زاد الاردن الاخباري -
أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الإثنين 23 أغسطس/آب 2021، أمراً رئاسياً يقضي بتمديد التدابير الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي "حتى إشعار آخر"، وفق ما جاء ذلك في بيان للرئاسة التونسية.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان مقتضب، إن الرئيس قيس سعيّد "أصدر أمراً رئاسياً يقضي بالتمديد في التدابير الاستثنائية المتخذة بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 80 لسنة 2021 المتعلق بتعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب وبرفع الحصانة البرلمانية عن كل أعضائه، وذلك إلى غاية إشعار آخر".
أضافت الرئاسة التونسية أن سعيّد "سيتوجه في الأيام القادمة ببيان إلى الشعب التونسي".
إشادة وانتقادات لقرار سعيّد
على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل التونسيون مع قرار قيس سعيّد تمديد تعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، إذ أشاد البعض بقرارات الرئيس التونسي ودعموا الإجراءات التي يتخذها ويرون أنها تصب في مصلحة تونس ومحاسبة "الطبقة الفاسدة".
بينما اعتبر آخرون أنها تمس بالديمقراطية التونسية الناشئة التي قطعت مع عهد "الاستبداد" منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011.
بعد شهر من تحركه المفاجئ، لم يعين سعيد رئيساً جديداً للوزراء ولم يعلن عن خارطة طريق طالب بها الحلفاء الغربيون والأطراف الرئيسية في تونس، بما في ذلك الاتحاد العام التونسي للشغل إحدى أكثر القوى السياسية تأثيراً ونفوذاً.
فيما حظي تحركه بتأييد شعبي واسع في تونس بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية، إثر سنوات من سوء الحكم والفساد والشلل السياسي وتفشي جائحة كورونا.
لكن خطوة قيس سعيّد أثارت مخاوف بعض التونسيين بشأن مستقبل النظام الديمقراطي الذي تبنته البلاد بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة الربيع العربي.
لا شيء واضح في المستقبل القريب
عن السيناريوهات المقبلة، اعتبر صلاح الدين الجورشي، وهو محلل سياسي، في حديث للأناضول، أن "المسألة الدّستورية والقانونية واجتهادات الرّئيس لن تكون غائبة في الفترة المقبلة، ولا أحد قادر على التّكهن بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها من عدمه، الأمر الذي يجب أن يُسبق بتحوير (تعديل) دستوري وإحاطة الرئيس نفسه بجملة من الخبراء".
أردف: "التكهنات عديدة ويصعب الإجابة عن سؤال موعد كشف خريطة الطريق في الحين، لكن الاحتمالات مفتوحة على أكثر من سيناريو، أغلبها غير واضح أو هي معلومة فقط لدى الرّئيس دون سواه".
فيما قال الإعلامي صالح عطيّة، للأناضول، إنه "بعد شهر تقريباً منذ انقلاب الرئيس قيس سعيّد على الدّستور، لم تحصل تطورات تذكر على مستوى الإجراءات السّياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو بعودة الحياة لمجراها الطبيعي بالمؤسسات التونسية".
تابع: "باستثناء قرارات حجر السّفر أو الإقامة الجبرية على بعض القضاة والمحامين والشخصيات العامة من رجال أعمال ومديري مؤسسات، لم تُحل قضايا أو ملفات فساد تهم رؤوساً كبرى أضرت بتونس، ولم تتم محاكمة فاسدين نهبوا المال العام، ولم تُتخذ إجراءات عملية توضح رؤى الرئيس لخارطة طريق واضحة".
دستور جديد وتعديل للقانون الانتخابي
بخصوص السيناريو الأقرب للتطبيق، قال عطية: "حسب تقديراتي والمعلومات التي بلغتني، فإن توجّه الرئيس يتركز على تكوين لجنة لإنشاء دستور جديد للبلاد يعتمد نظاماً رئاسياً معدلاً، وتعديل القانون الانتخابي الذي سيعتمد التصويت على الأسماء (القوائم المنفردة) لا على القوائم، لاستبعاد الأحزاب من المشاركة في الانتخابات".
رأى عطية أن "التأثير الخارجي سيكون له وزنه على التوجهات العامة للرئيس قيس سعيّد وخريطة طريقه في الفترة المقبلة، وبخاصة بعد استقبال الوفد الأمريكي الذي يعتبر وفداً وازناً جداً (دور واشنطن في علاقة تونس بصندوق النّقد والبنك العالميين)، والزيارة كانت لفرض مطالب واضحة بالعودة للمسار الديمقراطي ورفع التّجميد عن البرلمان".
استطرد: "الوضع المالي سيكون مؤثراً، والرئيس لم يكترث بهذه التّوصيات أو النّصائح، ما يعتبر إخلالاً في فهم علاقة تونس بمحيطها الدّولي، وشريكها الاستراتيجي الأمريكي الضامن المالي أمام صندوق النّقد".
كما رجح أن "موقف الرّئيس قيس سعيّد وإصراره على اعتماد مسار غير قانوني أو غير دستوري قد يكلفه أن يكون اسمه ضمن قائمة معادية للمسارات الديمقراطية في العالم العربي تُرفع إلى مجلس الأمن أو لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة".