع حسين الخزاعي لـ”الغد”، “إن هناك انهيارا متسارعا لبعض القيم النبيلة التي كان يتميز بها المجتمع الأردني بكل مكوناته، والمتمثلة بقيم مثل الصبر، التكافل، التعاون، التعاضد، الاحترام، المسؤولية الاجتماعية، المشاركة، التسامح، التدين، والأمانة، والتي حلت مكانها للأسف القيم المادية، والمتمثلة بالكسب السريع، شهادة الزور، المصلحة الشخصية، التباهي الكاذب، النفاق، التلون، تبديل المواقف حسب الزمان والمكان، العزلة السلبية، عدم الأهتمام، واللامبالاة”.
وأكد “أن هذه القيم التي تفشت عند بعضهم في المجتمع، سببها البعد عن الدين، والعادات والتقاليد والقيم، والاندماج بالثقافة الاستهلاكية، والتأثر بقيم سلبية من المجتمعات الغربية، بالإضافة إلى الفقر والبطالة، والخوف وعدم المساندة الاجتماعية، وحرص كل فرد في المجتمع على إشباع حاجاته ومستلزماته، ومواجهة الضغوطات، والأعباء الاجتماعية والاقتصادية”.
وأضاف الخزاعي، “هذه القيم استهلاكية تتفشى في المجتمع، اذ أصبح للصديق والقريب والمعارف، (تاريخ صلاحية)، ويتخذ المواقف بدون تجارب، وغياب النصح والإرشاد، والتوجيه من الآخرين، وردات الفعل لبعض المواقف التي تصدر عن الآخرين”.
ووفق الخزاعي، “للأسف، هذه القيم أصبحت تتفشى في بيئة العمل، وعند الأصدقاء والمعارف والأقارب، بسبب سلوكيات سلبية يمارسها أفراد في المجتمع، بخاصة الغدر وسوء الائتمان، وعدم التكاتف والمحبة بين الناس، وانتشار قيم المصالح قبل المواقف”.
من جهته، يقول عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة مؤتة حسين محادين، لـ”الغد”، “لا بد من البدء من السمات الثقافية للمجتمع، فالكثير من الأهل لا يزودون أبناءهم بمهارات الحوار، ونجدهم غالبا ينوبون عن الأبناء، وأحيانا لا يستشيرونهم في مواضيع كثيرة تخص تفاصيل الحياة، كما يحرم الفتية والشاب اليافع، من حرية الاختيار والمناقشة”.
وأكد محادين، “هناك من يعمل مثلا على تنشئة الأبناء على أخذ الحق باليد دون اللجوء إلى الوعي أو القانون، ودون مراعاة لأسس التعامل مع الآخرين”، مشيرا إلى أن “البيئة، وأنماط التنشئة الاجتماعية، تؤثر في بناء شخصياتنا، مع التذكير بأننا بيئة اجتماعية تقوم في جزء منها على العنف والمغالبة”.
ويؤيدهما بذلك استاذ القانون بالجامعة الاردنية محمد المعاقبة الذي يرى ان الاصلاح الاجتماعي يجب ان يؤخذ أولوية على الاصلاح السياسي، لافتا الى ان هناك قيما فقدها المجتمع، يجب ان نستعيدها ونحصن المجتمع، بالاخلاق والعادات والتقاليد التي تنبذ المناطقية وتستند على معاملة الآخرين وفق سلوكياتهم بعيدا عن أي اعتبارات.
واشار الى ان الاصلاح السياسي، يجب ان يوضع له استراتجيات وخطط تضمن بقاءه وتطويره بناء على عدة معطيات، ابرزها (تقبل رأي الآخر، تغليب لغة الحوار، الانتماء للوطن وليس للمنطقة او العشيرة).
واشار الى ضرورة ان تتدخل عدة جهات في الدولة، لدعم الاصلاح الاجتماعي منها المسجد والمدرسة والاسرة والجوار والاقارب، لاستعادة بعض القيم التي فقدناها تحديدا خلال جائحة كورونا .الغد