زاد الاردن الاخباري -
ماهر أبو طير - تتسرب المعلومات حول احتمال إقامة مهرجان جرش هذا العام، وهو المهرجان الذي لم تتم إقامته العام الماضي بسبب وباء كورونا، وهو الوباء المتجدد، الذي يأتينا كل يوم بمفاجأة.
كيف يمكن التعاقد مع الذين سيقدمون فعاليات المهرجان، ولا احد يعرف أساسا ماذا سيحدث منذ اليوم، حتى موعد المهرجان، إضافة الى ان الكلف المالية للمهرجان، كبيرة، والأولى ان تخصص بشكل او آخر لقطاع الصحة، بدلا من الاستعجال واطلاق المهرجان، وسط التوقعات بكونه لن يكون فاعلا خصوصا، مع المخاوف من العدوى، والبروتوكولات الصحية المحتملة، وغير ذلك، من مخاطر، تجعل كل القطاعات المغلقة تسأل عن وضعها، ما دامت الأمور بخير، الى درجة اطلاق مهرجان جرش مجددا، حتى تحت مظلة الادعاء بوجود تدابير صحية، وهي تدابير لن تمنع تفشي العدوى، على اي حال، ولو كانت ستمنع، لكان الأولى أن نراها في قطاعات ثانية.
الأولوية الأولى الآن للوضع الصحي، إضافة الى فتح وتأمين القطاعات الأكثر أهمية، لحياة الأردنيين، وخصوصا، التعليم المدرسي والجامعي، والقطاعات الاستثمارية المتضررة من هذا الوضع، وكان الأولى ألا يتم الاستعجال والحديث عن مهرجان جرش، لأن كثرة ستشعر بغضب بالغ كون قطاعاتها مغلقة، والكل ينتظر انفراجا على صعيد هذه القطاعات، كما ان هذا يؤشر على مبالغة في تقييم الوضع، خصوصا، ان هناك دولا بلغت فيها نسب التطعيم نسبا عالية، وبرغم ذلك عاد الوباء واستوطن مجددا بطريقة مختلفة، لنسأل عما اذا كان هناك احد سيتحمل، منذ الآن، مسؤولية تفشي الوباء مجددا عبر المهرجان، أم اننا فقط سنعلن عن بدء نشاطاته، ثم نتخلى لاحقا عن أي مسؤولية، امام هذه التجمعات، التي لا بد من وقفها، عدا الضروري والاجباري منها، مثل التجمع في الجامعات والمدارس، ضمن بروتوكولات معينة، وضمن محاذير ما تزال قائمة، خصوصا، ان لا احد يضمن ان أي تجمعات ستجدد الوباء.
منذ الآن، بدأ المؤيدون لانطلاق المهرجان، الترويج للفكرة، بعضهم يقول لك ان انطلاقته مجددا ستنعش مدينة جرش، والقطاعات فيها، وبعضهم يقول لك ان هذا سوف يجلب سياحة على مستويات مختلفة، على الرغم من ان موعده سيكون بعد مغادرة الأردنيين الى مغترباتهم، فيما المراهنة على سياحة عربية واجنبية، قد تكون قائمة على الاوهام، التي اعتدنا عليها عند كل ترويج لقصة يراد لها ان تمضي بعيدا، فالعالم متضرر من كورونا، والكل يتحوط ويختصر ويبتعد.
لا بد من تأجيل انطلاقة المهرجان، وهذا لا يعيب الأردن، فقد تأجل العام الدراسي بشكل وجاهي على مدى عامين، والمهرجان ليس اهم من التعليم، ولا يقدم أي إضافة هذه الأيام، حتى لو قيل انه يثبت ان الوضع الوبائي في الأردن مستقر، واننا عدنا الى حياتنا الطبيعية، وهذه رسائل غير منتجة، لأن الأهم ان يصل الأردن داخليا الى مرحلة حقيقية من المناعة، بحيث تعود كل القطاعات الى العمل، ويستقر البلد، في الوقت الذي نرى فيه ان هناك دولا كثيرة، عادت الى نقطة الصفر، وتفشى فيها الوباء مجددا، وعادت الى الاغلاقات، على مستويات مختلفة.
ثم علينا ان نسأل عن ملف كلف المهرجان، ما دام الكلام عن عدد اقل من الحضور، وهذا يعني ان الميزانية ستواجه إشكالات كثيرة، ويتوجب إعادة التدقيق في كل جدوى القصة، اذ لا يعقل ان نطلق مهرجانا، ويكون مدعوما، كما الخبز، سابقا، لتغطية نفقاته، وينتهي خاسرا، فيما هناك أولويات ثانية، خصوصا، في هذا التوقيت الصعب والحساس الذي نعبره، على مستويات مختلفة، ونحن ندرك ان المهرجان عليه كلف كثيرة، للفعاليات المحلية، وقد لا يدفع مثلها للفعاليات العربية التي سوف تعتمد على بيع التذاكر، فلا تعرف كيف ستتم هذه العملية، ما دمنا نفترض قلة عدد الحضور لاعتبارات صحية، او حتى احتمال قلة الاقبال من كثيرين.
هذا التوقيت ليس مناسبا، لا صحياً ولا مالياً، ولا حتى تحت وطأة ابراق الرسائل بأن امورنا ممتازة، الى درجة اطلاق مهرجان جرش هذه الأيام، ومن هنا نبرق الى الحكومة، لعلها تعود عن هذه القصة، حتى لا يستثمرها كثيرون في تصيد الحكومة سياسيا، لاعتبارات مختلفة.