تمر بنا أيام حياتنا حاملة معها اللحظات المختلفة، لحظات يغمرنا فيها الفرح لدرجة أننا نشعر بأنها أسرع من البرق، وأخرى تحاصرنا فيها الأحزان من كل اتجاه حتى نشعر بأن الأيام أضحت لا تريد التحرك للأمام.
يروى أن فتاة كانت تستلقي على السرير وكانت تعاني من شدة الألم والمرض، سألت شقيقتها الكبرى التي تنظر من النافذة يوماً: كم ورقة بقيت على أغصان الشجرة التي أمامك في الخارج؟ أجابتها شقيقتها وعيناها تغالب الدموع، لماذا تسألين يا حبيبة قلبي؟ ردت الفتاة المريضة وقالت: لأن أيامي في هذه الحياة هي بعدد أوراق أغضان الشجرة التي أمامك!
ابتسمت شقيقتها الكبرى حتى تخفف عن أختها المريضة ألمها وقالت لها: حتى يأتي هذا اليوم البعيد جداً هيا بنا نستمتع بكل لحظة نقضيها سويا.
ثم مرت الأيام وتساقطت أوراق الشجرة كلها ماعدا ورقة واحدة فقط.
وظلت الفتاة المريضة تترقب اليوم الذي ستسقط فيه تلك الورقة، ولكنها لم تسقط أبداً، وذهب الخريف وحل الشتاء والورقة متشبثة بغصن الشجرة، حتى أن الفتاة بدأت تتعافى شيئا فشيئا حتى تماثلت للشفاء أخيراً وأصبحت بكامل عافيتها، لتخرج وتتوجه إلى الشجرة لترى بنفسها ورقة الشجرة الأخيرة، وعندها كانت المفاجئة، فقد اكتشفت أن الورقة كانت من مادة البلاستيك، وذرفت دمعتها حينها عندما عرفت أن شقيقتها قامت بتثبيت هذه الورقة حتى لا تفقد أختها الأمل وتبقى معنوياتها مرتفعة دائماً.
وهنا تتلخص الحكاية، حياة تأخذنا بين أيديها ما بين مد وجزر، تتساقط فيها الأوراق من شجرة الأمل في حياتنا حتى نصل لتلك الورقة الأخيرة، ونبقى ننظر إليها مذعورين، ترى هل سقطت الورقة، ربما ستسقط غداً أو بعد غد، ونرهن كل حياتنا وآلامنا وآمالنا بهذه الورقة، بدلاً من أن نمسك بهذه الورقة ونحافظ عليها ونرويها بالأمل وبإسعاد أنفسنا بما نملك، مؤمنين بأن لهذه الحياة نقطة نهاية ليس لنا أي تحكم في متى ستكتب أو أين أو حتى كيف، ولذلك كان الأهم أن نعيش حياتنا ونستمتع بها حتى آخر لحظة فيها.