كتب الأستاذ عيسى محارب العجارمة - سفح القلعة حي عماني شعبي سخي،بموروثه وانسانه وطرقاته المتعرجة صعودا لقلعة العاصمة الأردنية عمان أو ربوة عمان أو فيلادلفيا أو سمها ما شئت فمن هنا مر كل القياصرة ومضوا.
ترتاده العائلات صبيحة كل جمعه لتناول وجبة الإفطار على الرصيف المقابل لمطعم العقيلي الشهير،حيث الطاولات تزين حواف الطريق الضيق وتشتم رائحة التراب العظيم من البيوت الطينية التي غادرها سكانها، والتي يبدو أنها احد شواهد العصر على التغريبة الفلسطينية بكل تجلياتها الحزينة.
فهو احد أروع مطاعم عمان الشعبية التي تقدم وجبة الإفطار من أطباق الحمص والفول المقدسي الشهي القديم المغمسة بزيت الزيتون القادم من سحم الكفارات باربد شمال الأردن، والتي تشتهر باشجار الريتون الرومية القديمة، وقد أسر لي صديقي العزيز مالك المطعم انه يشتري رقما كبيرا من تلك المادة التي هي أحد أسرار إقبال العوايل الأردنية على مطعمهم الشعبي الذي أن لم يكن الأول فهو الأروع بلا شك تزينه أسوار القلعة بربة عمون.
يأبى أولئك الطيبون الا ان يغمرونا بكرمهم وان كان مدفوع الأجر، وهو برأي زهيد مقابل ابتسامة صاحب المكان، فابتسامة المعلم أحمد هي شيء من ما ورد بروايات نجيب محفوظ، حول جدعنة معلمي حواري القاهرة الشعبية، فالمعلم أحمد رجل جدع بمعنى الكلمة يبش ويهش بوجه كل قادم من سائح ومقيم وتلك السمة الأبرز لمطعم الغلابى بسفح القلعة والمثل يقول (لاقيني ولا تغديني).
الإفطار بمطعم الغلابى له نكهته الشعبية وخصوصيته التي تليق بقلعة عمان فهنا عبق من التاريخ المأساوي القديم خلال حقبة استعمارية بغيضة مضت بعجرها وبجرها.
فتحس بأن هرقل احتسى خمرته هنا تحت ظل شجرة عمانية ضاربة الجذور، أسفل سور القلعة، متفقدا الجند قابضا على الغمد، بزيارته الاستعمارية لعمون ليغادرها للأبد إثر وقعة اليرموك ليصبح أثرا بعد عين فالغزاة وان طال الزمان لا يمكثون.