زاد الاردن الاخباري -
ينظر لأراضيه الزراعية يمينا ويسارا فلا يرى فيها عرقا أخضر، فقد باتت خاوية على عروشها بسبب نقص مياه الري المسالة للمزارعين في منطقة دير علا بالأغوار الأردنية الوسطى، وتوقفهم عن الزراعة في موسم الصيف.
الستيني حسن المناصير دأب على زراعة أرضه الممتدة على مساحة 100 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) بأصناف الخضروات، لكن شح الأمطار ونقص كميات مياه الري منعته من الزراعة في الموسم الحالي، وفق حديثه.
يقول المناصير "منذ 25 سنة وأنا بالزراعة، لم يمر يوم على أرضي دون زراعة سواء في العروة الصيفية او الشتوية، لكن هذا الموسم مختلف، فالأمطار شحيحة، وكميات المياه الموزعة على المزارعين في تناقص، والحرارة مرتفعة جدا عن السنوات الماضية".
وتابع "مياه الري تصلنا يومين أو 3 بالأسبوع ولمدة 6 ساعات، أي ١٢ ساعة أسبوعيا، وهذه الكميات أقل من السنوات السابقة بنسبة 120%، إذ كنا نحصل على 30 ساعة ري خلال الأسبوع".
ويعاني القطاع الزراعي في الأردن جملة من الصعوبات، إلّا أن الصيف الحالي أضاف لهذه الصعوبات مشكلتي تراجع كميات الهطول المطري، ونقص كميات مياه الري المخصصة للوحدات الزراعية، سواء للأشجار المثمرة خاصة الحمضيات والموز والنخيل، أو المزروعات الحقلية من الخضروات.
ورغم ذلك، فالمناصير أفضل حالا من المزارع ياسر الصلاحات، الذي زرع أرضه 50 دونما بالمحاصيل الخضرية، لكنها تتعرض للجفاف أمام عينيه، يقول للجزيرة نت "استدنت لزراعة محصول الملوخية خلال الموسم الصيفي، وبعدما زرعت وبدأ المحصول ينمو ويكبر، شحّت مياه الري وتناقصت كمياتها ويوما بعد يوم يجف المحصول بسبب موجة الحر وقلة السقاية".
الشكوى من نقص مياه الري يكاد يتشارك بها غالبية مزارعي الأغوار، مزارع الحمضيات عبد الكريم الصلاحات، يشتكي من جفاف ثمار الليمون بسبب نقص مياه الري، "الثمار تجف وتتساقط عن الأشجار بسبب نقص المياه، وبمراجعتنا للمسؤولين يعدون بزيادة الكميات، لكن لا تطبيق على أرض الواقع"، يقول الصلاحات.
ويتابع "منذ 30 عاما وأنا بالزراعة وكل عام أسوأ من سابقه، في الشتاء نعاني من تكدس كميات الخضار المنتجة، بسبب وقف التصدير وتباع بأقل من تكاليف زراعتها، وفي الصيف تجف الأشجار وتأكل ثمارها الأغنام بسبب شح المياه، مما يدفعني لترك الزراعة والتوجه لعمل آخر".
ووفق خبراء فإن جملة التحديات التي تواجه القطاع الزراعي دفعت بمزارعين لهجرة أراضيهم، وعدم زراعتها بالمحاصيل الخضرية، واستبدال ذلك بزراعة الأشجار المثمرة خاصة النخيل، أو تحويلها مزارع لتربية الأسماك.
أرجعت الأمينة العامة لسلطة وادي الأردن منار محاسنة (مؤسسة حكومية تابعة لوزارة المياه والري الأردنية) سبب تقليل كميات المياه المسالة للمزارعين لـ"تراجع الهطول المطري، ونقص كميات المياه بالسدود المخصصة للزراعة".
ووفق حديث محاسنة فإن توزيع المياه على المزارع يتم بحسب "الاحتياجات المائية للمحاصيل المزروعة من خضروات وأشجار مثمرة، وهذا الواقع سيستمر لبداية موسم الشتاء".
وتابعت أن المياه الموزعة على المزارعين من السدود التي تتغذى من مياه الأمطار، ومخزون السدود بالمملكة سجل مطلع الشهر الحالي 95 مليون متر مكعب وبنسبة 28% من طاقتها الاستيعابية، بينما العام الماضي وفي الشهر ذاته بلغت 156 مليون متر مكعب، وبنسبة 40% من طاقتها الاستيعابية، مما يؤشر على نقص 60 مليون متر مكعب من المياه للعام الحالي.
السلطة اتخذت عدة إجراءات لمواجهة شح المياه، -بحسب محاسنة- أبرزها السماح للمزارعين بحفر آبار ارتوازية في وحداتهم الزراعية، وضبط عمليات سحب المياه بطريقة غير شرعية من قناة الغور لري المزارع بطريقة مخالفة، وبدء تنفيذ مشروع تغيير شبكة مياه الري لتقليل نسبة الفاقد التي تصل لـ25% من كميات المياه.
نقص مياه الري وارتفاع تكاليف الزراعة التقليدية بالتربة، شكلت دافعا للمهندس حمزة العلبي 31 عاما للاستثمار في أنماط الزراعة المائية، لأنها "توفر من 75 إلى 85% من كميات المياه المستخدمة في الزراعة التقليدية بالتربة"، على حد قوله.
ويضيف العلبي أن المياه المستخدمة بالأحواض الزراعية "يمكن إعادة استخدامها لعدة دورات زراعية، وتمنحك الزراعة المائية إنتاج أوفر وأكثر للكميات، ودون استخدام للمبيدات الكيماوية، وبمدة أقصر بنسبة 20% عن الخضار المنتجة بالتربة العادية".
ويرى الخبير في القطاع الزراعي نمر حدادين أن على المزارعين "التوسع في استخدام أنماط الزراعات المائية الحديثة للأصناف الخضرية التي يتم زراعتها في التربة"، وذلك لأنها "توفر في كميات المياه المستخدمة، ويمكن أعادة استخدام تلك المياه في مشاريع أخرى، ووفرة منتوج تلك الزراعات مقارنة بالزراعات التقليدية، وقلة حاجتها للمبيدات الحشرية وغيرها من المميزات.
المصدر : الجزيرة