زاد الاردن الاخباري -
نشرت جريدة بوابة الاخبار المصرية خبرا حمل العنوان (قادة عرب في واشنطن.. أمريكا تعيد صياغة سياساتها في المنطقة) جاء فيه :
رغم مرور حوالى ستة أشهر على دخول الرئيس الأمريكى جون بايدن إلى البيت الأبيض فى يناير الماضى وتوليه المسئولية، ورغم تعدد التحديات والقضايا التى تواجه بلاده فإن المنطقة العربية بكل أزماتها لم تغب عن أجندته باختلاف أهميتها بالنسبة للمصالح الأمريكية وموقعها من الاستراتيجية الكونية لبلد بحكم أمريكا وهذا يفسر حجم الاتصالات التى قام بها بايدن مع قادة الدول العربية خلال الأشهر الماضية بالإضافة إلى أجندة وجدول لقاءاته مع القادة العرب والتى بدأت خلال الأسبوعين الماضيين.
وكانت البداية بالملك عبدالله الثانى ملك الأردن وأعقبه بعد أسبوع رئيس الوزراء العراقى الدكتور مصطفى الكاظمى ناهيك عن زيارات قام بها كبار المسئولين فى الإدارة إلى دول المنطقة العربية وكل التوقعات تشير إلى أن الدورة القادمة لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيوريوك إذا تمت بحضور القادة بعد انحسار فيروس كورونا عالميًا فستكون فرصة للقاءات أخرى بين الرئيس بايدن وقادة آخرين من المنطقة العربية.
ولعل الأزمة اليمنية كانت فى مقدمة اهتمامات الإدارة الأمريكية من خلال العديد من الإجراءات تحدث عنها بايدن فى خطابه الأول وتتضمن العمل على وقف الحرب وإنهاء أى دور لأمريكا فى العمليات العسكرية ووقف صفقات الأسلحة المرتبطة بها وتعيين الدبلوماسى المخضرم تيمونى ليندركينج مبعوثا خاصا وإعادة النظر فى اعتبار جماعة الحوثى منظمة إرهابية.
نفس الأمر ينطبق على القضية الفلسطينية حيث دفعت عملية سيف القدس والمواجهات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل بالملف ليدخل ضمن اهتمامات الإدارة حيث تضمن الموقف الأمريكى التزامها بالسعى إلى تعزيز الأمن والسلم بين فلسطين وإسرائيل عبر آلية حل الدولتين كما استأنفت واشنطن صرف مساعداتها للفلسطينيين للبرامج التنموية والاقتصادية وبدأتها بـ٢٠٠ مليون دولار والتعهد بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن وكلها توابع إدارة ترامب .
وقد لا يختلف الأمر بالنسبة لسوريا فاهتمامات الإدارة الأمريكية باستخدام الأسلحة الكيماوية ومحاسبة المسئولين عن ذلك والبعد الإنسانى وتوصيل المساعدات للسوريين عبر المنافذ الحدودية والتعامل مع ملف المعتقلين والسجناء فى سجون الحكومة والبدء فى عملية سياسية وإن كانت هناك جهود عربية ومنها ما قام به الملك عبدالله الثانى باتجاه انخراط أمريكى أكبر فى الملف بالتنسيق مع روسيا عبر التعامل مع بشار الأسد كرئيس أمر واقع ورفع العقوبات المفروضة على شخصيات مهمة داخل الحكومة وفقا لقانون قيصر وقد لا يكون الدور الأمريكى واضحا فى الملف الليبى وإن كان ظاهرًا فى الكواليس فهى تتعامل معه منذ أيام أوباما منذ عشر سنوات على أنه ملف أوربى ولذلك فهى تدفعهم بالانخراط أكثر فى ذلك وقامت بدعم حكومة الوحدة الوطنية وضرورة الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية فى موعدها في٢٢ ديسمبر القادم ونتوقف هنا لمزيد من رصد نتائج زيارات الملك عبدالله الثانى ملك الأردن والدكتور مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى إلى واشنطن ولقاءاتهما مع أركان الإدارة.
