زاد الاردن الاخباري -
قالت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، إنه منذ صدور قرار رئاسة الوزراء القاضي بالسير بإجراءات اقتطاع جزء من محمية ضانا لغايات تعدين النحاس، لم يتواصل أحد من صناع القرار مع الجمعية الملكية لحماية الطبيعة للحوار والنقاش حول هذه القضية المهمة، واقتصر الحوار حول ما ينشر ويبث في وسائل الإعلام المختلفة فقط.
ووفق بيان للجمعية، ما تزال وزارة الطاقة ومنذ فترة طويلة تصر على إصدار أرقام ومعلومات غير مثبتة علمية وتذكرها على أنها حقائق.
وأضافت "اطلعنا في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على بيان الوزارة الأخير الذي أورد عددا من المغالطات تتعلق بالأرقام والدراسات التي تتحدث عن خامات النحاس المزعوم في محمية ضانا، وانطلاقا من مسؤوليتنا في إظهار الحقيقة كاملة فإننا في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة نضع بين يدي الرأي العام الأردني وصناع القرار جملة من المعلومات لتصبح الصورة مكتملة بشكل أكبر”.
وتابعت في بيانها، "نجدد تأكيدنا في الجمعية أننا لم ولن نقف بوجه أي استثمار من شأنه تحسين واقع الأردنيين المعيشي، ونحن في الجمعية عملنا منذ عقود وطوال فترة إدارة الجمعية لمحمية ضانا على تحسين الواقع المعيشي للمجتمع المحلي وجعلنا من تمكينه أسمى أهدافنا، واليوم أصبحت ضانا نموذجا فريدا في دعم وتمكين المجتمعات المحلية حيث يستفيد بشكل مباشرة وغير مباشرة ما يقارب من 600 أسرة من أبناء المجتمع المحلي في ضانا ومحيطها، و أن قيمة منفعة المجتمع المحلي السنوية المتأتية من محمية ضانا بلغت 2.370 مليون دينار أردني، بالإضافة لوجود خطة لتطوير السياحة في المحمية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة تصب بشكل مباشر في مصلحة المجتمع المحلي”.
واستغربت الجمعية هذا الإصرار من وزارة الطاقة بالحديث عن وجود خامات نحاس وبكميات تجارية وتعتبره حديثا يجانب الواقع، إلا أن الوزارة تناست أهمية محمية ضانا التاريخية والطبيعية والاقتصادية والعالمية حيث تعتبر المحمية أول محمية طبيعية في الأردن يدرج اسمها في المحميات الإنسان والمحيط الحيوي الخاصة بمظلة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) وبذلك تكتسب المحمية بعداً عالميا له مكانته على الخارطة الدولية كما أنها أحد الوجوه المشرقة للوطن وقصة نجاح حصلت على عدد من الجوائز المرموقة على المستويين الإقليمي والعالمي لتفردها بطبيعة ساحرة.
وتحمل محمية ضانا أهمية خاصة حيث تم اختيارها مؤخرا من قبل مجلة "تايم" الأميركية العريقة، ضمن أفضل الوجهات العالمية التي تستحق الزيارة في عام 2021.
وأوضحت أن الجمعية كانت تنتظر من الحكومة وصناع القرار أن يتم منح ملف البيئة أولوية قصوى خاصة في إطار الاقتصاد الأخضر والمستدام والتوسع في القرارات التي تصب في تعزيز وتقوية هذا النوع من الاقتصاد الذي يشكل قيمة مضافة ويتماها مع توجه مختلف دول العالم، في هذه المرحلة تحديداً، وزيادة الاستثمار في السياحة البيئية بدلا من الاستثمار في السياحة الضارة بالبيئة، إلا أننا تستغرب هذا القرار وما تبعه من إصرار من قبل وزارة الطاقة والثروة المعدنية على المضي قدما في محاولة اقتطاع جزء من محمية ضانا ومحاولة تبريره بكل الطرق، كما أن إصدار قرار بالسير بإجراءات الاقتطاع دون مناقشته مع الجمعية وهذا ما يتنافى مع مبادئ الإصلاح والمبادئ العامة في الإدارة الحكيمة.
