بقلم : محمد فؤاد زيد الكيلاني - وانتهت المواجهة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وانقشع غبار الحرب واتضحت أموراً كثيرة لم تكن في الحسبان، وكان الجميع يراهن على سُبات الشعوب العربية المطبعة والغير مطبعة، وتحديداً هذا الجيل الرابع والخامس بأن لا يطلع من أمره أمر أو أي هدفاً كان.
فالشعب العراقي مثلاً ووقوفه ضد هذا الكيان، وتواجده على الحدود الأردنية من اجل القدس والقضية الفلسطينية والفلسطينيين، أربك العالم بأسره، وخصوصاً الكيان الغاصب الذي لم يحسب لمثل هذا الموقف، والمراهنة على الوضع الداخلي العراقي كما هو يعتقد بأنه متخلخل داخلياً، بسبب الأوضاع الأمنية غير الآمنة في العراق أو بسبب جائحة كورونا، تفاجئ العالم بأسره بالهبة الشعبية العراقية من أجل تحرير فلسطين، ووجودهم على الحدود الأردنية بهذا الشكل المشرف للعرب أجمعين، كان له الأثر الإيجابي الكبير عند الشعب الفلسطيني بأنه ليس وحده في الميدان.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى المسيرة المليونية التي انطلقت من عمان على الحدود الأردنية لنصرة شعب فلسطين من قبل العشائر الأردنية، كان لها موقف كبير جداً وفعلاً مزلزلاً لهذا العدو المتغطرس، فبات هو وحلفائه الذي كان يعتقد بأنه هو المسيطر على العرب أو باعتباره شرطي المنطقة، بات اضعف مما كان عليه وكما كان يتوقع.
فلسطين ليست لوحدها فعلاً، فالحدود الأردنية العراقية كانت ملتهبة فالعراقيين باتوا ليلتهم في العراء من اجل الدخول إلى الأردن لمساندة المقدسيين والفلسطينيين في هذه المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين، والحدود اللبنانية أيضاً كانت على حافة حرب طاحنة بين لبنان والكيان الغاصب.
وأكيد موقف العشائر الأردنية في هذه الأزمة كان له الأثر الكبير والمهم في وقوفهم مع فلسطين والقدس، وهذا شيء لا يمكن نكرانه فمقاطع الفيديو التي بثت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن إنكارها بأي شكل كان، ناهيك عن المظاهرات في الدول العربية قاطبة الرافضة لتهويد القدس وحي الشيخ جراح تحديداً، وقصف غزة بهذا الشكل الكبير.
إذاً فلسطين ليست وحدها، فباتت الآن الشعوب العربية وتحديداً هذا الجيل واعي وصاحي ومدرك لحجم المؤامرة والظلم الواقع على شعب عربي وتهجيره بهذا الشكل القصري من أرضه، وسرقة مقدساته ومقدسات الأمة الإسلامية جمعاء.
ربما هذه المرحلة مهمة جداً فإستراتيجية الشعوب أصبحت واضحة ولا لبس فيها، وهي تحرير فلسطين، فأي حماقة يمكن أن يقدم عليها هذا الاحتلال لن تكون كما في السابق الانفراد بهذا الشعب المقاوم، فهناك من يدعمه من العرب والمسلمين، فهذه الإستراتيجية لم نراها منذ عقود، فيمكن لجيش أن يردع جيش، لكن جيش يردع شعب مقاوم يأتي للدفاع عن قضية محورية ومصيرية لا يمكن التعامل بأية طريقة كانت لأنه شعب، ومن الممكن يسلح هذا الشعب ويقوم بأعمال لم تقم بها دول بحد ذاتها.
التاريخ العربي تغير كثيراً والمراهنات أصبحت واهية وخاسرة في هذه المرحة، وهذا كان واضحاً وجلياً في المواجهة الأخيرة، في معركة سيف القدس، الواضح الآن أن الحسابات ستتغير من قبل الجميع شعوباً وقيادات وسياسيين ومن هم يعتقدون أنهم داعمون لهذا الكيان الغاصب، كما لاحظنا في هذه الفترة الكل فداءاً لفلسطين والقدس.
فلسطين ليست وحدها وربما أن الكيان الإسرائيلي وصلت له هذه الرسالة في الوقت المناسب، فإستراتيجية الكيان بعد المواجهة الأخيرة تغيرت تماماً، فأدرك تماماً بان الشعوب العربية التي ادعى انه يستطيع التطبيع معها ليس كما كان يعتقد، وعند الوصول إلى القدس تعتبر خطاً احمراً عند الشعوب العربية وعند كل الأجيال، فوهم التطبيع تلاشى أمام هذه المواجهة الأخيرة.