زاد الاردن الاخباري -
تعرف شوارع بيروت زكريا غلاييني الذي يتجول فيها بسيارته الأجرة منذ أن كان عمره 18 عاماً، ولا يزال بعد أن بلغ من العمر 76 عاماً يمارس نفس العمل لكسب قوت يومه الضئيل في فترة يصفها بأنها أحلك الأوقات بتاريخ لبنان.
قال غلاييني وهو يقف في طابور طويل يمتد لساعات بمحطة الوقود لملء خزان سيارته بالبنزين "والله ما نستاهل هيدا الشي أبداً.. ذل عالمحطات".
يرزح لبنان تحت وطأة أزمة مالية طاحنة، وفقدت عملته أكثر من 90% من قيمتها في ما يقرب من عامين، وسقط أكثر من نصف سكانه بين مخالب الفقر.
تسبب نقص الإمدادات الأساسية ومن بينها الوقود في وقوف السائقين في طوابير بالساعات للحصول على أي كمية ربما يجدونها من البنزين بنهاية الانتظار الطويل. حول هذا الوضع حياة غلاييني إلى معاناة يومية.
يغادر الرجل منزله في السابعة والنصف صباحا ويقضي معظم وقته بالسيارة على الأسفلت.
عندما بدأ عمله كسائق سيارة أجرة وكان لا يزال في سنوات المراهقة، كانت قيمة التوصيلة بالسيارة ليرة واحدة. لكن بالرغم من أن قيمتها وصلت الآن لنحو 10000 ليرة، إلا أنه لا يتحصل سوى على ما بين 50 ألفا و100 ألف ليرة في اليوم.
قبل الأزمة، كان هذا المبلغ يساوي 70 دولاراً تقريبا لكن قيمته تقزمت لما دون 5 دولارات بمعدل السعر الحالي.
وفي ساحة الشهداء بوسط المدينة وبينما يقف غلاييني منتظرا أي زبون، يسرح الرجل بخياله في الهدوء الذي يعم منطقة كانت تعج بالحياة في السابق.
لكن رغم مرارة الانتظار في طوابير لا نهاية لها بمحطات الوقود ورغم نقص الطلب على خدمات السيارات الأجرة، لا بديل أمام غلاييني سوى الاستمرار في هذا العمل كوسيلة وحيدة للرزق.
رفيقه الوحيد في الانتظار الطويل صورة لزوجته الراحلة، التي توفيت قبل خمس سنوات، على لوحة عدادات السيارة أمامه.
في مراسم العزاء وغيرها من المناسبات غير السعيدة هناك عادة عربية بتناول القهوة السادة. وقد توقف غلاييني عن تحلية قهوته اليومية.
قال "فنجان القهوة بيضل مر مثل هالحياة... قد ما (مهما) حطيت له سكر".