من المعروف أن شعبنا الأردني كان على الدوام في مقدمة الشعوب الطامحة للتقدم والإصلاح ، والحالم أيضا بقانون انتخابي ديمقراطي يلبي رغبات كافة الأطياف في مجتمعنا ، وسعيه كذلك لضمان حقه في ممارسة حياة برلمانية وحزبية تسهم في تحقيق الأمنيات والتطلعات ، ومن هنا جاءت الارادة الملكية بتشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسية لترتيب الحياة الحزبية والبرلمانية في بلادنا .
ويعتبر تشكيل هذه اللجنة خطوة مهمة في مسيرة الدولة الأردنية ، وللنهوض بالوطن لتحقيق الإصلاحات المنشودة ووضع خارطة طريق لمستقبل أردننا وشعبنا ، خاصة في ظل هذه الظروف الدقيقة التي تخضع لتحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية عصيبة .
إننا نأمل من شعبنا العزيز ومن الزملاء العلاميين ورواد شبكات التواصل الاجتماعي أن يتركوا اللجنة في عملها وبرامجها من غير التدخل في أعمالها واجتماعاتها ، حتى يتسنى لأعضائها أن يعملوا بذهن صافٍ من غير تشكيك بأهدافهم ، وعدم الحكم والإستباق سلفاً لنتائج جهودهم ، إضافة الى عدم وضع العراقيل في طريقهم ، وقد سبق لجلالة الملك أن حذّر من وجود جهات مُحبطة تسعى الى الشد العكسي لكل محاولة إصلاح .
كما نأمل بضرورة حشد الجهود وتقديم الدعم والإسناد للجنة الملكية لتحقيق النهوض الشامل الذي يلبي مصالح وطموحات الأردنيين ويضمن مستقبل الأجيال القادمة ، خصوصا وأن هذه اللجنة تمثل كافة أطياف اللون السياسي والاجتماعي والفئات العمرية والنوعية ، وسيكون لتوصياتها الأثر في استعادة مبدأ التوافق على خارطة الإصلاحات المنشودة ، علما أن اللجنة تتطلع الى التشاركية من الجميع والثقة بأعمالها سواء من قبل الإعلام أو المؤسسات الحزبية والشرائح المجتمعية المختلفة التي تُكثر بعضها من التدخلات في خطط اللجنة قبل الوصول الى النتائج النهائية الرامية لصياغة مشروعي قانوني الإنتخاب والأحزاب ، مع العلم أنها - أي اللجنة - قد انتهجت سياسة الشفافية والانفتاح على المجتمع والإعلام ، وهي أمامها الكثير من المهام لإنجاز ما كُلفت به ، وهي في النهاية ستضع المواطنين بصورة النقاشات والتوافقات كافة ، لأجل الوصول إلى أحزاب فاعلة وقوية وبرلمانات برامجية تلبي طموحات الوطن والمواطنين مع ضمان مشاركة الشباب والمرأة في الحياة البرلمانية والحزبية في المرحلة المستقبليه .
إننا نقرأ بين الحين والآخر المزيد من الشكوك بعمل اللجنة ومنها قول أحد النقاد ، أن العبرة في النهاية التطبيق على أرض الواقع ، معللاً بذلك أن التجارب السابقة أثبتت عدم إمكانية وصول اللجان إلى نتائج ملموسة وواقعية ، وقال آخر إن الناس لم يعد يثقون بهذا الشكل من الإصلاح لا سيّما أنه على مدار السنوات الماضية تشكلت لجان عديدة بهدف الإصلاح السياسي والقضائي ، حتى أن بعض النقاد شككوا بشخصية رئيس اللجنة ونعتوها بالإشكاليه .
إننا نرى أنه من السابق لأوانه التكهن بأن اللجنة غير قادرة على اجتياز المرحلة ومجابهة التحديات الداخلية والخارجيه ، علماً أن جلالة الملك عبدالله الثاني حريص جداً على تجديد الحياة السياسية ولهذا ضمّت اللجنة الملكية ، الكفاءات من أبناء الوطن ، ممّن لهم باعٌ طويل في العمل السياسي وانتماء صادق للوطن وولاء مطلق لقيادته ، وختاماً أجزم بأن طموح جلالته حفظه الله أعلى وأبعد من طموحنا جميعاً وهو صاحب الرؤى الحكيمة تجاه مختلف التحديات ، وصولاً لمستقبل الأردن المشرق ، القادر على تجاوز مختلف المحن والصعاب .