في الأيام الأخيرة من شهر تموز في العام 2015 كنا نتشرف بحضور مؤتمر الأردنيين المغتربين في الخارج برعاية جلالة الملك بعد ترشيحنا من ضمن ممثلي الجالية الأردنية في المملكة العربية السعودية في المؤتمر، والذي ضم يومها نخبة من المغتربين الأردنيين في مختلف دول العالم وكانت اللحظات التي قضيناها فيه من الروعة والتميز بالفعل لحظات لا تنسى.
قبل أيام قلائل وتحديداً في الأيام الأخيرة من شهر تموز للعام الحالي، أي بعد 6 أعوام من ذلك التاريخ وبعد عامين من الغياب عن أرض الوطن بسبب جائحة كورونا قررنا التوجه إلى هناك في زيارة خاطفة لا تزيد عن بضعة أيام، وبالفعل وصلنا مطار العاصمة الأردنية وقلبنا ينبض شوقاً لأرض الوطن وأهله الكرام.
وكانت المفاجأة التي تنتظرنا هناك، فقد تم إبلاغنا في المطار بصدور أمر بالقبض علينا بسبب شكوى من أحد الأشخاص يدعي فيها بأن له حقاً مالياً لدينا لم نقم بإعادته له!
شعرنا في البداية بأن دعابة ما في الأمر أو ربما حتى مقلباً أراد أحدهم أن يقوم به معنا، لكن الصدمة كانت كبيرة عندما طلبنا من الجهات الأمنية في المطار التحقق من الأمر خصوصاً وأننا أثق تمام الثقة بأن مثل هذا لم يكن موجوداً في حياتنا يوماً، ليأتي تأكيد المسؤولين في المطار بأن القضية مسجلة باسمنا بالفعل وأن لا مناص أمامنا من مراجعة الجهات القضائية بعد الوصول للعاصمة، وقد كان جوابنا للجهات الأمنية وقتها واضحاً وواثقاً تمام الثقة بأن هذا الأمر مستحيل وأن هناك خطأ ما في الأمر لكننا سنراجع في الأمر امتثالاً للقوانين التي نحتكم إليها جميعاً وليأخذ كل ذي حق حقه، والحقيقة أننا في الوقت ذاته حمدنا الله على صدور أمر الدفاع رقم 28 الذي ألغى العمل بحبس المدين وإلا لما سمح لنا بالوصول إلى أهلنا في تلك الليلة حتى ظهور حقيقة الأمر.
وبرغم أن زيارتنا كانت لأيام قلائل إلا أننا صممنا منذ اللحظة الأولى على استبيان حقيقة الأمر ومعرفة تفاصيله حتى ولو قضينا كامل أيام زيارتنا المحدودة في إنجاز هذا الأمر، وبالفعل توجهنا مباشرة في صباح أول يوم عمل لمراجعة الجهات الأمنية والقضائية لمعرفة حقيقة الأمر بنفسنا مصممين على عدم تدخل أي جهة أخرى في الأمر، وذلك لثقتنا التامة بأن هناك خطأ ما في الأمر، وبعد البحث والتحري كانت بالفعل المفاجأة التي لم نتوقعها في حياتنا، ورقة يوقعها شخص يحمل اسمنا الأول واسم الوالد رحمه الله واسم العائلة ذاته، ولكن الله يظهر الحقيقة عندما يظهر اسم جده مختلفاً عن اسم جدنا رحمه الله، وهنا طلبنا مقابلة القاضي وتوضيح أمر القضية المسجلة باسمنا والتي لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وبرغم ذلك اضطررنا لإحضار ورقة من هنا وهناك، ومراجعة هذه الجهة وتلك لإنجاز الأمر بأسرع ما يمكن وإلغاء القضية قبل انتهاء فترة زيارتنا، وهو ما تحقق بفضل الله تعالى بعد عدة مراجعات ومتابعات، ومن باب الأمانة كان تعامل الجهات الأمنية والقضائية في منتهى الرقي والاحترام.
وقد اتخذنا قرار عدم التصعيد برفع قضية على من كان سبباً في هذا الخطأ وآثرنا الدعاء له ولنا بالمغفرة خصوصاً بعدما تبين لنا أنه خطأ غير مقصود، لكننا وجدنا أن من واجبنا الكتابة في الأمر لعل ذلك الشخص يقرأ هذه السطور أو حتى غيره فنكون أكثر حرصاً ونتحرى الدقة ونحن نسجل القضايا على المواطنين في المرات القادمة، فقد أكرمنا الله بالقدرة على متابعة القضية وشطبها عنا قبل مغادرة أرض الوطن بعد إثبات عدم وجود علاقة لنا بها، لكن السؤال هنا ماذا لو كان مكاننا شخص أمي لا يقرأ ولا يكتب، أو شخص لا يحتمل خبراً مثل هذا أو ليس لديه القدرة على إثبات عدم صحتها فكم سنكون خسرنا وقتها بسبب خطأ غير مقصود سيجعل أي شخص بالتأكيد يعيش بسببه لحظات لا تنسى!
وما بين مؤتمر المغتربين الأردنيين في العام 2015 والقضية الملغية المسجلة علينا بالخطأ في العام 2021 تبقى لحظات لا تنسى في حياتنا، لكنها تبقى متوجة بحب الوطن وأهله الأكارم وأمنيات أن يكون وطننا وأهلنا دائماً في المقدمة كما نحب جميعاً أن نكون، وسيبقى حب الوطن في قلوبنا أكبر من أي خطأ يمكن أن يحدث لنا فيه فالأخطاء موجودة في كل بلاد العالم ولا أحد معصوم منها لكن الأهم العمل على تجنبها وتفاديها قدر الإمكان، وتبقى بلادنا وإن جارت علينا عزيزة وأهلنا وإن ضنوا علينا كرام، حفظ الله بلادنا وأهلنا أكارم أعزاء وأبعد عنا جميعاً كل الشرور والفتن ما علمنا منها ومالم نعلم.