أحد عشر شهرا مرت على آخر زيارة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمى إلى العاصمة الأمريكية واشنطن وزيارته الثانية الأسبوع الماضى تتغير فيها الكثير على مستوى القيادة من ترامب إلى بايدن بالإضافة إلى السياسات فالأول كان حريصًا على اتخاذ العراق ساحة متقدمة للصراع مع إيران ويصرح بهذا ويقوم بعملية اغتيال لشخصية إيرانية بحجم قاسم سليمانى ومعه أحد قادة الحشد الشعبى دون أى اهتمام بتداعيات ذلك على موقف الحكومة العراقية أو معاناة العراق أصلًا من نفوذ إيرانى كبير وأحيانًا كان يتعامل مع العراق كما لو دولة محتلة يزور قواعده العسكرية هناك بدون تنسيق مع الحكومة المركزية.
أما الثانى-بايدن- فيبدو أكثر تعقلًا يدرك حجم الضغوط التى تعانى منها حكومة مصطفى الكاظمى ووجود قرار من مجلس النواب العراقى بعد عملية الاغتيال يفرض على الحكومة دستوريًا إنهاء الوجود الأجنبى خاصة الأمريكى من العراق وأضيف إلى ذلك قيام مجموعات متطرفة من الحشد الشعبى باستهداف مصالح أمريكية والتى وصلت إلى نحو ٥٠ هجوما صاروخيًا وبطائرات مسيرة منذ بداية العام الحالى مع الوضع فى الاعتبار ان واشنطن تسعى عبر مفاوضات شاقة للتوصل إلى اتفاق نووى جديد من طهران مما يدفعها إلى تهدئة المواجهة معها على الساحات الإقليمية وفى مقدمتها العراق وغيرها وفى ظل هذه الأجواء جاءت زيارة الدكتور مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء العراقى إلى واشنطن ولقاءاته مع الرئيس بايدن وأركان الإدارة وأعضاء فى الكونجرس والتى ترافق معها الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجى بين البلدين وفى المجمل تشير العديد من التقارير إلى أن الكاظمى قد نجح من خلال الزيارة فى تحقيق أهدافها وفى مقدمتها إنهاء مهمة القوات الأمريكية القتالية فى العراق بحلول نهاية هذا العام واقتصار عملها الاستشارى والمساعدة فى عمليات التدريب وتقديم الدعم والمشورة ووفقًا لما أعلنه جون بايدن يستمر التعاون الثنائى فى مواجهة الإرهاب مع طلب عمليات تقديم المعلومات والتعاون الاستخبارى كما طلب الكاظمى والذى أضاف أن بلاده لم تعد فى حاجة إلى قوات قتالية لمواجهة داعش مع التأكيد وفقا لبيان الخارجية الأمريكية على احترام واشنطن لسيادة العراق وقوانينه مع تعهد بتوفير الموارد التى يحتاجها العراق للحفاظ على وحدة أراضيه وهذا يمثل «صفقة» قد ترضى معظم الأطراف سواء فى واشنطن أو فى بغداد حيت كان هناك تحفظ من البنتاجون عن الانسحاب الكامل من العراق باعتباره إحدى المناطق الحيوية للمصالح الأمريكية وقد يؤثر على تحالفات أمريكا فى المنطقة وقد يمثل خضوعًا للمليشيات الموالية لإيران كما كان هناك تخوف من الكاظمى نفسه من السيناريو الأفغانى حيث نجحت قوات حركة طالبان فى السيطرة على مع معظم أفغانستان فى أعقاب الانسحاب الأمريكى منها.
وما كان متوقعا فإن الصفقة تفاوت الموقف منها داخليا بين أغلبية مرحبة وأقلية رافضة خاصة داخل فصائل الحشد الشعبى ومن بين المؤيدين تحالف الفتح الذى اعتبر الإعلان خطوة إيجابية متقدمة تحقق السيادة الوطنية الكاملة للعراق داعيًا إلى مواصلة متابعة التنفيذ كما رحب فصيل كتائب الإمام على المحسوبة على المرجعية الشيعية فى النجف بالخطوة على عكس تصريحات نصر الشمرى نائب الأمين العام لحركة النجباء التى نددت بالاتفاق مهددا باستمرار استهداف القوات الأمريكية فى العراق. ولعل الاتفاق غطى على نجاحات أخرى حققتها الزيارة على صعيد التعاون الاقتصادى خاصة أنها نجحت كما قال الكاظمى نفسه بأن «علاقات البلدين صارت أقوى» خاصة مع انتقال الاقتصاد العراقى من اقتصاد حرب إلى اقتصاد سلام وتنمية وفقا لما قاله مستشار رئيس الوزراء العراقى مظهر محمد صالح حيث أشار إلى حاجة العراق إلى شراكات اقتصادية جديدة فى مجالات مختلفة بعيدا عن النفط والطاقة فى ظل الإصلاحات الاقتصادية.