واستغربت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، الاستمرار في طرح موضوع النحاس، وسعي وزارة الطاقة والثروة المعدنية الترويج لأرقام بعيدة كل البعد عن أرض الواقع، وتخالف الحقائق الموثقة، وهنا نضع أمام الرأي العام حقيقة أن سلطة المصادر الطبيعية وشركات أجنبية ومحلية درست هذا الموضوع لأكثر من 30 سنة ولم تثبت جدواه الاقتصادية، واعترفت سلطة المصادر الطبيعية بذلك صراحة، إذ تنازلت في عام 1996 عن مركزها التعديني في منطقة فينان لصالح إدارة محمية ضانا، لتقوم بتطويره كمركز سياحي في وادي عربة كبديل أكثر جدوى اقتصادية وأكثر استدامة من التنقيب عن النحاس.
وذكر بيان الوزارة أن الدراسات الأولية غير المكتملة أثبتت وجود كميات تقدر بـ 45 مليون طن تقريبا من النحاس في منطقتين في محمية ضانا، إلا أن أي دراسة استطلاعية أو دراسة جدوى اقتصادية لم تثبت القيمة والجدوى الاقتصادية من عملية التعدين رغم تعدد الدراسات والمحاولات وإنما جميعها أرقام توقعيه.
وبحسب كل الدراسات التي اطلعت عليها الجمعية فإن لتعدين النحاس كلف باهظة على صحة الإنسان كما أنه كلفه عالية على الطبيعة بالإضافة إلى انعكاسه المباشر على الصورة الدولية الناصعة للأردن، حيث إن استثمارا تعدينا في منطقة محمية انضمت لشبكة محميات المحيط الحيوي والتي تأتي تحت مظلة اليونسكو، يشكل مؤشرا سلبيا وقاتماً.
نؤكد في الجمعية بأن التزام الأردن تنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة والتي تتعلق بحماية الطبيعة شكل مؤشرا إيجابيا لكافة الجهات الدولية ومن هنا نؤكد بضرورة حماية ضانا وأن الاستثمار الآمن والمستدام والرفيق بالبيئة والذي يصب في مصلحة المجتمع المحلي أولا ويشكل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ثانيا هو أفضل الخيارات في نموذج محمية ضانا.
وعلى عكس ما يقول البيان بأن الشركة واجهت مصاعب وتحديات في دخول منطقة الأبحاث والدراسات، فقد حصلت الشركة على امتياز إجراء الدراسات لمدة عام ووافقت الجمعية على إجراء الدراسات في منطقة مساحتها 60 كم وهو ما يؤكد انفتاح الجمعية، كما تم التمديد للشركة المذكورة لمدة عامين إضافيين ما يعني أنها عملت لمدة 3 أعوام بكل أريحية في محمية ضانا، وتؤكد الجمعية أنها أظهرت إيجابية مطلقة وتعاونا إلى أبعد حد مع مختلف الجهات التي تواصلت معها لغايات إجراء الدراسات، ومن ضمنها الشركة المذكورة، حيث تسلمت الجمعية العديد من كتب الشكر من هذه الجهات ومنها الجمعية العلمية الملكية على التسهيلات التي قدمتها الجمعية لتسهيل مهمة هذه الجهات المختلفة لإجراء الدراسات المختلفة.
كما أن دراسة تقييم الأثر البيئي الأولية أكدت على ضرورة المحافظة على الحياة البرية والموائل الطبيعية والحياة الفريدة في ضانا، واعتماد طريقة تقسيم المحمية إلى مناطق حيث بعض هذه المناطق يمنع القيام بأي نوع من الإجراءات أو الدراسات أو العمليات فيها، كما طالبت الدراسة ضرورة القيام بإجراءات احترازية وضعت لغايات الحفاظ على خصوصية المحمية إلا أن الشركة لم تلتزم خلال فترة إجراء الدراسات بأي من هذه الإجراءات وتم مخاطبة كافة الجهات الرسمية لإبلاغهم بهذه المخالفات المرتكبة، من قبل الشركة وتحتفظ الجمعية بكافة الوثائق والسجلات والمخاطبات والأدلة التي تشير إلى أن الشركة لم تلتزم بأي من الإجراءات التي ذكرتها دراسة تقييم الأثر البيئي.
