زاد الاردن الاخباري -
دعت صحيفة /يديعوت أحرونوت/ العبرية، في افتتاحيتها الخميس (4/2)، إلى إحياء "الخيار الأردني"، والذي يتضمن إعادة مسؤولية الضفة الغربية إلى الأردن، معتبرة أن قطاع غزة عملياً "يعود إلى مصر أكثر مما يعود إلى إسرائيل"، حسب قولها.
وذكر الكاتب الإسرائيلي جي باخور في افتتاحية الصحيفة: "مثلما هو واضح اليوم للجميع؛ فإن غزة تعود إلى مصر أكثر مما هي تعود لإسرائيل، حيث يغلق المصريون الأنفاق بسور من الفولاذ ويفتحون رفح"، موضحاً أنه "حان الوقت للمرحلة التالية في فك ارتباط إسرائيل عن مشاكلها العضال التي تثقل عليها كالأثقال، حيث يجب أن يعود الأردن إلى دوره التاريخي في شؤون ضفته الغربية"، على حد تعبيره.
وقال باخون: "الأردنيون يصرخون في كل زاوية في العالم بأنه يجب التقدم في المسيرة الفلسطينية"، موضحاً "إذا كان الأمر كذلك فمن يطلب بلطف، ينفذ بلطف، حان الوقت لأن يتجندوا هم أيضا إلى القضية".
وأضاف "حان الوقت لان تكف إسرائيل عن تنفيذ العمل الأسود نيابة عن الأردنيين، مثلما كفت عن عمله نيابة عن المصريين، بالضبط مثلما عادت المسؤولية عن غزة، عمليا، إلى يد مصر؛ فان المسؤولية عن الضفة الغربية يجب أن تعود إلى الضفة الشرقية وما يقررون عمله في الضفتين – يصبح شأنهم الداخلي"، وفق قوله
ياسر أبو هلالة في "الغد": إنه إعلان حرب على الأردن فماذا تفعلون ؟
ما جاء في افتتاحية يديعوت أحرنوت الخميس الماضي تحت عنوان "فك ارتباط: لنعِد الى الأردن المسؤولية" بقلم غي بخور هو إعلان حرب على الأردن، وخطورته أنه يعبر عن مزاج رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لا عن رأي كاتب متطرف أو سياسي على الهامش. وهو لا يتطلب "هبة إعلامية" للرد على "الأسطوانات المشروخة" بل يستدعي النفير العام للدفاع عن البلاد.
فالضفة ليست غزة والأردن ليس مصر، أبناء قطاع غزة يذوبون في حي شبرا، ولا يعنون شيئا في التركيبة السياسية المصرية، أما تهجير أبناء الضفة الغربية إلى الأردن فهو تطبيق واقعي لنظرية الوطن البديل، وسيصبح الأردن الوطن الطبيعي للفلسطينيين.
بندم يتحدث الكاتب عن الماضي والحاضر في علاقة الضفتين ويدعو إلى "فتح المعبر أمام علاقة أردنية – فلسطينية حرة ما يخلق تفاعلا منعناه حتى اليوم خطأ. اليوم، في معبر اللنبي يوجد الجيش الاسرائيلي، الذي يغلق، يحرس، يحقق ويفحص. كل فلسطيني يعود يخضع للرقابة الاسرائيلية الشديدة. بعد الخطوة المقترحة هنا لن يكون هناك رقابة اسرائيلية على الاطلاق، الأمر الذي لا بد سيفرح الاردنيون والفلسطينيون برؤيته، والعبء الامني، وكذا المسؤولية الدولية، ستلقى على عاتق الاردن". لن يكون للأردن دبابة في الضفة فهذا قد يهدد المحتلين مستقبلا، حضور أمني، وتحت إشراف جنرال دايتون أو من يخلفه!
بصفاقة يفصّل الكاتب في السيناريو المستقبلي: "كيف يمكن لاسرائيل أن تنفذ هذا؟ بفتح معبر اللنبي لعلاقة أردنية – فلسطينية مباشرة، من دون تدخل اسرائيلي. في اللحظة التي يحصل فيها هذا، فان المسؤولية الامنية والسياسية ستقع بأسرها على كاهل الأردنيين، الامر الذي اعفيناهم منه على مدى ثلاثة عقود ونصف. صحيح، من شأن الأمر أن يجلب الإرهاب، ولكن نحن نعرف كيف نعالج الإرهاب، مثلما أثبت الجيش الاسرائيلي قبل سنة في رصاص مصبوب حين حطم حماس وبنى ردعا لعشرات السنين. يوجد اليوم ايضا جدار الفصل".
حسنا لنبدأ بطرح عطاء لجدار فولاذي بطول 500 كيلومتر يمر بالبحرين الميت والأحمر، ولننزع الجنسيات عن كل من هو من أصل فلسطيني، ولنحول مخيمات الأردن كمخيمات لبنان خصوصا أن الكاتب يتحدث عن "دولة فلسطينية صغيرة لن تكون قابلة للحياة، الا اذا كان لها اتصال مباشر وواضح مع الاردن، الذي يوجد فيه على أي حال، أغلبية فلسطينية متماسكة".
يوجد عندنا مجانين يفكرون هكذا، والحرب الإسرائيلية القائمة والقادمة تتطلب تعقلا وحكمة كأي حرب مثلما تتطلب شجاعة وشدة. بمعزل عن الكلام الرسمي لا يوجد سلام مع دولة العدوان، توجد حرب باردة، لا تقل خطورة عن الحرب الساخنة. تستهدف الوجود لا الحدود. ولا توجد دولة في العالم تقبل أن تظل تحت التهديد.
