الدكتور: رشيد عبّاس - القاعدة التي انحرفت عنها وزارة التربية والتعليم 360 درجة هذا العام كانت في مدى التطابق بين طريقة تدريس الطلبة, وبين طريقة تقييمهم, والمتتبع لشكل ومضمون امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة لهذ العام يجد ببساطة أن هناك شيء من عدم التطابق في هذه القاعدة, الأمر الذي أدى إلى (ضجر) طلبة الثانوية العامة وذويهم والرأي العام بشكل واضح وصريح من طبيعة الأسئلة وطريقة معالجة الملاحظات العامة عليها, والسؤال المحوري هنا هو كيف غفلت وزارة التربية والتعليم عن هذه القاعدة الخطيرة وفيها وزير نقدّر جهوده ونحترمها, وفيها أمينين عامين اثنين نكنُ لهما كل المحبة والتقدير؟
ويمكن مناقشة هذه المسألة على النحو الاتي:
1) طريقة تدريس طلبة امتحان شهادة الثانوية العامة لهذ العام كانت عبر المنصات الالكترونية داخل المنزل, مما جعل تعليمهم تعليما معرفيا وليس تعليما تحليلياً, الامر الذي كان يدعو إلى بناء فقرات اختبارية من نوع القدرات العقلية المتوسطة والدنيا وليس من نوع القدرات العقلية العليا, وهذا لم يحصل على ارض الواقع على الاطلاق.
2) طريقة تدريس طلبة امتحان شهادة الثانوية العامة لهذ العام كانت عبر المنصات الالكترونية داخل المنزل, مما جعل تدريبهم على ادارة مدة الامتحان متعذراً, الامر الذي كان يدعو إلى بناء فقرات اختبارية تتطلب مدة امتحان كافية للإجابة عليها, وهذا لم يحصل على ارض الواقع على الإطلاق.
3) طريقة تدريس طلبة امتحان شهادة الثانوية العامة لهذ العام كانت عبر المنصات الالكترونية داخل المنزل, مما جعل تدريبهم على اتقان المهارات الاساسية لبعض المواد متعذراً, الامر الذي كان يدعو إلى عدم بناء فقرات اختبارية تتطلب الكشف عن تلك المهارات في الامتحان.
4) طريقة تدريس طلبة امتحان شهادة الثانوية العامة لهذ العام كانت عبر المنصات الالكترونية داخل المنزل, مما جعل واضعوا الامتحان لم يتعايشون مع الطلبة اثناء العام الدراسي, الامر الذي كان يدعو إلى بناء فقرات اختبارية تتناسب وواقع الطلبة التحصيلي ومستوياتهم التعليمية.
5) طريقة تدريس طلبة امتحان شهادة الثانوية العامة لهذ العام كانت عبر المنصات الالكترونية داخل المنزل, الامر الذي كان يدعو إلى اعتبار المحتوى المقرر للامتحان هو محتوى المنصات الالكترونية وليس محتوى الكتاب المدرسي, وأن كان هناك تطابق فيما بينها.
إضافة إلى أن تصريحات الوزارة وعبر الإعلام أربكت الطلبة وذويهم والرأي العام أثناء سير الامتحانات نتيجة لاحتجاج جميع المعنيين بعد كل امتحان, ولكون هذا الامتحان امتحان ثانوية عامة يتطلب (توحيد المعايير) لجميع طلبة المملكة ولجميع المواد, ويمكن هنا مناقشة هذه المسألة على النحو الاتي:
1) كون امتحان شهادة الثانوية العامة امتحان مبني وفق جدول مواصفات محددة, ووفق آلية معينة في التصحيح, فلا يجوز باي شكل من الاشكال التلاعب بفقراته, أو معالجة اي ملاحظة عليه من اي كان بتغيير آليات تصحيحه.
2) كون امتحان شهادة الثانوية العامة امتحان مبني وفق جدول مواصفات محددة, ووفق آلية معينة في التصحيح, فلا يجوز باي شكل من الاشكال معالجة اي ملاحظة عن بطء اداء الطلبة عليه بتغيير مدة الامتحان المثبّتة عليه مسبقاً والعمل على زيادتها, فمدة الامتحان المقررة مسبقاً هي جزء هام جداً جداً من بناء الامتحان وهيكله.
وكان المفروض من الوزارة ان تعمل على ما يلي:
أ) تحييد وسائل الإعلام عن امتحان شهادة الثانوية العامة ما امكن خوفاً من الارتباكات بين صفوف الطلبة وذويهم والرأي العام أثناء سير الامتحانات.
ب) التقليل من تصريحات وزارة التربية والتعليم والمتعلقة بالامتحان, وذلك اثناء سير الامتحان خوفاُ من ارتباكات الطلبة وذويهم والرأي العام.
ت) السير قُدماً في الامتحان وتصحيحه واستخراج النتائج, ومن ثم معالجة العلامات احصائياً (أن لزم الامر) لجميع الطلبة وبنفس المستوى للمحافظة على نفس رتب الطلبة, دون ان تعلن ذلك اثناء الامتحانات انها ستعالج صعوبة الامتحانات اثناء تصحيح الدفاتر, ودون أن تعلن على زياد مدة الامتحانات اللاحقة, خوفاً من الارتباكات بين صفوف الطلبة وذويهم والرأي العام أثناء سير الامتحانات.
ث) تصريحات بعض الجهات الإعلامية وبعض الطلبة وبعض أولياء امور الطلبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن لا يدفع الوزارة إلى اتخاذ قرارات متسرعة ومتهورة مثل التلاعب في آليات تصحيحه, أو زيادة مدة الامتحانات عن المدد المقررة لها.
في علم القياس والتقويم, التلاعب مدة الامتحان, أوالتلاعب في فقرات الامتحان, أوالتلاعب في آليات تصحيحه, إلى غير ذلك من الحركات غير المسؤولة نتيجة لملاحظات ربما تكون غير عامة, بعد بناءه واخراجه كورقة امتحانيه معتمدة ومحميّة وفق جدول مواصفات محددة, كل ذلك قد يفقدنا الثقة بنتائج الطلبة, ويدفعنا إلى التشكيك بها, وقد يخلق لنا أزمة نحن بغنى عنها.
وبعد: إياكم والتوجيهي..