مثل كل عنوان وقضية لا تعني الطبقة الوسطى وقادة الرأي العام، لا نجد لها «أبو» يتبناها ويُدافع عنها. باص الفقراء المسمى تعسفاً الباص السريع لا «أبو» له، ولا عنوان وجيه يتبناه لأن وظيفته غير مفيدة للطبقة الوسطى، وقد لا نجد بعضاً من قادة الرأي العام من يتباهى به ويُدافع عن أهميته ودوره ووظيفته. المفترض أن النواب والأحزاب الوطنية والقومية والإسلامية واليسارية تقف مع فكرة ومشروع الباص لأنه حقاً «باص الفقراء» والغلابى، الذين لا يملكون أدوات نقل ووسائل رفاهية خاصة، ولا خيار لهم، سوى باصهم، ولكن هؤلاء بلا صوت، وصوتهم إذا توفر خافت ضعيف لا يصل، ولا أحد يلتفت إليه. في عمان وتاريخها، يوجد مظهران ذات طابع استراتيجي طويل الأمد فقط هما: أولاً الانفاق والجسور. وثانيهما باص الفقراء. ولا يوجد عنوان لمظهر ثالث، كأن نقول حدائق تتقلص بدلاً من أن تتسع مساحاتها، حيث يعتدي عليها بعض المتنفذين فيقيمون على أرضها بعض المنشآت تحت عناوين وأنشطة خيرية أو خلافه، فتتقلص مساحات الحدائق وتصغر. والحدائق القائمة القليلة المنتشرة في بعض الأحياء، بعيدة عن الصيانة والمتابعة والنظافة، ولا تتوفر لها الخدمات وتخلو من مبادرات تطوعية، من قبل المدارس أو الأندية أو الجمعيات. أمين عمان مهذب قليل الكلام والادعاء، ويفتقد لما كان يملكه بعض من سبقوه، ولذلك يعمل على الأغلب بصمت، فلا نجده يتصدى دفاعاً عن مشاريع ناجحة مهمة ذات طابع استراتيجي، كما هو مشروع باص الفقراء وما رافقه من فتح شوارع مهمة ومرافق دائرية ستسهم في حل مشكلة السير، ولكن هذا يحتاج لوقت وصبر. مشكلة مشروع باص الفقراء أنها استغرقت وقتاً، وسببت ضائقة تحرك، وتغيير مسارات، أزعجت أصحاب الصوت العالي من الطبقة الوسطى وقادة الرأي العام، فأعطى المشروع ردود فعل سلبية مسبقة. الآن حينما نراقب باص الفقراء لندقق حالة الراحة والفرح على وجوه من يستعمله، إنها واضحة، لأن الباص أعاد لهم فرص التنقل بوقت أسرع وبأجرة مالية منخفضة معقولة، تعكس احتياجاتهم وإمكانياتهم وتحميهم من فرض التنقل عليهم عبر ركوب التكسيات مجبرين على ذلك طالما لا يملكون سيارات خاصة. ما زال مشروع باص الفقراء لم يكتمل، ولكن عند نهاية المشروع واستكماله سيكون مريحاً ونقدم الشكر القوي لمن بادر ونفذ وعمل على بلورة المشروع ومنحه الحياة، وهم يستحقون ذلك.