زاد الاردن الاخباري -
كتب نبيل عماري:
الزرقاء كانت صغيرة تضم عدة أحياء من حي المعانية والشوام وحي العمامرة والشيشان ومعصوم وحي الضباط والغويرية والحي الشمالي والجنوبي تنتهي شمالاً عند الحاووز وغرباً حي معصوم وجنوباً حي الضباط والحسبة ونادي ضباط الجيش العربي وجمال الشارع في تلك المنطقة المؤدية للرصيفة المشهورة ببساتينها وخمائلها ومنتزهاتها وروعة مدخل مدينة الزرقاء من الجنوب بتلك الأشجار الباسقة شجر السرو المزروعة في وسط واطراف الطريق والتي تظلل المكان بروعة وكذا سيل الزرقاء بسريان الماء النظيف به واشجار الدفلى والحور والتوت والمشمش والجوز ومصاطب الخس والشومر والسبانخ وغيرها من الورقيات . إما شرقاً تجد مستشفى التضميد وسكة القطار ومعسكرات الجيش العربي ، في الزرقاء كان الكل يعرف بعض والناس للناس كانت الطيبة هي السائدة عندما تمشي بالشارع الكل يسلم عليك وترد السلام ، كانت الزرقاء نظيفة ترش شوارعها صيفاً بالماء لغايات التبريد حين يأتي صهريج له من الخلف مرش يبدأ برش تلك الشوارع فتخرج رائحة زكية رطبة ، والناس اطفالاً ونساء يكنسون الباحات الفسيحة ، تجد الرضا على وجوههم رغم العوز والقلة ، الزرقاء جميلة صباحأ عندما تشاهد من الشباك الناس والعمال والجنود ذاهبون إلى عملهم مشياً او ينتظرون باصاً يقلهم إلى عملهم وتسمع صياح بياع الكعك يصيح كعك وبيض يا كريم الكل يذهب للعمل بشوق وبسمة وامل والظهر ، إما في المساء تخرج الزرقاء إلى سوقها وإلى التمشي في شارع الجيش وشارع السعادة حينها تجد بائعي الذراية المشوية او المسلوقة مع رشة ملح ووضع الحبة ولفها بورقة خشنة من الفولسكاب والتي تختلف بطعمها ونوعيتها الطيبة تختلف على ذراية اليوم . بصوتهم يعلنون وجودهم ذرة يا الذراية ، او حلوى السمسمية والفستقية ، وذاك بائع الترمس والفول النابت المشوي وهو يزين السدر بالبقدونس والكمون وكذا حضور فلم سينمائي في سينما الحسين وسلوى والنصر وسينما الصيفية والتي تفتح أبوابها بالصيف حيث لا سقف لها سقفها النجوم ومن الأفلام التي كانت تعرض افلام رائعة أجنبية مثل ماجستي في وادي الملوك وصوت الموسيقى وباتون وغزو النورماندي وافلام جوليانو جيما الكابوي وهندية مثل سنجام لراجي كابور وعربية مثل سلسلة افلام اسماعيل ياسين بوليس حربي في الجيش في الأسطول والغير وفريد الأطرش وعبد الحليم وكذا افلام فريد شوقي وحش الشاشة وما يتخلله الفلم من أغاني لمحمد طه صاحب الموال وفرقة النايات الطويلة وأغنيتة المشهورة يا صبية رنت خلخالك خلتني أسرح بجمالك .ومن الذاكرة الجميلة أننا ذهبنا ونحن طلاب في الصفوف الأبتدائية لسينما سلوى ذهبنا مع مجموعة من المعلمات مشينا بخط مستقيم وطابور عسكري حتى وصلنا لمدخل السينما وكانت التذكرة تشمل زجاجة كازوز أورانج أو أفرفش مع ساندويشة فلافل علماً أن مصنع الكازوز كان موجود بجانب سينما سلوى دخلنا السينما وجلسنا على تلك الكراسي الخشبية ننتظر بداية العرض حينها تم أطفاء الأنوار وظهرت صورة لجلالة الملك حسين والعلم الأردني وصورة لقصر رغدان وكذلك صورة للحرس الملكي وهم يلبسون الشماغات الحمراء وبدأ السلام الملكي يصدح عاش المليك سامياً مقامه حينها وقفنا طلاب ومعلمات تحية للعلم ومقام الملك الراحل الملك حسين وبعدها ظهر بيان العرض القادم وكان فلم لفيروز سفربرلك وبعدها قربياً جداً فلم لفريد الأطرش وفاتن حمامة الحب الكبير تخلله مقطع من أغنية لفريد تأمر عالرأس والعين وبعدها بدء الفلم الأجنبي وخرج ذاك الأسد على وجه الشاشة وهو يزئر وهو أفتتاحية الفلم وزمر الشركة المنتجة جولدن ماير .وبدأ الفلم وكان بعنوان تائة في الصحراء من بطولة طفل صغير يذهب مع أفراد عائلته بطائرة ولسوء حظهم تقع الطائرة في الصحراء ويبقى الطفل على قيد الحياة والعائلة مع الطيار تفقد حياتها وعلى الطفل البحث عن مخرج ولم يبقى شغال سوى جهاز راديو يتكلم به مع جهات الأنقاذ ويسير الفلم بوتيرة العطش والشمس الحارقة والشافيف الناشفة على وجه الطفل من شدة العطش وبما أن الشهر أيلول وصيف الزرقاء الحار أزداد الطلب على الكازوز خارج أطار التذكرة حين كان يأتي بائع الكازوز يصيح كازوز ببس ببس اورانجو فرش يضع تلك الزجاجات بسطل حديدي ممتلىء بالثلج ويضرب بمفتاح أغطية الكازوز على جانب السطل ليعير أنتباه الناس بصوته والطقطقات . الصيف في الزرقاء واسع حسب قول المثل بساط الصيف واسع . ولعل أبرز مظاهر الصيف في زرقاء اواخر الستينات وبدايات السبعينات هو نفض بقايا الشتاء وذلك بما يسمى بالتصيف حيث تغسل السجاجيد وتنشر ومن ثم تخبأ لموسم قادم وكذلك الملابس الصيفية تًخرج من مكامنها وهو ما يسمى بالتعزيل بالبيت عامة