لي ثلاثة أيّام أشاهد بأثر رجعي مسلسل " الظاهر بيبرس" بطولة المبدع الفنان عابد فهد.. ورغم أنني أعرف تفاصيل "المماليك" إلاّ أن مشاهدة تلك التفاصيل وكأنها حياة أمامك شيء مختلف عن القراءة..!
منذ وفاة الملك الصالح أيوب و ( شجرة الدر وأقطاي و أيبك وقطز وبيبرس) مماليك قادة؛ شكّلوا بما يعرف اليوم بمجلس قيادة الثورة.. ومع توالي الأيام تراهم يتآمرون على بعضهم حد القتل؛ كلّهم يموتون على يد بعضهم.. كلّهم يعميهم الكرسي فيريدون أن ينهوا وجود بعضهم ليستفرد كلّ منهم بالكرسي..!
الأمر ليس جديداً في السياسة؛ فالقاعدة الثابتة أن ( المُلك عقيم) ولا يقبل القسمة على ابن أو أخ أو صديق.. ولكن المؤلم وأنت ترى حضارة بأكملها مثل حضارة (الدولة العباسية) تنهار لأن فيها من الزعماء أكثر مما بها من العقلاء و الحكماء.. تراها تتفكك تحت سنابك خيل الغُزاة ؛ وترى الخليفة المستعصم يموت ركلاً بالأقدام و مدينة عصيّة كبغداد تصبح مقبرة لأهلها..!
صور بشعة وحقائق مرّة و لكنها تأخذك إلى جيناتك الحالية لتعلم عن تركيبتك الآن؛ ومن أنت.. ؟ أنت نتاج ذاك.. أنت خلاصة الدسائس.. أنت زبدة الصراع على الزعامة.. أنت المستباح منذ تفكّكت هذه الأمة وصار عنوان قادتها ( أنا ومن بعدي الطوفان)..!
لا شيء جديد.. سوى أنك تتأكد أن هذه الأوطان شربت من دمنا حدّ أن الدم صار قاسماً مشتركاً في سعادتنا ؛ لذا ترانا قُساة حتى في ذروة العشق..!
لا شيء يحدث بالصدفة.. نحن الصدفة..
كامل النصيرات