وتضع المحمية الجميع أمام حقيقة بأن القائمين على الشركة أخبروا مدير المحمية وكادرها بأن النتائج لم تكن مبشرة وأن هذه الدراسات أثبتت عدم جدوى تعدين النحاس وأن هذا هو سبب انسحاب الشركة وإخلاءها للمواقع.
وفي سابقة غريبة، تعرض الوزارة على الجمعية اقتطاع جزء من محمية ضانا وتعويض المحمية بقطعة أخرى وبنفس التنوع الحيوي، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في محمية بيئية حيث يتمتع كل جزء من المحمية بسمات فريدة لا يمكن استبدالها بقطعة أخرى كما هو الحال في المشاريع التجارية، وأن المحميات تمتاز بطابع شمولي تكاملي وأن اقتطاع أي جزء منها سيفقد الهدف من وجود المحمية ، كما أن التعدين على حدود المحمية لو تم اقتطاع جزء منها سيؤثر بشكل كبير على عمل المحمية وهو الأمر الذي أيضا سيؤثر على المحمية وجودياً.
واطلعت الجمعية على عديد من الدراسات لعل أبرزها تلك الدراسات التي قامت بها جهات محايدة كمعهد الآثار البريطاني وجامعة آل البيت بأن متبقيات التعدين منذ آلاف السنوات قد تسربت للتربة ونباتات المنطقة ومنها للأغنام لتصل للإنسان، إذ أثبتت هذه الدراسات أن الملوثات مازالت على عمق ما يقارب أل 15 سم تحت سطح التربة وأن أي نشاط تعديني في المنطقة سينشر هذه الملوثات في محيطها، بالإضافة إلى الملوثات الجديدة التي ستطرأ عن التعدين الجديد مما قد يؤدى إلى تلويث مناطق كبيرة جدا وجعلها غير صالحة للعيش الإنساني.
ووفق الجمعية، لقد حافظت محمية ضانا على الإنسان أولا وعملت على تثبيته بأرضه وكرست مفهوم تنمية المجتمعات المحلية بطريقة مستدامة إلا أن أي نشاط تعديني سيعمل على استنزاف الموارد الطبيعة من خلال بناء بنية تحتية كبيرة كالشوارع وسكن للعمل، كما أن صناعة تعدين النحاس من الصناعات المستنزفة للمياه التي غير متوفرة في منطقة وادي عربة وغير مستدامة، بالإضافة لآثارها الوخيمة على تدمير المواقع التاريخية والأثرية والتي من الممكن أن تستغل كمناطق للسياحة البيئية يستفيد منها السكان المحليين للمنطقة، كمنطقة خربة النحاس وخربة فينان وغيرها من المناطق.
في النهاية تؤكد الجمعية بأن الجميع شركاء في هذا الوطن، وأن الجمعية تجدد انفتاحها على كافة الجهات لإجراء مزيد من الدراسات ضمن الاشتراطات التي وضعتها دراسة تقييم الأثر البيئي الأولية، وتشير الجمعية إلى أن أحدا لا يمكن له الادعاء حرصه على تحسين واقع حياة المجتمعات المحلية بشكل حصري، فالنموذج الذي تدير به الجمعية الملكية لحماية الطبيعة كافة المحميات هو نموذج فريد في تشغيل أبناء هذه المجتمعات المحلية في المحميات المحيطة بها والعمل على تدريبهم وتطوير منتجهم الثقافي والطبيعي بما يسهم في أيجاد دخل مضاف لهذه الأسر، وتدعو الجمعية وزارة الطاقة للاطلاع على تجربة الجمعية الناجحة في إدارة هذه المحميات التي أصبحت اليوم قصة نجاح إقليمية عالمية تسعى الدول إلى استنساخها من خلال تأسيس و إدارة الجمعية لمجموعة من المحميات خارج حدود الوطن.