زاد الاردن الاخباري -
احمد أبو بدر - بلغني أيها الشعب الجبار, أنه و بعد طول انتظار, جاءت الأخبار, بأن هناك باصاً لمحته الأنظار, يمشي لوحده في مسار ,لا يشاركه فيه أي مار, سواءً كان ماشياً أم بسيارته أم على ظهر الحمار, فهنيئاً لشعبنا هذا الانتصار!!
و لكن يا من فرحتم و هللتم و التقطتم الصورة لتظهروا للشعب لقطة الإنجاز بعدما صبر عليكم عقداً كاملاً من الزمن رحل فيه الكثيرون عن دنيانا و أغلب ظنهم – رحمهم الله تعالى- أن تشغيل مشروع الباص السريع لربما أصبح من أشراط قيام الساعة فيما كاد الأحياء من سكان العاصمة عمان أن يتقدموا بالمناشدة لأمانة عمان بزراعة ممر الباص السريع بالنجيلة و تحويله لممشى و إتاحة الفرصة للشباب العاطل عن العمل بإقامة الأكشاك على جانبي مسار الباص السريع و منحهم التراخيص اللازمة لذلك .
أقول لكم أيها المبتهجون جذلا بصوركم و فيديوهاتكم التي أتخمت مواقع التواصل الاجتماعي أنكم لم تنجزوا شيئاً يذكر لغاية الآن, فلازال بعض الشعب مصدوماً من حجم الفجوة ما بين ما هو المفترض و بين ما رأى من واقع مخالف لما تصوره في مخيلته عن المشروع و ما زال البعض الآخر منه يرى فيه وسيلة ترفيه لا أكثر و فرصة للقيام برحلة داخلية بنمط جديد للترويح عن النفس و هناك قسم آخر من الشعب لم يلقِ بالاً و لم يحفل بالموضوع أصلاً بل و اعتبر ما أنفق على هذا الباص هدراً و إتلافاً للمال العام و كان من الأولى و الأجدر أن ينفق على مشاريع تنموية تساعد في تخفيف المشاكل الحياتية التي يعاني منها سكان العاصمة .
في ضوء ما تقدم فإن الحكم على مشروع الباص السريع بالنجاح أو الفشل موضوعٌ على المحك و على أمين عمان و رئيس الوزراء و كل من له علاقة بهذا المشروع الأخذ بعين الاعتبار أن شعباً صبر كل هذه المدة يستحق منكم أن تراعوا من أجله العديد من الأمور المتعلقة بهذا المشروع و سأذكر تلك الأمور على شكل نقاط يجب على أمين عمان و رئيس الوزراء و من خلفهم بقية العاملين في المشروع أن لا يهملوها و هي كالتالي:
1- لا بد من وضع كاميرات مراقبة على طول مسار الباص السريع خاصة عند مناطق التداخل مع بقية المركبات و هذا أمر ضروري لرصد كافة المخالفات التي قد تحدث على طول المسار من تعديات المارة و المركبات عليه و لرصد أية حوادث أو أعطال و أية أمور أخرى قد تحدث على طول المسار.
2- على أمانة عمان الاهتمام بوضع المزيد من الحمايات لمسرب الباص و وضع الإشارات و العلامات التحذيرية التي تنبه المشاة و المركبات و تمنعهم من الاقتراب و التأثير على مسرب الباص السريع لتكون بمثابة الحواجز التي تلفت انتباه الآخرين للممر و تعين سائقي الباص على تجنب الحوادث العرضية مع المشاة و المركبات.
3- يجدر بأمانة عمان أن تنسق مع إدارة السير في مديرية الأمن العام بتخصيص كوادر من ضباط السير بشكل دائم على طول مسار الباص السريع و في محطات توقفه فالمشروع يعكس صورة حضارية عن العاصمة فمن واجب إدارة السير أن تكون على مستوى الحدث و أن تتحمل مسؤوليتها بالشكل المثالي دون أعذار أو تهاون.