«إعادة الاعتبار» إلى دور الأردن الإقليمى
حفاوة أمريكية بزيارة الملك عبدالله الثانى
نجحت زيارة الملك عبدالله الثانى ملك الأردن إلى العاصمة الأمريكية واشنطن التى انتهت منذ أيام ولقاءاته التى تعددت على المستوى التنفيذى سواء مع جون بايدن ونائبته وعدد من الوزراء الخارجية والدفاع والمالية وعلى مستوى الكونجرس وفى المقدمة الشخصيات التى على تماس مع الملف الأردنى ومن ذلك زعيما الغالبية الديمقراطية تشاك تشومر الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل وقائد المنطقة الأمريكية الوسطى كنيث ماكينزى فى تحقيق عدد من الأهداف والنتائج التى تجسد فكرة الخروج من كونها زيارة بروتوكولية إلى اعتبارها استثنائية فهى تمثل إعادة تموضع فى المنطقة العربية والتحالفات الأمريكية مع دولها وتغيير فى مسار رؤية واشنطن تجاه دور الأردن الإقليمى فى الفترة القادمة مظاهر النجاح وحصاد النتائج أن الإدارة الأمريكية- أولًا – توافقت على أن يبدأ برنامج زيارات القادة العرب بالملك عبدالله ملك الأردن وهذه إشارة لا تخطئها العين أن الأردن مرشح لدور محورى فى صياغة سياسة واشنطن التقليدية للمنطقة والتى تعتمد وفقا لما قاله بايدن بنفسه على السعى إلى تسوية الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية على أساس حل الدولتين بعيدا عن مشاريع إدارة ترامب بالترويج لصفقة القرن التى كان الأردن فى مقدمة ضحاياها وفى نفس الإطار أنهت الزيارة سنوات ترامب العجاف التى سعت إلى تهميش الدور الأردنى وسعى إلى عقاب المملكة لتصديها للصفقة بل سعى الى انتزاع الوصاية الهاشمية على المقدسات فى القدس الشريف وكان سببًا لغياب الملك عبدالله عن البيت الأبيض لعامين.
كما أعادت الزيارة – ثانيا – إنعاش العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وهو ما أكد ه بايدن بنفسه الذى قال نصًا « لطالما كنتم إلى جانبنا وستجدوننا دوما إلى جانبكم « وأشار اليه وزير الخارجية الأمريكى ووزير الدفاع حيث أكد الملك للوزير على التنسيق بين البلدين لمواجهة مختلف التحديات فى المنطقة وقال « يمكنكم دائما الاعتماد على الأردن كحليف قوى وصامد» وحقيقة الأمر أن الأشهر الماضية شهدت العلاقات الثنائية مستوى غير مسبوق لعل فى مقدمتها سريان اتفاقية التعاون الدفاعى بين البلدين إلى حيز التنفيذ فى مارس الماضى .
كما نجحت زيارة الملك عبدالله – رابعا- فى نقل قضايا المنطقة العربية إلى الإدارة الأمريكية حيث يعيش الأردن بحكم الجغرافيا على تماس مع تلك القضايا لم تقتصر المباحثات على القضايا الثنائية بل امتدت إلى مناقشة تطورات الأزمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والدعوة الى إطلاق مفاوضات جادة وفعالة برعاية أمريكية بين الطرفين لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين خلاصة نتائج الزيارة أنها مهدت لعودة الأردن كحليف استراتيجى لواشنطن وكلاعب رئيسى فى قضايا المنطقة .