زاد الاردن الاخباري -
ماهر أبو طير - في لقاء مغلق قبل مدة مع مسؤول اردني من الصف الثاني، وجه احدهم سؤالا الى المسؤول ذاته عن السبب الذي يجعل الأردن يواصل دعمه للرئيس الفلسطيني، برغم كلفة ذلك على الأردن؟
والسؤال حساس للغاية، خصوصا، أن السؤال تم إلحاقه بهوامش تتحدث عن سيناريوهات ما بعد الرئيس، ومع من يتحالف الأردن داخل الضفة الغربية، وأين هي خيارات الأردن في هذا الصدد، وكيف يواصل الأردن دعم الرئيس رغم حالة السخط في الضفة الغربية، والتذمر الشعبي، من كل أداء السلطة، بما في ذلك طريقة إدارة الشؤون الداخلية، والموقف من الاحتلال؟ إضافة الى عدم رضى الفلسطينيين، على سياسة السلطة، فلا حرب، ولا سلام، وانما مجرد إدارة يومية، للمدن والقرى وسكانهما، وهي إدارة تخفض كل المشروع الفلسطيني الى حدوده الدنيا.
الإجابة كانت طويلة، وناعمة، وعليك ان تستنتج منها ما تريد، لكن الواضح ان عمان تقول لك عند هذا السؤال، ان هذا الشأن يعد شأنا فلسطينيا، أولا وأخيرا، وليس شأن الأردن، مثلما ان الأردن ولحساسيات قديمة وتاريخية، حساس في تعامله مع الفلسطينيين في سلطة رام الله، فهو يريد الاستقرار في الداخل الفلسطيني، مثلما لا يريد ان يسجل على نفسه تدخلا هنا او هناك، او اصطفافا مع احد او ضد احد، بل ويؤشر المسؤول إلى ان قضايا داخلية اردنية كثيرة قد تثير الجدل والخلاف داخل الأردن، لكن ليس مسموحا لهذه القضايا ان تخرج من غرفتها الأردنية، وتصير ملفات عربية، بحيث يتم التدخل بها بشكل او آخر، بما يعنيه هذا التدخل من كلف.
المسؤول ذاته أشار الى ان خيار الرئيس الحالي، كان خيارا فلسطينيا، في الأساس، فلماذا يتدخل الأردن في هذا الخيار؟ في أي مرحلة، مثلما ان الرئيس لديه مظلة عربية ودولية، تعزز وجوده وشرعيته، لاعتبارات كثيرة، وسواء توافق الفلسطينيون او اختلفوا على أداء الرئيس، او السلطة، فـإن هذا الشأن في نهاية المطاف يعد شأنا فلسطينيا داخليا محضا ولا يتدخل فيه الأردن.
على هوامش هكذا إجابة تتبدى الأسئلة حول جدوى وانتاجية الثوابت التي سردها المسؤول، إذ أحيانا لا بد من إعادة تقييم المشهد، من زاوية المخاطر والكلف، وليس الانقلاب على الرئيس الفلسطيني، بمعنى ان قراءة المشهد الحالي في الضفة الغربية، وقراءة المشهد المحتمل بعد الرئيس، يوجب وضع سيناريوهات كثيرة، للتعامل مع الوضع الحساس في الضفة الغربية.
هذا الوضع قد يبدو هادئا في فترات، لكنه يخرج عن السيطرة في فترات ثانية، كما ان صراع الورثة معروف، وليس بهذه السهولة التي يظنها البعض، واذا كانت عمان تعتبر ان هذه لحظة مؤجلة، لا يجوز استباقها منذ الان، الا ان كل دول العالم، تستبصر الأوضاع الداخلية في جوارها، وفي مناطق علاقاتها الأهم، او نفوذها، من باب التحوط، والاستعداد لكل الاحتمالات، خصوصا، في الحالات التي تتداخل بها حسابات ثانية، وهي في الحالة الفلسطينية، حسابات الاحتلال، وما يجري في الضفة الغربية، وغزة أيضا، وحسابات الإقليم، وبعض عواصم العالم.
لا يمكن هنا، أيضا، برغم كل الدعم الأردني للرئيس الحالي، تناسي الحقيقة التي تقول ان الوضع في الضفة الغربية يؤثر في الأردن، مباشرة، وهذا ليس سرا، إذ إن أي ظروف خطيرة، او فوضى، او انفلات الأمور، او حتى مواجهات مع الاحتلال، او خلافات سياسية بين الفلسطينيين، تترك اثرها على الأردن، بشكل او اخر، ولهذا يريد الأردن استقرار الأوضاع في الضفة الغربية، لكن هذا الاستقرار لا تهدده إسرائيل فقط، بل إن أشد عوامل تهديده، حالة التشظي الفلسطينية الداخلية، وحالة التذمر الشعبي بين الفلسطينيين ، ووجود اجنحة وجماعات وامتدادات داخلية وخارجية، وبهذا المعنى مهما قدم الأردن نفسه طرفا إيجابيا حياديا، الا انه في نهاية المطاف، مضطر للاشتباك مع الشأن الفلسطيني، بكل تقلباته، بما في ذلك استقرار السلطة في رام الله.
على أي حال، فإن الدعم المفتوح، وبلا سقف، امر غير منطقي، مع إشكالات كثيرة، من وضع الحكومة الفلسطينية، الى الانتخابات المعلقة، مرورا بتأثيرات الاحتلال، وملف القدس، وحالة الناس عموما، الذين يعيشون في ظل ازمة اقتصادية، وتغول امني، وغموض المستقبل أيضا.