بقلم المهندس قصي محمد حرب - سعى الأردن إلى إنشاء عدد من المناطق التنموية بهدف إقامة أنشطة اقتصادية متنوعة تهدف لتنمية المجتمع المحلي وخلق فرص عمل للآلاف من أبناء تلك المناطق من خلال بوابة المستثمرين ، حيث مُنِح المستثمر الأجنبي وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، تسهيلات وصلت إلى حد الإعفاء من الضريبة العامة والرسوم الجمركية وكافة الضرائب الأخرى للبضائع المصنعة بغرض التصدير وفقاً للمواصفة الأردنية ، والإعفاء من الرسوم الجمركية للمواد الأولية والمعدات والآلات وما تحتاجه لديمومة عملها ضمن تلك المناطق .
تنظم هيئة الاستثمار عمل المناطق التنموية والمناطق الحرة في مختلف أنحاء المملكة، وهي مخصصة لمجالات متعددة من الأعمال والصناعات، ومجهزة باحتياجات المستثمر من بنية تحتية وخدمات ، لتحقيق هدفين رئيسان هما توزيع مكتسبات التنمية الاقتصادية على مناطق وجودها ، وخلق فرص عمل من خلال خلق ميزة تنافسية تدعم نمو الشركات والمستثمر ، من خلال إنشاء 16 منطقة تنموية بعضها عامل والبعض الأخر قيد الإنشاء .
كل ما أسلفت ذكره مؤشر حقيقي لدعم الإستثمار والمستثمر الأجنبي في هذه المناطق من قبل الحكومات والتشريعات الناظمة وبتوجيهات ملكية سامية ، حيث يسعى جلالة الملك دوماً ومن خلال المؤتمرات الدولية والمحافل الدولية بتسويق الأردن إستثمارياً وجلب الإستثمارات المتعددة للمملكة ، إلا أن الكارثة الكبرى تكمن في أن هذه المناطق لا تعمل وفقاً للخطة الموضوعة لتحقق أهداف التنمية وجوهرها والرؤى الملكية لها ، والمتمثل بخلق فرص عمل للأردنيين على وجه الخصوص ، حيث أن 90% من المصانع الموجوده ضمن هذه المناطق تقوم باستقدام العمالة الوافدة من دول كالهند والصين وبنجلادش وغيرها ، لنصل تقريباً لنسبة تشغيل 85% عمالة وافدة في هذه المصانع ، وهذا يضر الإقتصاد الأردني بشكل كبير والموظف الأردني مجرد اسم وهمي موضوع على قوائم تلك المصانع لغايات التفتيش الوهمي عليها ، ومدينة الحسن التنموية في محافظة إربد و منطقة الموقر التنموية في محافظة العاصمة خير دليل على ذلك ، حيث أنك ما أن تصل لتلك المناطق تشعر وكأنك سافرت إلى إحدى مدن الهند والصين وبنجلادش .
رأي فردي أرعن لا يمثل رأي الأغلبية ، من الجهات التي تشرف على مراقبة تلك المناطق ، تدعي أن المناطق تقوم من خلال تشغيل العمالة الوافدة برفد الخزينة بملايين الدنانير سنوياً من خلال ( تصاريح العمل للوافدين ومستحقات الضمان الإجتماعي للموظف الأجني ) ، وهذا لا ينسجم مع أهداف إنشاء المناطق التنموية ، فالموظف الأردني والوطن أولى من الموظف الأجنبي المستقدم بالإنتفاع وتحريك عجلة السوق المحلي من العائد الشهري له ، وللأسف الحد الأدنى للأجور للمواطن الأردني قريب كل القرب من الحد للأجور للعامل الوافد ، وهذا تشريع بحاجة لمراجعة حقيقية ، والحقيقة المؤسفة أن الحد الأدنى للأجور وبعد تعديله غير منصف ولا يحقق اكتفاء للمواطن الأردني بتوفير الأساسيات لا الكماليات .
المناطق التنموية .. فشلت إلى الأن في تحقيق أهدافها ، وأصبحت منطقة تنمية للمسثتمر لا للمجتمع الأردني ، تسهيلات كبرى للمستثمر جمركياً وضريبياً وغيرها ، وظائف بالجملة للوافدين ، والبطالة في أعلى مؤشراتها ، ملف خطير بحاجة لمراجعة حقيقية لنحقق الإصلاح الإقتصادي والإداري والإجتماعي .