4- لا يوجد في حافلات الباص السريع سلة مهملات –أجل الله قدركم- و ذلك بسبب منع الأكل و الشرب داخلها أثناء الرحلة و لكن أنتم تتعاملون مع شعب فيه مختلف الطبقات من ناحية التعلم و التصرف و السلوك و من سيستخدم هذا الباص عادة لن يمسك بالمنديل أو زجاجة الماء الفارغة أو حتى لفافة الشطيرة أو كيس التسالي التي سيأكلها في الباص حتى يخرج منه ثم يرميها في أقرب مكان مخصص فالرجاء أن تحكموا و العقل المنطق لديكم قليلا و تضعوا مكانا مخصصاً في كل باص لذلك حتى و إن كان سلة صغيرة فالنظافة من الإيمان حتى و إن بدت أسبابكم في عدم وضعها وجيهة إلى حد ما.
5- ستصبح أجرة الباص للرحلة الواحدة خمسة و ستون قرشا ألا يستحق الشعب الذي صبر عليكم ما يزيد عن عقد من الزمن أن تجعلوا الأجرة للرحلة الواحدة نصف دينار فقط ؟ أعلم تماما أن هناك حسابات للربح و الخسارة و الجدوى الاقتصادية و الكلف التشغيلية يجب أن تؤخذ في الحسبان لكن فرق خمسة عشر قرشاً يمكن أن يعوض بأية أمور أُخرى تستطيع الأمانة بالتعاون مع الجهات الأُخرى التنسيق فيما بينها إما لتخفيض بعض الكلف التشغيلية أو استحداث خدمة تدر إيراداً تعويضياً للأمانة نظير تخفيض الأجرة و لكن الرجاء منكم التفكير جدياً بتخفيض الأجرة لتصبح نصف دينار فقط فمعظم من سيستعمل الباص السريع في النهاية هم أبناء الشعب من الطبقة الكادحة فاعملوا خيراً لوجه الله عسى أن تجدوه في آخرتكم.
6- يستحسن أن تبني أمانة عمان مظلات و كراسي انتظار مظللة في المحطات و في بعض محطات التوقف و التحميل و التنزيل للركاب فهناك طقس حار و غدا طقس ماطر و بعده شديد البرودة و هكذا فمهما كانت سرعة الباص إلا أن الظروف و الأحداث الطارئة غير مضمونة فقد يحصل تعطل أو حادث أو أية مشكلة تضطر الركاب للانتظار مدة لا بأس بها و لذلك فإنشاء مثل هذه المظلات و أماكن الانتظار سيهون على الركاب انتظارهم حل حدوث أي عارض محتمل.
7- أطلقت أمانة عمان مشكورة تطبيقاً لتسهيل الدفع(كونه لايوجد تحصيل نقدي بالعملة داخل الباص و إنما من خلال بطاقة باص عمان التي تم إصدارها خصيصا لهذا الغرض) و تتبع وجهات الباص السريع و محطات توقفه كما أن هناك صفحة للمشروع على الفيسبوك لكنني أجد أمانة عمان ملزمة بعمل موقع إلكتروني للباص السريع ليتعرف الجمهور أكثر على المشروع من ناحية الأعمال القائمة و المنجزة فيه و الاطلاع على تقدم العمل في المقاطع التي لم تنجز بعد في المشروع كما يتم توضيح كيفية شحن البطاقة و استخدامها لأول مرة مع بيان مواقع المنافذ المخصصة لبيع و تجديد شحن البطاقة مع وجود نوافذ و راوابط خاصة للاطلاع على حالة الطريق و مواقع الحافلات و خارطة مسار الباص و مواعيد الرحلات و صورا توضح معالم عمان التي يمر بها و محطات التوقف مع وجود خانة للنقاش المفتوح في الموقع و ذلك لاستقبال الشكاوى و الاقتراحات و الاستفسارات من المواطنين و صدقوني سيصبح هذا الموقع الالكتروني وسيلة للترويج و التفاعل المجتمعي لإنجاح مشروع الباص السريع على المدى الطويل .
