زاد الاردن الاخباري -
التأم عبر الانترنت الاربعاء، مؤتمر دولي دعت اليه فرنسا بهدف جمع مساعدات طارئة للاقتصاد اللبناني المتأزم، وذلك على وقع تظاهرات شهدتها بيروت في الذكرى الاولى لانفجار مرفئها الذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، وفاقم حالة الانهيار الاقتصادي المزمنة في البلاد.
وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن المؤتمر جمع 370 مليون دولار، اي اكثر بعشرين مليونا من المستهدف.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في المؤتمر الذي شاركت فيه عديد الدول تقديم ”حوالي مئة مليون دولار من المساعدة الإنسانية الجديدة“ للبنان، داعيا المسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى ”إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد“.
وقال في رسالة عبر الفيديو وجهها إلى المؤتمر: ”لن تكون أي مساعدة خارجية كافية إذا لم يلتزم قادة لبنان بإنجاز العمل الصعب، إنما الضروري القاضي بإصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد“. وأضاف أن ”هذا أساسي، يجب البدء الآن“.
من ناحيته، انتقد الرئيس الفرنسي الطبقة السياسية اللبنانية ”الفاشلة“ التي ألقى اللوم عليها في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وبعد مرور عام على الانفجار الذي هز ميناء العاصمة وأغرق لبنان بدرجة أكبر في الأزمة الاقتصادية، لم يشكل الساسة بعد حكومة قادرة على إعادة بناء البلاد، على الرغم من الضغوط الفرنسية والدولية.
الانفجار الذي نتج عن تخزين كمية هائلة من نترات الأمونيوم في المرفأ لسنوات دون مراعاة ضوابط السلامة، لم يحاسب مسؤول كبير واحد على خلفيته مما يثير غضب كثيرين من اللبنانيين في وقت تعاني فيه البلاد من انهيار مالي.
وتعثر التحقيق اللبناني في الانفجار برفض طلبات لاستجواب بعض كبار الساسة ومسؤولين سابقين.
وسقط أكثر من 200 قتيل وأصيب آلاف في الانفجار الذي يعد من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على الإطلاق والذي شعر به سكان في قبرص على بعد أكثر من 240 كيلومترا.
ماكرون: طبقة سياسية فاشلة
وقال ماكرون في تصريحات لدى افتتاحه مؤتمر المانحين ”يراهن زعماء لبنان فيما يبدو على إستراتيجية المماطلة، وهو أمر مؤسف، وأعتقد أنه فشل تاريخي وأخلاقي“.
وأضاف: ”لن يكون هناك شيك على بياض للنظام السياسي اللبناني؛ لأنهم فشلوا منذ بداية الأزمة وحتى من قبلها“.
وقادت فرنسا الجهود الدولية لانتشال مستعمرتها السابقة من الأزمة. وزار ماكرون بيروت مرتين منذ انفجار المرفأ، وزاد مساعدات الطوارئ وفرض حظر سفر على بعض كبار المسؤولين اللبنانيين، في إطار سعيه للحصول على حزمة إصلاحات. كما أقنع الاتحاد الأوروبي بالموافقة على إطار عقوبات جاهز للاستخدام.
لكن مبادراته، بما في ذلك الحصول على تعهدات من السياسيين اللبنانيين بالاتفاق على حكومة خبراء غير طائفية، باءت بالفشل حتى الآن.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا في كلمتها امام المؤتمر إن لبنان سيحصل على ما يعادل نحو 860 مليون دولار من الاحتياطيات الجديدة لصندوق النقد الدولي، لكن هذا لن يحل المشكلات المزمنة للبلاد بدون تمكين حكومة من تنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وقالت جورجيفا إن ”حقوق السحب الخاصة الجديدة للبنان المتوقع توزيعها في 23 أغسطس/ آب، يجب أن تُخصص لتحقيق أقصى منفعة للبلد وشعبه“.
وأضافت: ”لكن حقوق السحب الخاصة لن تحل مشكلات لبنان الهيكلية والنظامية طويلة الأمد… ما الذي يحتاج إليه الأمر؟ نحتاج حكومة يتم تمكينها من القيام بالإصلاح، وتنعش من جديد اقتصاد لبنان المتعثر“.