الإسرائيليون يريدون أن يحاربوا الأردن بالفلسطينيين. والحل أن نحاربهم نحن والفلسطينيون. والأميركيون لن يهبوا للدفاع عنا على أهمية التحالف الاستراتيجي معهم. ومدى نفوذهم على الإسرائيليين محدود جدا. والعكس هو الصحيح، لكن لا بد أن يتحملوا مسؤولياتهم كحلفاء. ولنا أن نسأل عن تحرك وزارة خارجيتنا وسفارتنا في واشنطن في ظل هذه التهديدات؟
من أبسط الردود وأولها استقبال قادة حماس، الذين لم يملّوا من إرسال رسائل الغزل سواء من غزة أو دمشق، مقابل الصد التام على جميع المستويات. لا يعني هذا الانقلاب على السلطة وأبو مازن بل توسيع الشراكة مع الفلسطينيين.
بمنطق نتنياهو نفسه، ليفتح جسر الشيخ حسين لعودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم، وليتعاملوا مباشرة مع العصابات التي شردتهم، ولا داعي أن يتحمل الأردن عبء التعامل مع قضيتهم .
من دون مبالغة؛ يستطيع الأردن أن يفتح أبواب جهنم على الإسرائيليين إن فتح الجسر. وهم يعرفون جيدا أن الآلاف الذين وصلوا العراق وأفغانستان والشيشان يتوقون إلى يوم تراق فيه الدماء دون أولى القبلتين. فالجسر يفتح باتجاهين لا باتجاه واحد.
محمد أبو رمان في "الغد": من يجيب عن هذا السؤال؟
"الحاجة إلى تجديد الدماء" هو تفسير رئيس الوزراء (في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف اليومية) لحملة التغييرات الواسعة في المواقع الأولى والثانية من المؤسسات الرسمية، وشبه الرسمية.
لن يفيد تجديد الدماء في الأسماء ما لم تجدد رؤية الدولة للتحديات والتهديدات، والصيغ التي تحكم المعادلات السياسية، وتتوضّح للرأي العام، وإلاّ لن يقبل المواطنون التضحية وتمرير "القرارات غير الشعبية"، التي يجري الحديث عنها، وهم لا يعرفون إلى الآن ما هو "الثمن المطلوب"، ومن سيدفعه ولماذا؟
بل أزعم أنّ هنالك وزراء "يتحزّرون"، فيما بينهم، مصير ملفات حسّاسة وحيوية، ويخشون أموراً قد لا تبدو لهم على أجندة الرئيس المعلنة!
أمس صرّح مصدر مسؤول لـ"الغد" أنّ الحكومة تدرس رفع اسطوانة الغاز إلى عشرة دنانير، مع بداية نيسان المقبل (إذ إنّ هذا من الأسس التي أقرت عليها موازنة 2010!)، وهنالك تسريبات متزايدة عن رفع سعر الكهرباء، وإزالة الدعم عن سلع أخرى، وهي قضايا حسّاسة تمس الأمن اليومي لشريحة واسعة من المواطنين الذين يجدون صعوبة بالغة في التكيف مع الظروف الحالية، ما يهدد أيضاً مصير الطبقة الوسطى التي تشكل صمام أمان اجتماعي وسياسي وأمني.
هذه القرارات تأتي بأسلوب الصعقات على غالبية المواطنين، في الوقت الذي ترتفع عليهم كلفة الحياة اليومية، ويغرقون في بحور الضرائب، بينما رواتب الموظفين الكبار في الدولة وأمانة عمان والمؤسسات المستقلة (التي تدور في فلك الدولة) ترتفع بصورة مضاعفة.
سياسياً، لا يبدو الوضع أفضل، بخاصة على صعيد رهاناتنا الخارجية. فبالأمس، صدّرت صحيفة يديعوت أحرنوت افتتاحيتها بالمطالبة بإعادة الضفة (المقصود: كتل سكانية مع الاحتفاظ بمساحة واسعة من الأراضي والمستوطنات) إلى الأردن، بأي صيغة كانت.
أليس ذلك ما كنا نتحدث عنه منذ فترة طويلة، وخرجت "جوقة" الحكومة الإعلامية، حينها، تتحدث عن "الكتّاب المارقين"، الذين يخترعون هذه الأوهام لتضليل الرأي العام وترهيبه؟!
الآن؛ هل تخبرنا الحكومة الموقّرة عن رؤيتها الاستراتيجية في التعامل مع هذه التهديدات الحقيقية، التي لم تعد "إشاعات"، في الوقت الذي ترفع الإدارة الأميركية يديها، وتنسد أفاق التسوية السلمية؟!
أليس الموقف المعلن، الصلب، الصارم لـ"مطبخ القرار" من المشروع الصهيوني على حساب الأردن وفلسطين، يتطلب إعادة النظر في الرهانات السياسية والاصطفافات أو على الأقل توسيع هامش المناورة وسلة الخيارات؟!
ألم يحن الوقت لإعادة التفكير بصورة جدّية بالمنظور الهشّ الذي يحكم ملف الإصلاح السياسي وتجديد صيغة العلاقة مع "الجبهة الداخلية" لمواجهة تلك الاستحقاقات الكبرى، داخلياً وخارجياً؟!
تلك أسئلة وتساؤلات وقضايا حسّاسة وحيوية تتعلّق بمستقبل البلاد والرؤية التي تحكم السياسات الداخلية والخارجية، ومن أبسط حقوق المواطنين والنخب والجميع، أن تبدو لنا الصورة أوضح ونعرف كيف تفكر الحكومة وإلى أين نسير جميعاً؟ فيكون ذلك موضوع حوار ونقاش، لا محلا للإشاعات والأحجيات والتكهنات!
(قدس برس + الغد)