زاد الاردن الاخباري -
كتب : ابن البلد - ليس من الحصافة بمكان ان تأتي مئوية الدولة الاولى في وقت يروج البعض فيه ان هناك تصادم سياسي وايديولوجي بين الدولة الاردنية وعشائرها !
لم تكن الدولة الاردنية ومنذ قيامها منذ مائة عام بتحالف مع العشائر الاردنية ، والذي وثق بعقد اجتماعي بدء في الجنوب وامتد حتى سهول حوران ، لم تكن الدولة الا حالة توافقية مع كل المكونات الداخلية ، ولم يكن هناك فكر او طرح يتقدم على فكر حرُمت التغول على الدولة او تجاوز دور مؤسساتها القانونية والدستورية .
ولكن بسبب تراجع دور ومكانة بعض من المؤسسات ، مثل مجلس النواب ، كان وجوباً ان تظهر بعض الاصوات والتي تطرح مفهوم الاصلاح السياسي من بوابة مظلة اخرى وهي العشيرة والقبيلة ، وهذا لا يختلف قيد أُنمله مع فكر إصلاحي ، الجميع يطالب به ويطرحه كمفاهيم سياسية مطلوبة .
ولكن عندما اقترنت مطالبات الاصلاح السياسي مع العشائر والقبائل ، ظهر ما اصطلح تسميته تيار الاصلاح العشائري ، وهذا ما سبب حساسية ، وطفح جلدي سياسي لدى البعض ، والذي قدم العشيرة على مدار العقدين الماضيين على اساس فئوي وجهوي ، واسقط دور العشيرة السياسي والاجتماعي والفكري ..، وهنا كان اللغط وخلط الحابل بالنابل .
من وضع وصاغ مصطلح (العشيرة مقابل الدولة) ، هو ذاته صاحب الايدي المرتجفة الذي لا يُريد خيراً لكلا الطرفين ، فالعشيرة هي مكون اصيل من مكونات الدولة وليست اكبر من الدولة ، ولم ولن تدخل في مواجهة مع الدولة ذات البُنية الرصينة والتي تتسلح بالدستور والقانون ، والمعطيات على الارض تتعارض مع من يُريد ان يقدم العشيرة قرباناً على مذبح الوطن ..
خاصة بعد مرور عقدين على محاولات متكررة من قبل تيار اللبراليين (غربي الفكر والنهج) ، على تقزيم دور العشيرة وتفتيت تجمعها وتعليق كل سيئة تشوب المجتمع الاردني بعباءة العشيرة !
مُخطئ من لا يرى ان للعشيرة دور سياسي بارز ، كان باكورة هذا الدور عند قيام الدولة الاردنية ، وكان لها الدور السياسي التأسيسي ، ولا غرابة في ذلك فهي كانت احدى الادوات الوطنية والتي أُعلن على ضفاف بيت شعرها وثيقة العقد الاجتماعي الاولى في محافظة معان .
ولا يمكن ان يمر خطاب للراحل الملك الحسين بن طلال دون ان نستذكر ادوات المناداه والذي كان يستخدم مصطلحات مخاطبة كان رحمه الله يبدأها بمخاطبة : "يا ايه الاهل والعشيرة "، وكان ايضاً عندما يرغب في جمع المجاميع كان يقول : "العشيرة والاسرة الاردنية الواحدة "، وكانت الراكب تُشد الى مضارب بني هاشم في الاعراس والمناسبات الوطنية .
العشائر الاردنية كانت ادوات بناء اجتماعي وسياسي ، ولم تكن فأس هدم كما تعمل الكثير من مؤسسات الدعم الخارجي وايتام السفارات الترويج ضدها ، لقناعتها التامة ان اي حل نهائي للقضية الفلسطينية على حساب الاردن من سيقف ضد هذا هو العشائر الاردنية ، وان اي محاولات لتغير شكل وهوية وتركيبة المجتمع الاردني سوف تتكسر على صلابة صخرة العشيرة .
العشائر والقبائل الاردنية تسير بذات الخط الوطني الذي تنتهجه الدولة الاردنية ، ولا يمكن عزل المكون العشائري عن الهوية الوطنية ، لان العشائر هي من كانت في طرف معادلة تأسيس الدولة ، وهي من مزج وصهر هويتها في الوجدان الاردني ، وما كان شهداء الاردن من العشائر الاردنية على اسوار القدس وفي باب الواد والكرامة ، الا شواهد على ان الدور القومي والبطولي والسياسي والاجتماعي للعشائر الاردنية المتقدم في الحالة السياسية .
الاستظلال بالعشيرة لا يعني الاستقواء والتغول على باقي المكونات ، بل يعني ان العشيرة بجانب باقي مكونات الوطن تعني الاردن القوي والمنيع بكل مكوناته ، ولا سياق سيء في الانتماء للعشيرة ، ولكن يجب ان يتقدم على هذا الانتماء الانتماء الاردن بكافة مكوناته واطيافه واشكاله .