زاد الاردن الاخباري -
برزت مفارقات أمنية بالجملة في الشوارع الأردنية بعد ليلة ساخنة من الاعتصامات والتظاهرات، اجتاحت العديد من المدن والمحافظات الأردنية.
وبدا مشهد دوريات الشرطة وهي تحاول التدقيق بتصاريح العبور في بعض الشوارع والأحياء الراقية بعمان الغربية فقط مثيرا للتساؤلات حول صمود حظر التجول الليلي مع تكاثر وتعدد المسيرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية في نحو عشر محافظات أردنية على الأقل، في ليلة تضامنية منسقة وتلقائية بنفس الوقت مع القدس وأهلها وقطاع غزة والمقاومة الفلسطينية.
وظهرت دوريات شرطة توقف السيارات العابرة القليلة في شوارع عمان الغربية في مساحات الأحياء الشعبية والساحات العامة، فيما المحافظات تسهر اعتصاما في إطار الاحتجاج حتى الفجر في ظاهرة جديدة كسرت قيود حظر التجول لأغراض التضامن مع القضية الفلسطينية، وأظهرت ضعف المبادرة عند الجهات الأمنية المختصة في السيطرة على صمود وبقاء حظر التجول لأسباب صحية.
لكن يبدو أن تناغم الموقف الشعبي مع الموقف الرسمي، كان أساسا في جنوح غالبية ساحقة من الشوارع الأردنية لكسر قيود الحظر لأسباب صحية، والوقوف في الشارع وترديد الهتافات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، والضغط على الحكومة أيضا بالشعار والهتاف واللافتة والبيان، لاتخاذ إجراءات مباشرة ضد العدو الإسرائيلي، أقلها كما فهم من غالبية المعترضين طرد السفير الإسرائيلي من عمان واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب وإعلان القطيعة. لا بل بعض الآراء طالبت بإعلان إلغاء اتفاقية وادي عربة وفورا ضمن حالة التعاطف مع الدم الفلسطيني.
بوضوح ازداد رصيد المقاومة الفلسطينية في الشارع الأردني وهتفت حناجر آلاف الأردنيين لكتائب القسام في مظهر نادر الحصول.
وبدا أيضا أن حظر التجول الليلي بعد الإفطار عشية عيد الفطر السعيد لم يستطع الصمود إزاء إصرار المئات من النشطاء الأردنيين وفي مختلف مدن ومحافظات المملكة وليس في المخيمات فقط، على الخروج للشارع تضامنا مع قضية القدس في ليلة كان قد سهر فيها في الميادين العامة آلاف من الأردنيين.
وخرجت مسيرات ووقفات احتجاجية في معظم المحافظات الأردنية.
وبدا لافتا أن مسيرة ضخمة في مدينة الطفيلة رددت هتافا واحدا تضامنا مع القدس وبعنوان “من الطفيلة الأردنية إلى فلسطين الأبية” وشوهد آلاف الأردنيين أيضا في وسط مدينة معان جنوبي الصحراء الأردنية في ترديد عفوي للأغاني والأناشيد الخاصة بمرحلة العمل الفدائي الفلسطيني.
وتجمع آلاف الأردنيين في مسيرة منظمة جدا، أشعلت الشموع وأضواء الخلويات ورددت هتافات الموت لإسرائيل، وطالبت بوقف عملية التطبيع في مدينة إربد شمالي المملكة فيما شهدت مدينة مادبا وقفة رفعت فيها إشارة النصر الفلسطينية العفوية مع هتافات لأطفال الحجارة.
وكانت وقفة احتجاجية لليوم الرابع على التوالي قد استمرت في حي الرابية قبالة مقر مكاتب السفارة الإسرائيلية في عمان العاصمة، وسط حالة احتجاج عفوية في الشارع الأردني، وشهدت مدن المفرق والكرك والرصيفة والزرقاء أيضا تجمعات وفعاليات تندد بإسرائيل وباتفاقية السلام معها فيما أعلن التيار الإسلامي عن تجمع شعبي إضافي بعد صلاة العصر اليوم الأربعاء قبل 24 ساعة من العيد أمام مسجد الكالوتي في عمان الغربية بالقرب من مقر السفارة الإسرائيلية.
ويبدو عموما مع توسع الاعتداءات بطبيعتها العسكرية على قطاع غزة، أن تفاعلات الشارع الأردني في طريقها للضغط بشدة على مؤسسات القرار الأردني بهدف اتخاذ خطوات تصعيدية.
ولم تعرف بعد طبيعة الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة الأردنية ليس في إطار التضامن مع الشعب الفلسطيني ولا مع ما يحصل في القدس وقطاع غزة، لا بل مع عشرات الآلاف من حناجر المواطنين الأردنيين التي تطالب بطرد السفير على الأقل وتنتقد الحكومة بصوت مرتفع وبهتافات متعددة لأنها لم تتخذ بعد الخطوات التي تنسجم ليس فقط مع مطالب الشارع الأردني والشعب ولكن أيضا مع مصالح الدولة الأردنية.
وتنمو وتزيد مساحة التضامن الشعبي أردنيا مع تطورات الأحداث في الأرض المحتلة، ويسهر الملايين من الأردنيين حتى الفجر في متابعة الأخبار وتداول عشرات الآلاف من مقاطع الفيديو والرسائل وآخر المستجدات، فيما بدأت المقاومة الفلسطينية تحظى بمكانة متقدمة في وجدان الشارع الأردني، وانتقلت المسيرات والاعتصامات بصورة عفوية إلى المحافظات وإلى الواجهات التي توجد فيها شرائح اجتماعية مثل العشائر والقبائل الأردنية في جملة تضامنية وحدوية تتفق على الهوية العربية لمدينة القدس.