فايز شبيكات الدعجه - لا أظن أن عقدة الجلوه العشائرية من البساطة بحيث تحلها جره قلم يجرها معالي وزير الداخلية مازن الفرايه من مكتبه الفاره أو مجموعة ذوات تنادوا لاجتماع طارىء واخذوا جملة من التوصيات لحل المشكلة وهم على الارائك ينظرون. أظن أن المسألة صلبة وابعد من ذلك بكثير وتكسرت عليها عشرات ولربما مئات المحاولات المشابهة على مدى قرن كامل من الزمن.
خلال اجتماع عقدته لهذه الغاية لجنة الحريات وحقوق المواطنين في مجلس الأعيان بحضور عدد من المختصين تحدث معاليه عن وثيقه قال انها ستنهي المعضلة أو تخفف من حدتها احتوت أهم بنودها على تحديد المشمولين بالجلوة وهم: (القاتل، والد القاتل، أبناء القاتل) من الذكور فقط لا غير، إضافة إلى أن يعود تقدير قيمة الدية إلى سماحة قاضي القضاة، واقتصار تطبيق الجلوة على القضايا العشائرية وهي (القتل والعرض) مستثنيا أشقاء القاتل وهم الهدف الاول للاخذ بالثأر مضيفا انه سيلزم الحكام الإداريين بتطبيقها. ثم ان مصطلح (وثيقه) الذي استخدمه معاليه مصطلح غريب يظهر لأول ولا يحمل أية صفة إدارية وقانونية، ويقع خارج إطار القوانين والانظمة والتعليمات والأوامر التي تنظم شؤون الدولة.
الاجتماع جاء نتيجة لحملة نيابية واعلامية مثمرة يقودها مشكورا النائب الدكتور غازي الذنيبات وهو عميد وخبير أمني متخصص ومحامي ومدير شرطة سابق، نجح بتشكيل حشد نيابي كبير يتجه صوب قوقنة إجراءات صارمة تقتلع الظاهرة الأردنية المستعصية على الحل .
المفاجأه الصادمه في الاجتماع ظهرت حين كشف معالي مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر عاطف الحجايا عن وجود 369 قضية قتل دم في كل محافظات المملكة، مسجلة منذ العام 1997 وحتى الآن، وهي منظورة أمام المحاكم، منها 40 قضية صدر فيها أحكام قضائية.
وهذا الوضع مستهجن وتنبعث معه كثير من التفاصيل ويقع خارج العقل والمنطق وحقوق الإنسان، فلا يعقل انه على مدى ما يقارب الربع قرن لم يتم البت سوى باربعين قضية من أصل ما يقارب اربعمائة قضية لا زالت معلقة. وهي أرقام مفزعة يجب أن تستوقف السلطات والمرجعيات العليا ولا تمر مرور السحاب، وتستوجب البحث في ألاسباب والعوائق التي تعترض إصدار الأحكام القضائية في أوقاتها الطبيعية المعقوله ومعالجتها، وتنفيذ الاحكام للحد من ظاهرة الجلوه، ذلك أن إيقاع العقوبة على الفاعل يؤدي إلى إنهاء الخلاف العشائري، وينهي معاناة عشرات الأسر المشردة منذ سنين.
وفي ذات السياق اغفل معاليه حقيقة أن الجلوة تلقائية وذاتية المنشأ، بمعنى ان ذوي القاتل يفرون من تلقاء أنفسهم ما إن يتصل بعلمهم نبأ وقوع الجريمه، وقبل تدخل الحاكم الادأرى أو الأمن العام وذلك طلبا للنجاة، وخوفا من التعرض لعمليات الثأر الآنية التي تعقب وقوع الحادث مباشرة،وستكون المشكلة الأساسية عكسية عند محاولة الأمن العام اقناعهم البقاء في منازلهم .
الخلاصة ان كل العائلات المشردة مهددة ولن تعود إلى مساكنها فيما لو خيرت بالعودة، وستقرر البقاء في المجلى خوفا على حياة أبنائها، وخشية الوقوع ضحية لانتقام ذوي المجني عليه.
يبقى الحل التدريجي افضل الحلول باعتماد خطة وطنية طويلة يتم اعدادها وفق دراسة علمية شاملة لارتباط المعضلة بتقاليد وقيم اجتماعية راسخة يستحيل حلها بوثيقة أو باجتماع عاجل.