الصحفية رانيا عثمان النمر - القليل من المنطق يساعد على فهم الكثير من المنطوق غير المقصود بعينه. بمعنى ان التحليل يساعد على جعل الصورة أوضح بعيدا عن أي ضوء ساطع يزغلل البصر ويشتت الانتباه.
"الإصلاح" اصطلاحا أو لغة عكس "الإفساد" وعليه إن ارتباط محافحة الفساد بالإصلاح المنوط باللجنة الملكية للإصلاح السياسي هو إرتباط عضوي لا يمكن فصله أو تجزيؤه وغير ذلك هو مغالطة منطقية لا تقبلها العقول ولا تمثل ارادة الأردنيين.
صدر تقرير عن هيئة النزاهة ومحافحة الفساد منذ يومين وهي هيئة رسمية أردنية محلية لا مشبوهة ولا مأجورة، وليس لها أجندات يفيد بأن أعلى شبهات الفساد تدور حول أمانة عمان، وحسب التقرير يلي أمانة عمان وزارة الأشغال العامة و الإسكان، ووزارة الصحة ووزارة العمل ووزارة النقل وهو خبر منشور على أحد المواقع الإلكترونية الإخبارية المحلية.
فإذا ما تم غض البصر عن ذلك الفساد المستشري، وبأهم مفاصل الدولة الحيوية وضرورة الإصلاح الإداري يعنى أن اللجنة الملكية للإصلاح السياسي والتي تضم خيرة الخيرة من الخبراء الأردنيين غير قادمة للمشورة، أصبحت أداة لتفيذ رؤية أحادية وبمهمة واحدة فقط تتعلق بقوانين محددة بعينها مثل قانون الأحزاب والإنتخاب وقوانين الإدارة المحلية وبعض التعديلات الدستورية، وقوانين تمكين المرأة والشباب تعمل بطريقة رتوش تجميلية تهم صورة المملكة الأردنية الهاشمية في الخارج لضمان تحسين وضع البلاد في ترتيب المؤشرات الديمقراطية في العالم دون إصلاح سياسي حقيقي.
وبالمحصلة وبعدما تم تحديد وإعلان اللجان الفرعية ومهامها، بات واضحا ان اللجنة الملكية للإصلاح السياسي لا تستطيع تقديم اي مقترحات ولن تستطيع التمدد لا افقيا ولا عاموديا فقد تم حصرها في إطار ضيق أقل وأصغر من فكرة الإصلاح السياسي.
ان أسس الإصلاح السياسي وأركانه وتفاصيله موجود في أمهات الكتب شرقا وغربا، وفكرة اختزاله في مجموعة قوانين لا يعتبر اصطلاحا سياسيا شاملا، على هذا الأساس كان يمكن أن يقوم بهذه بالمهمة في ديوان التشريع والرأي ثم يمر على القنوات التشريعية والرقابية القائمة بصفة الاستعجال كما هو الحال عادة دون الحاجة للجنة مع كامل الاحترام لأعضائها.
الإصلاح السياسي يتطلب حوار وطني ضمن دائرة مستديرة يجلس حولها أعضاء اللجنة الملكية للإصلاح السياسي على مسافة واحدة وقائمة على ثنائية التعاطي بين الأعضاء الممثلين للأطياف المتعددة والدولة بحرية وجرأة لتحديد الأولويات التي تحقق مصلحة الوطن العليا والبدأ بالتنفيذ بحيث يشعر المواطن ويلمس أثرها في حياته.
يبدو أن الدائرة المستديرة الوحيدة الموجودة هي الدائرة المفرغة التي يدور بها الأردنيون ليلا نهرا.