زاد الاردن الاخباري -
بموازاة مواجهات ميدانية مع قوات الاحتلال ومستوطنين إسرائيليين، في مدينة القدس منذ بداية شهر رمضان المبارك، يخوض الفلسطينيون معركة أخرى شرسة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ورغم انحياز تلك الشبكات ضد المحتوى الفلسطيني ومحاربته، وفق جهات مختصة، إلا أن صورا ومقاطع مصورة عديدة لصمود أهالي القدس صارت أيقونات بارزة حُفرت في الذاكرة ويتداولها رواد في تلك الشبكات على مستوى العالم.
فمثلا، مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من ساحة "باب العامود" وإزالة سواتره الحديدية، في 25 أبريل/نيسان الماضي، احتشد مئات الفلسطينيين يرددون أغانٍ شعبية وطنية محتفلين بـ"الانتصار"، في صورة يقول مراقبون إنها دفعت القوات الإسرائيلية إلى مهاجمة المحتفلين، في محاولة يائسة لرد اعتبارها.
** ابتسامات رغم الاعتقال
وفي مشاهد صمود أخرى متكررة، تداول رواد على شبكات التواصل صورا لفلسطينيين معتقلين وأيديهم مكبلة بالقيود وهم يتبسمون وسط حشد من جنود إسرائيليين، غير آبهين بما ينتظرهم خلف قضبان سجون الاحتلال.
ويرصد مقطع مصور محاولة شباب فلسطينيين اجتياز نقطة عسكرية إسرائيلية في منطقة باب العامود، للمضي في طريقهم نحو المسجد الأقصى.
ومع فشل المحاولة، رفعوا أحدهم على الأكتاف وألقوا به خلف الجنود، على أمل أن يتمكن من استكمال طريقه إلى أولى القبلتين.
وفي وقت لاحق، اعتقل جنود إسرائيليون هذا الشاب ويدعى "إبراهيم الصوص"، ثم جرى إطلاق سراحه، شريطة إبعاده عن المسجد الأقصى لمدة شهر.
ومن المشاهد المتداولة أيضا إصرار فتى فلسطيني على تجاوز تجمع لجنود، وبعد خطوات من تجاوزهم التفت إليهم وضرب أحدهم بعبوة ماء كان يحملها.
** شاب فقد عينيه
ولعل الصورة الأكثر تأثيرا هي تلك المتداولة لشاب فلسطيني من مدينة جنين وهو ذاهب لأداء الصلاة في الأقصى، لكن الرصاص الإسرائيلي أفقده عينيه.
كما تداول نشطاء مقطعا مصورا لشباب يحملون مسنة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة، وهم يتجاوزون حواجز إسرائيلية بهدف إيصالها إلى الأقصى لإحياء ليلة القدر (ليلة 27 رمضان) .
** ولو على عكازين..
ومن المشاهد البارزة أيضا تسجيل مصور لمسن مقدسي يتكئ على عكازين ويقف وجها لوجه أمام مستوطن يقوم بتصويره بهاتفه النقال.
وفي مشهد اعتُبر الشرارة التي أطلقت مواجهات الجمعة والسبت في حي "الشيخ جراح" بالقدس، رش مستوطن إسرائيلي، الخميس، غاز الفلفل على مجموعة من أصحاب البيوت الفلسطينية المهددة بالإخلاء والمتضامنين معهم، خلال تناولهم طعام الإفطار.
وانتشر تسجيل مصور لاشتباك مع مستوطنين إسرائيليين في خيمة مقابلة لخيمة الإفطار، وحدث تبادل لإلقاء الكراسي وأدوات الطعام.
** أين لعبتي؟
وفي مقطع مصور آخر، يُسمع صوت طفلة فلسطينية تطلب من والدها "جهاد قوس" أن يخبرها بمكان لعبتها: "بابا وين لعبتي اللي لونها أبيض؟".
هذا السؤال البريء من الطفلة تزامن مع اعتقال جنود إسرائيليين لوالدها وتقييده.
كما انتشر مقطع مصور لطفل فلسطيني يركض في أسواق القدس العتيقة، هربا من الرصاص الإسرائيلي ووابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع.
** سيدات في المواجهة
وعلى نطاق واسع، تداول رواد في شبكات صورة لسيدة فلسطينية يقطر وجهها دما، بعد إصابتها خلال مواجهات في منطقة باب العامود، السبت، بينما يقوم شابان بمساعدتها على المشي.
كما انتشر مقطع مصور لفتاة فلسطينية تحاول تخليص شاب من بين جنود إسرائيليين عند باب العامود، لكنها لم تفلح.
** دعم بسيارات خاصة
وعصر السبت كانت القدس على موعد مع حدث بارز عَكَس صمود أهل المدينة المحتلة، عندما أغلق الجيش الإسرائيلي شارعا رئيسا تسلكه حافلات المصلين القادمة من المدن العربية شمالي إسرائيل.
ولدى منع الحافلات من المضي في طريقها، ترجل الركاب سيرا على الأقدام، وما هي إلا دقائق حتى هب الكثير من أهالي القدس لنقل الركاب بسياراتهم الخاصة، ما تسبب في ازدحام شديد وتكدس مئات السيارات والحافلات، فاضطرت شرطة الاحتلال إلى التراجع وإطلاق الحافلات.
** استهداف المحتوى الفلسطيني
ورغم انحياز شبكات التواصل وحجبها وسوما تدعم القدس وحي الشيخ جراح، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، موقع "فيسبوك"، معتبرا أنه لا يفعل ما يكفي لوقف ما سماه "التحريض".
والخميس، قال "صدى سوشال"، في بيان، إن إدارة موقع "تويتر" أغلقت عشرات الحسابات التي نشرت أو تعاطفت مع أهالي حي "الشيخ جراح" في القدس.
و"صدى سوشال" هو مركز فلسطيني غير حكومي مهتم بتوثيق الانتهاكات بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني.
ومنذ بداية شهر رمضان، في 13 أبريل/ نيسان الماضي، تشهد القدس اعتداءات متصاعدة من جانب قوات الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين، خاصة في منطقة "باب العامود" وحي "الشيخ جراح".
ومساء الجمعة والسبت، أسفرت اعتداءات إسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى والقدس عامة عن إصابة نحو 300 شخص، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ويشكو الفلسطينيون من عمليات إسرائيلية مكثفة ومستمرة لطمس هوية القدس و"تهويدها"، حيث تزعم إسرائيل أن المدينة، بشطريها الغربي والشرقي، "عاصمة موحدة وأبدية لها".
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1981.