زاد الاردن الاخباري -
ماهر أبو طير - يقدر إيلي زوين وهو خبير مصرفي لبناني قيمة أموال الأردنيين التي تبخرت في المصارف اللبنانية، بأكثر من مليار وستمائة مليون دولار، بسبب وضع المصارف، وانهيار الليرة، وعدم توفر الدولار.
وأصحاب هذه الأموال – اذا صحت قيمة الرقم المقدر- في مأزق، إذ إن بعضهم أودع أمواله في المصارف اللبنانية، بسبب الفوائد المرتفعة جدا، وبعضهم كان يبحث عن ملاذ آمن، حيث سرية المصارف اللبنانية، ولا أحد يسأل عن مصدر الأموال، خصوصا، تلك التي تم إيداعها في سنين سابقة، وبعضهم يوزع أمواله من باب الحيطة والحذر على عدة دول، لكن النتيجة واحدة اليوم، أي ان خسائر هؤلاء كبيرة جدا، ولا احد يعرف الرقم النهائي لأموال هؤلاء في المصارف اللبنانية.
هناك موجة شماتة لدى البعض بحق هؤلاء، ويقال لهم على ألسن الشامتين، لماذا لم تودعوا اموالكم في المصارف الأردنية، وهل لبنان أكثر امنا من الأردن، ويزيد آخرون على الشعر بيتاً ويقولون كيف سوف تستردون هذه الأموال الآن، وهو سؤال ممدود على محمل الاستحالة؟.
في كل الأحوال، هذه أولا حرية شخصية، على الرغم من الايمان هنا، ان إيداع الأردني لأمواله في بلده، خير له لاعتبارات كثيرة، لكن لكل مودع هنا أسبابه، واللافت للانتباه هنا، ان لا توقعات ان تتدخل الجهات الرسمية في الأردن، لمصلحة هؤلاء، فالخطوة في الأساس كانت شخصية، ولم تكن بتحفيز حكومي للإيداع في لبنان، كما ان وسائل الضغط من اجل حض اللبنانيين على إعادة أموال الأردنيين تبدو معدومة، خصوصا، ان اللبنانيين ذاتهم لا يحصلون على أموالهم كما كانت بالدولار، وبقيمتها الحقيقية، فوق التعقيدات في عمليات السحب، وغير ذلك، فهي كارثة حلت على كل النظام المصرفي اللبناني، وبدأت بأبناء لبنان، قبل غيرهم، من عرب وعجم في هذا الشرق.
قرأنا سابقا تقديرات عن عشرات المليارات لأردنيين في الخارج، على شكل سيولة، او استثمارات، او عقارات، ولا رقم نهائي، بل ان كل القصة قائمة على التخمينات والتوقعات، ومن جهة محددة، فإن استثمار الأردني في أي مكان في العالم حق طبيعي، مثلما يأتينا مستثمرون من كل جنسيات الدنيا، مع الإشارة هنا الى توقعات الجمهور، بأن يستثمر الأردنيون بعض مالهم في بلادهم بدلا من البحث عن بدائل، وملاذات آمنة، وهذه المطالبة يرد عليها المستثمرون بكونها مجرد عواطف، وأكثرهم يروي لك مغامراته حين حاول الاستثمار هنا، فتم لسعه وأكله أيضا.
لا شيء مضمون في هذه الدنيا، والذي يقرأ قصص التاريخ يكتشف ببساطة، ان لا شيء مضمون في أي مكان، فكثيرا ما يربح المرء في بلاده، ثم يخسر، وكثيرا ما يستثمر المرء خارج بلاده، فيربح او يخسر، لكن اللافت للانتباه في قصة أموال الأردنيين في مصارف لبنان، ان المبلغ كبير جدا، وهو يؤشر على أن الإغراء الأساس كان الفائدة الكبيرة، برغم معرفة المودعين ان لبنان غير آمن، ومعرض لتقلبات سياسية وأمنية، ولصراعات وحروب، لكن المال بقدر حذره، الا انه سهل الاستدراج أيضا حيث الأرباح الكثيرة، وهذه هي مهمة المال لدى كثيرين، أي التكاثر والتناسل.
علينا ان نلاحظ أن لا احد من المودعين يعلن جهارا، انه خسر مالا، بقيمة كذا، بل ان الصمت هو السائد، ربما لحساسيات الموضوع، وحتى لا يتم فتح جبهة بحق أسماء بعينها، لا يتوقع احد ان لها أموالا في المصارف اللبنانية، لكن قد يكون من المفيد اذا تجاوب أصحاب هذه الأموال- وهذا مستبعد- ان تدعو أي جهة رسمية، هؤلاء لتقديم معلوماتهم وبياناتهم، من اجل رصد قيمة هذه المبالغ، وخسائر الأردنيين، للعلم فقط، اذا لم يستطيعوا الضغط لاسترداد أي شيء منها، وهو الامر المرجح، حيث لا يسترد اللبناني ماله، فكيف سيسترده الأردني وغيره من خلق الله.