بقلم المخرج د. محمد الجبور - تلعب الأحزاب السياسية في الديمقراطيات العريقة دوراً مهماً وحيوياً وتمثل العمود الفقري للحياة السياسية ويتبع أهمية دورها وفعاليته نتائج الانتخابات التي تشارك فيها فهي إما أن تستلم السلطة وتدير الحكومة وتسيطر على البرلمان أو تكون في المعارضة فتلعب دور المراقبة والمحاسبة على الحزب أو الأحزاب التي في الحكومة ولن يتأثر أداء الأحزاب اذا تقاسم حزبان (كما في اميركا وبريطانيا) الحياة السياسية أو مجموعة من الأحزاب (ألمانيا والنمسا وفرنسا) لأن معظم هذه الاحزاب ملزمة بإظهار الاحترام لقواعد النظام الديمقراطي واحترام الرأي الآخر وحقوق الانسان والعمل على دعم وإدامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية ولن يبقى دور الأحزاب واضحاً جلياً عند الانتقال للحديث عن دورها في دول العالم الثالث لأن التعقيد والغموض سيسود مشهد معظم الأحزاب ويأتي التعقيد من متابعة ظروف نشأة وتأسيس هذه الأحزاب وهو الامر الذي يوليه اساتذة العلوم السياسية أهمية كبيرة في تحديد أنواعها وأسباب تعددها وصولاً الى معرفة متكاملة للحياة السياسية في دولة ما فمثلا من المظاهر التي حللت تأسيس أحزاب سياسية على يد مجموعة من الضباط المغامرين الذين استولوا على السلطة بانقلابات عسكرية مشبوهة النيات ولطالما ظهرت مساوئ الأحزاب السياسية عند تناول دورها في دول العالم الثالث من تقيد بالمصالح الحزبية الضيقة وتغليبها على المصلحة العامة الى تشويه الرأي العام والتغرير به بطرق عدة.
ان بقاء رؤساء الأحزاب يتحكمون بقرارات الحزب وسياساته أمرٌ لا يصب في مصلحة بناء نظام ديمقراطي ونخشى أن يصبح ذلك معتاداً عليه في البرلمان عندما يكون الرأي الاول والاخير لرئيس الكتلة النيابية وهذا يؤثر سلباً على مجمل الحياة السياسية، ولا أظن أن الأحزاب التي لم تفز في الانتخابات ستتخلى عن دعوتها الى نظام ديمقراطي وينبغي علينا ألا نشكك في مصداقية أحد منها لأن الفترة المقبلة ستشهد ظهور أحزاب سياسية تشكل قوة معارضة حقيقية لكنها ايجابية بتبنيها النقد البنّاء ومراقبة الاداء الحكومي في الوقت الذي لن تتوقف فيه عن المطالبة بالديمقراطية ولا يمكن اليوم لأي حزب سياسي أن يحدد عدد مؤيديه وحجم قواعده الشعبية فأحزاب ديمقراطية كثيرة دخلت الى الساحة بقوة لم نلحظ لها دوراً يذكر بعد الانتخابات لان التصويت كان على أساسات عشائرية وليس على أساس منهج الحزب ومدى ايمانه بالديمقراطية وبتوسيع القواعد الشعبية، يمكننا ترسيخ مفهوم الديمقراطية إن كان الحزب السياسي يعتبر الديمقراطية منهجه الأساس، بدون التأثير على الجماهير بطرق ملتوية.