عون: دعوة للتضامن
ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون، في المؤتمر إلى التضامن، قائلا إن جائحة كورونا تسببت في نقص الأدوية، وفاقمت معاناة الشعب اللبناني. وقال: ”يمر لبنان حاليا بأصعب أوقاته“.
وأضاف ردا على رسائل ماكرون والمجتمع الدولي بشأن الحاجة الملحة لتشكيل حكومة جديدة: ”نحن اليوم في مرحلة جديدة. آمل أن تتشكل حكومة، حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة“.
الرئيس اللبناني ميشال عون أكد في كلمة له، الثلاثاء، أنه سيسعى مع الرئيس المكلف، ووفقا لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءاتهم ونزاهتهم أن تنفذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة“.
وقال: ”قادرون معا بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجيا من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا“.
ودعا عون، في خطاب الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، إلى أن ”يتمسك اللبنانيون بوحدتهم ويفتحوا صفحة جديدة تعيد لبنان إلى خريطة الابتكار، والنمو، والمنافسة، وتعيد لشبابه الأمل بوطنهم، والرغبة بالبقاء فيه، وإعادته وطن الحضارة، والفرح، والإبداع“.
من جانبه، قال رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي، اليوم الإثنين، إنه كان يتمنى تسريع وتيرة تشكيل حكومة جديدة، وإن مهمة تشكيل الحكومة ”لن تكون مفتوحة“.
وأضاف بعد لقائه مع الرئيس ميشال عون: ”بكل صراحة كنت أتمنى أن تكون وتيرة تشكيل الحكومة أسرع مما هو حاصل، وأن نكون أنجزنا الحكومة لنزفها للبنانيين قبل 4 آب، هذا التاريخ الذي شكل نكبة كبيرة في لبنان أصابت جميع اللبنانيين، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة“.
وكان الاتحاد الأوروبي وافق، في 12 يوليو/ تموز الجاري، على وضع إطار قانوني لفرض عقوبات على زعماء لبنانيين، بنهاية الشهر الجاري، في إطار مسعى للضغط لتشكيل حكومة مستقرة، بعد فوضى سياسية مستمرة منذ نحو عام؛ عقب انفجار بيروت.
مظاهرات بيروت
وفي الذكرى الاولى لانفجار المرفأ، انطلقت بعد ظهر الأربعاء مسيرات عدة في العاصمة اللبنانية بيروت، وسط مشاعر غضب وحزن إذ لا يزال كثيرون في حالة حداد يطالبون بتحقيق العدالة.
واندلعت مواجهات قرب مقر مجلس النواب في وسط بيروت بين القوى الأمنية اللبنانية وعشرات المحتجين الغاضبين.
وفي وقت تجمع فيه آلاف اللبنانيين قرب المرفأ المدمر، توجه المئات إلى الشوارع المؤدية إلى مجلس النواب، الذي انتشرت في محيطه تعزيزات أمنية مكثفة.
وحاول عشرات الشبان اجتياز الحواجز الامنية المؤدية إلى البرلمان من جهات عدة، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
وألقى المحتجون الحجارة باتجاه القوى الأمنية التي ردت باستخدام القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفرقهم. ولا تزال عمليات الكر والفر مستمرة بين الطرفين.
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن نقل ستة جرحى من وسط بيروت إلى المستشفيات، وإسعاف العشرات في المكان.
ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلق مئات المتظاهرين، بينهم محامون بردائهم الأسود وأطباء بزيهم الأبيض، من نقاط عدة باتجاه المرفأ. وستكمل بعض التظاهرات مسيرها لاحقاً إلى مجلس النواب.
ودعا أهالي الضحايا وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الطبقة الحاكمة، إلى التظاهر رافعين شعار "العدالة الآن".
وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات لم يكشف النقاب عن أي منها، إلا نادرا، ولم يحاسب أي من منفذيها، لا يزال اللبنانيون ينتظرون أجوبة لتحديد المسؤوليات والشرارة التي أدت إلى وقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم.
وحدّد أهالي الضحايا الاثنين مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات عن مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمثلوا أمام القضاء.