فايز شبيكات الدعجه - امتلاء السوق ليلة البارحة من بابه إلى محرابه بالناس. في الصباح قالوا ان القوه الشرائية كانت ضعيفة . هذا غريب. لقد رأيت رأي العين الشوارع والمحلات تغص بالنساء والأطفال فماذا كانوا يفعلون هناك!؟.
اظن ان فكره صرف كل رواتب الموظفين كانت فكره رديئة أو لعلها فكرة مجنونه كما قيل.
الحكومة اقدمت على هذه الخطوة دون تحليل كافي للمخاطر المترتبه عليها وكان من الحكمة الاكتفاء بالنصف أو الربع .
سيعيش الاغلبية حتى الراتب القادم معيشة ضنكى، والمسألة هنا ليست مسألة جوع وفاقة وحسب. المسألة مرتبطة بأزمات اسرية واجتماعية مرتقبة، وسنشهد بعد انتهاء ايام العيد رحلة طويلة من المنغصات ربما يكون من ضمنها موجة طلاق، وكساد تجاري طويل، وجريمة لن تتمكن العقوبات الرادعة من ايقافها وكل عوائق القانون، ولربما ستتعرض اسس المجتمع معها إلى خطر شديد سينمو يوما بعد يوم .
كغيري لم اذهب الى الصالون الا ليلة العيد أو قبلها بيوم وسط الزحام. في صالون الحلاقة سمعت كلام بائس كهذا . كان ثمة طبيب عابس، ووافد متثائب، وعشريني يبدو كسول ويائس، تظهر من ثقوب بنطاله كامل ركبتاه وجزء لا يستهان به من فخذيه . قال لنا الحلاق في الحكومة أكثر مما قاله مالك في الخمر . شجب القرار، مضيفا ان أغلب العائلات الأردنية تعاني من الجذور العميقة للجوع وهي في طريقها إلى المزيد من التعثر ، ومن الصعب توقع اتجاهات مستقبلها وما ستؤول اليه أوضاع افرادها الداخلية بعد تلقى جرعة كبيره كهذه من الحرمان الطويل .
في تلك اللحظة تدخلت وقلت.أضف إلى ذلك أيها الحلاق عدم القدره على تأمين ضروريات العيش من طعام وشراب، والعجز عن دفع الأجور وفواتير المياه والكهرباء، الأمر الذي قد يدفع في الاتجاه المعاكس للضوابط الاجتماعية وتخطي الحواجز الأخلاقية، وسنرى الكثير من مظاهر التمرد على النظام العام، وقد تزيد حالات الانتحار.
الطبيب لم يعلق وكان يبدو في مزاج سيء.والعشريني كسول، سحب بقدمه هاتفة عندما سقط على الأرض ثم تناولة وعاد للتحديق به مجددا، والوافد لا زال يتثائب، بينما الحلاق يستأنف حديثة ويقول ان بهجة العيد محفوفة بالمخاوف من قادم الأيام ومن الهواجس والقلق، والجوع كافر على ما يقوله الناس ويستحضرونه هذه الأيام.
هنا نطق الطبيب قائلا:- على الحكومة إذن الحذر من هناك.. من تلك الجهة الخطرة بالذات فهي جزء كبير من المجتمع... فهمت تثاؤب الوافد، لكنني لم أفهم ما كان يقصده الطبيب وخفت. كأنه يحذر ( والعياذ بالله) من امر خطير.