8- فيما يخص محطتي الانطلاق للباص السريع ذهابا و إيابا في منطقتي صويلح و راس العين فيبدو أن الأمانة قد نسيت وضع مصلى أو مكان للصلاة فيهما و رغم أن البعض قد لا يأبه بهذا الأمر إلا أنه لا شيء أفضل في أي مبنى أو مصلحة أو مؤسسة أو منشأة مهما كان الغرض منها أو غايتها من وجود مصلى أو مكان للصلاة يعين الناس على ذكر الله تعالى و عبادته و هو الذي - جل شأنه – يسر العقبات و ذلل الصعاب ليرى هذا المشروع النور بعد أن كان معظم الشعب قد قنطوا و يأسوا منه فأرجوكم اجعلوا لمن تفضل عليكم بالنعم مكاناً يعبده الناس فيه في هاتين المحطتين و من أدى شكر النعمة دامت عليه .
9- فيما يتعلق بالسعة المقعدية للباص السريع فما تم ملاحظته أن هناك خللاً في تطبيق قواعد التباعد الصحي تماشيا مع قوانين الدفاع المتعلقة بذلك في ظل جائحة فيروس كورونا و عدم تقيد بذلك حيث أن الباص يكون ممتلئاً بكامل السعة المقعدية و هو أمر غير مبرر إطلاقاً فمادام هناك عدد كافِ من الباصات فيجب تحديد السعة المقعدية لكل باص بخمسة و سبعين في المئة أو حتى خمسين في المئة إلى أن يزول أثر هذه الجائحة عن بلدنا.
10- يرجى من أمانة عمان إعادة النظر في مواعيد تشغيل الباص السريع ضمن مساره في التوقيت الصيفي ليصبح من الساعة الخامسة صباحاً و حتى الثانية عشر ليلا بدلاً من اقتصاره على الفترة ما بين السابعة صباحاً و لغاية العاشرة مساءً وذلك حتى ينتفع منه أكبر قدر ممكن من المواطنين و أيضاً لترسيخ انتفاء استعماله لأغراض أخرى كالتنزه و ممارسة رياضة المشي على مساره من قبل بعض النكرات الذين لا يدركون سوء تصرفهم و لا يقدرون أدباً و ذوقاً أن مسار الباص بعد تشغيله لم يعد للنزهة.
11- مشروع الباص السريع غايته الأساسية هي تحفيز الناس على استعمال وسائل نقل عام آمنة و مريحة بدل الاعتماد على وسائل النقل الخاصة و بالتالي فعلى أمانة عمان تحفيز المواطنين على استخدام هذا الباص عبر تنقلاتهم اليومية من أجل التخفيف من حدة أزمات السير التي تواجهها شوارع العاصمة و لذلك يجب عليها أن تتبع نظام مكافآت تحفيزي لمن يبلغ استخدام بطاقته عددا معيناً من الرحلات و تخصيص آلية مناسبة لذلك كعمل متجر للهدايا العينية أو التعاون مع شركات و جهات أُخرى مختلفة لمنح كوبونات عروض و خصومات لمن يبلغ عددا معينا من الرحلات و أيضاً لمن يبلغ رصيد الشحن لديه في البطاقة مبلغاً معيناً كل تلك الأمور ستحفز شريحة أكبر من المواطنين على الإقبال على استخدام الباص السريع بدل سياراتهم الخاصة .
في النهاية فهذا المشروع قد استغرق مدة تكفي لحصول حرب عالمية ثالثة و انقضائها و ترميم الدمار الذي خلفته فأرجو أن يدرك أمين عمان و رئيس الوزراء ماذا الذي يعنيه الأمر فيما لو كان الفشل مصير الباص السريع فالشعب قد طفح به الكيل من الفشل الحكومي الذريع العابر للحكومات في حل مشاكل البطالة و الفقر و غلاء المعيشة و تراجع مستوى التعليم و الصحة فلا تزيدوا الوطن هماً بمشروع فاشلٍ آخر و الله من وراء القصد.