زاد الاردن الاخباري -
بذاكرة الأكاديميين الاردنيين ذكرى طيبة لوزير التعليم العالي د. محمد ابو قديس على صعيد الإدارة، بسنوات خلت من خلال رئاسة جامعة اليرموك، وأمانة الوزارة كامين عام لها وغيرهما من مناصب ، ولدت ارتياحا نسبيا لدى صدور الارادة الملكية بتعيينه وزيرا على رأس مؤسسة إدارة ورعاية التعليم العالي ، وبوقت عانت منه الجامعات من ارهاصات إدارية بعضها وان حمل لتداعيات الجائحة، لكن حقيقة الأمر أن علامات الفشل الإداري كانت بادية ومكشوفة بمسيرة الكثير من الجامعات وبقضايا مالية وادارية واكاديمية كانت تتطلب تدخلا جراحيا، شاءت الظروف ان تتدخل لتاجيله.
ولا يخفي الاكاديميون ان الإشارات قولا التي ظهرت من الوزير الجديد كانت مثار غبطة بالبدايات تجاه إصلاح الجامعات ، لكن تأخر الأفعال وتطبيق التوجهات بات مبعث قلق في الشارع الاكاديمي، الذي ترقب وما زال الشروع بتنفيذها، خاصة في جانب اختيار راس الهرم للجامعات ، والاسس الجديدة التي يمكن أن تضمن استقرارا وتطورا ونماء لجامعات بعينها، عانت ومازالت من تخبط الإدارة، وتوهان بوصلتها بصورة مست مصالح اطراف العملية من اكاديميين واداريين وطلبة.
وللتذكير فقد أعلن الوزير أكثر من مرة سواء امام لجان مجلس الأمة او بحوارات مع الجسم الأكاديمي وعبر تصريحات اعلامية عن توجهات لاسس جديدة ، لاختيار القيادات الجامعية سواء بجانبها الإداري، او لراسمي سياساتها ، اي مجالس الامناء ، والتي بالتالي ستهيء ارضية مناسبة مستقبلية للتقييم، بعد ان عانت هذه المؤسسات من عثرات سببها لاشك أسس واعتبارات كان آخر همها القدرة والكفاءة ، وافضت بمفاصل معينة لاتخاذ قرارات( اعفاء ) بعضهم، وهي سابقة ،لكن للاسف البدلاء اتو وفق ذات الأسس البالية .
ابو قديس الذي أفصح أكثر من مرة عن وجوب أخضاع اختيار القيادات لاسس واضحة، وخاض ببعض تفاصيلها وتوجهاتها ، سواء بالاستقطاب او المفاضلة ، ومراعاة المعايير المهنية والاكاديمية، والقدرة الإدارية، وفق تقييم من لجان وازنة وخبيرة بالتعليم العالي والإداري، بدا واثقا مما يقول ، وافضى ما أفصح، ويفصح عنه إلى ان تسود أجواء الراحة النسبية لدى الاكاديميين، بعد ان ولدت الأحاديث بهذا الجانب اعتقادا إنهم مقبلون على برنامج أعد بعناية وجاهز للتنفيذ ، لكن الحماس بدا يتبدد شيئا فشيئا، جراء التأخر بالتنفيذ ، خاصة ونحن على أبواب التحضير لعام جامعي جديد ، للان لم تتضح اليته ان كان وجاهيا ام عن بعد.
لسنا بحاجة ان ننكأ الجراح ونعرض لاستشهادات بواقع الجامعات او بعضها على الاقل ، سواء بظروف الجائحة واثرها على الحياة التعليمية عموما والارباكات التي وقت على مدار ١٥ شهرا الماضية ، او بما قبل الجائحة والتي ان عكست أمرا فإنما مرده لاجماع اكاديمي وإداري مفاده ان آليات اختيار رؤساء الجامعات ومجالس امنائها بعيدة كل البعد عن الأسس الاكاديمية من جهة ، والإدارية من جهة اخرى ، ما جعلها رهينة تدخلات وتداخلات من اسهموا في وجودها- اي الادارات - بالتالي كان الانتاج عقيما ، وضعيفا، وزاد من وهن الجامعات الواهنة اصلا من أزمات متراكمة كلنا يعلم تفاصيلها .
النافذون والمتنفذون دخلوا على خط الجامعات ، والمحسوبيات والوساطات كذلك، ومعايير وأسس الكفاءة غيبت، وتوالي صدور قرارات اعفاءات من مناصب كانت تتطلب من أصحاب القرار التدخل الفوري تعكس عمق أزمات الجامعات ، وما جرى وللأسف يجري، يندرج بباب الفضائح المستغرب السكوت عنها تحت كل الذرائع والمبررات.
نقر ان الوزير ابو قديس ورث تركة ثقيلة ، علقت بها شوائب كثيرة ، ولسنا بحاجة للتذكير بقضايا مست التعليم العالي وقدسيته، حضرت بقوة خلال الاشهر الماضية ، وكانت حديث الشارع بمنابره كافة ، وبعضها صداه تخطى الحدود ، لكن ما لا يقره المنطق استمرارية التغاضي عن الإصلاح، والكشف عن أدواته والياته، التي تتطلب جرأة نعتقد انها معهودة لدى معاليه، الا اذا كانت ذات التدخلات والتداخلات تتحكم بالمشهد، ووقتها لابد منه اتخاذ موقف.