زاد الاردن الاخباري -
أكد رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز "أننا في الأردن لدينا الأرضية الصلبة لتعزيز عمليتنا الإصلاحية وتجذير تجربتنا الديمقراطية، فالأردن ومنذُ التأسيس يقوم بإجراءات إصلاحية تواكب التطورات وترسم لبلدنا مستقبلًا أفضل".
وقال خلال رعايته، اليوم السبت، ندوة حوارية في المركز الثقافي الملكي بعنوان "الإنجازات الدستورية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين"، والتي تأتي ضمن المسار الأول من مبادرة "تعزيز رمزية جلالة الملك" التي أطلقتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، إن الدولة التي تسعى إلى ترسيخ الإصلاح كنهج لها في مختلف الميادين لا بد من وجود حقائق ومؤشرات لديها تدلل على هذا النهج، وأساس ذلك وجود دستور يحمي الحريات العامة ويساوي بين الجميع ويضمن حرية الاجتماع والتعبير، ويصون كرامة المواطنين.
وأضاف الفايز أن جلالة الملك عبدالله الثاني، ومنذُ توليه سلطاته الدستورية، رفع شعار الإصلاح في مختلف المجالات، ووفر للعملية الاصلاحية الإرادة السياسية القوية، وأرسى جلالته رؤية واضحة لها ولمستقبل الديمقراطية في الأردن.
وأكد أن هناك إنجازات كبيرة تحققت على أرض الواقع، من بينها إجراء أول تعديل دستوري في عهد جلالته عام 2011، حيثُ شملت التعديلات الدستورية 38 مادة، أكدت في مجملها أن الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدة شعبه، واجب مقدس على كل أردني، وأن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، حيثُ يعمل القانون على حفظ كيانها ويقوي أواصرها، ويحمي الأمومة والطفولة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال.
ونوه الفايز إلى أن التعديلات اعتبرت أن الاعتداء على الحقوق والحريات العامة جريمة يعاقب عليها القانون، وأكدت أنه لا يجوز أن يوقف أو يحبس أي مواطن أو تقيد حريته، إلا وفقا للقانون، كما كفلت التعديلات حرية الصحافة والطباعة ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون، وأنه لا يجوز تعطيل الصحف ووسائل الإعلام ولا إلغاء ترخيصها إلا بأمر قضائي وفقا لأحكام القانون.
وقال إن التعديلات أنتجت أيضًا محكمة دستورية ومجلسا قضائيا يتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين، وعملت على تحصين البرلمان والقضاء، وأناطت محاكمة الوزراء والطعن في نتائج الانتخابات النيابية، بالقضاء المدني بدلًا من مجلس النواب، وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات النيابية وتديرها في كل مراحلها وأية انتخابات أخرى يقرها مجلس الوزراء.
وأقرت التعديلات، وفقًا للفايز، العديد من التشريعات التي عززت منظومة النزاهة والشفافية، والمشاركة الشعبية والحريات العامة، مبينًا أن التعديلات الدستورية أخذت بعين الاعتبار "ضرورة المحافظة على استمرار الأردن قويًا سياسيًا وأمنيًا ودستوريًا، وأن جلالته هو الضامن والحامي لمسيرته الوطنية والدستور، والحافظ لأمننا واستقرارنا، وجميعنا ندين بالولاء للعرش الهاشمي والانتماء للوطن".
ولفت إلى أنه في عام 2014 أجري تعديل دستوري ثاني، جرى بموجبه تعزيز عمل الهيئة المستقلة للانتخاب، بحيث أصبح من صلاحياتها إدارة الانتخابات البلدية وأية انتخابات أخرى يحددها مجلس الوزراء، كما حددت التعديلات مهام الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته، وبينت بقانون نظام الجيش والمخابرات والشرطة والدرك وحقوق المنتسبين لهم وواجباتهم، إضافة إلى منح جلالة الملك وحده حق تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات وحقه في إقالتهما وقبول استقالتهما.
وذكر الفايز أن التعديل الثالث على الدستور كان في عام 2016، جرى بموجه منح جلالة الملك حق تعيين قادة الجيش والمخابرات العامة والدرك، فيما ترتبط أعمال تلك الأجهزة بالسلطة التنفيذية وتخضع لمسؤوليتها.
وبين أن التعديلات منحت الحق لجلالة الملك بممارسة صلاحياته بإرادة ملكية، دون توقيع من رئيس الوزراء أو الوزراء المختصين، وذلك عند اختيار ولي العهد، أو تعيين نائبًا للملك، إضافة إلى تعيين رئيس وأعضاء مجلس الأعيان، وقبول استقالة أو إعفاء أي من أعضائه، وتعيين رئيس المجلس القضائي وقبول استقالته، وتعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية وقبول استقالتهم.
وأجازت التعديلات، بحسب الفايز، استمرار الوزارة برئاسة نائب رئيس الوزراء أو الوزير الأقدم، وذلك في حال وفاة رئيس الوزراء، إضافة إلى انتخاب رئيس مجلس النواب لمدة سنتين شمسيتين بدلًا من سنة واحدة، فضلًا عن إلغاء شرط عدم حمل جنسية دولة أخرى، لتولي منصب الوزارة وعضوية مجلسي الأعيان والنواب.
كما أكد أن التعديلات الدستورية جاءت لتؤكد "أننا نسير بخطى ثابتة نحو الاصلاح السياسي، المتمثل بتشكيل الحكومات البرلمانية الحزبية البرامجية، وفقا لرؤية واضحة أشار إليها جلالة الملك في الأوراق النقاشية".
وأشار الفايز إلى أن جلالة الملك حرص عند إجراء التعديل الدستوري الثاني والثالث بعد تعديلات عام 2011، على إبعاد المؤسسات الأمنية والعسكرية عن التجاذبات، لتكون للوطن بمختلف أطيافه السياسية وقواه الاجتماعية، مؤكدًا أن التعديلات جاءت منسجمة مع الدستور وشكلت ضمانة لمستقبل الحياة السياسية، وعملت بذات الوقت على تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات.
وأضاف أن التعديلات وإن أناطت بالملك منفردًا تعيين قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، دون توقيع رئيس الوزراء أو الوزراء المعنيين، فإن ذلك لا يعفي الوزراء من مسؤولياتهم، باعتبار أن السلطة التنفيذية هي صاحبة الولاية العامة.
وقال الفايز "إن الأردنيين عقدوا العزم بهمة جلالة الملك على مواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة، فبعد أن طرح جلالته الأوراق النقاشية، وإجراء تعديلات دستورية أعوام 2011 و2014 و2016، شكل جلالته مؤخرًا اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي.
وأكد أن جلالة الملك أراد بتشكيل اللجنة، أن يجعل من الإصلاح عملا متواصلا، وحدد جلالته مهام اللجنة بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكمًا بقوانين وآليات العمل النيابي، بهدف الوصول إلى الحكومات البرلمانية الحزبية البرامجية.
وخلال الجلسة الأولى للندوة، تحدث رئيس المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية، رئيس المحكمة الإدارية الأردنية سابقًا الدكتور جهاد العتيبي في ورقة بعنوان "المحكمة الدستورية في ضوء التعديلات الدستورية وأهميتها". وقال العتيبي، إن الدستور الأردني هو القانون الأساسي الأعلى، والذي يرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة، ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها.
وأضاف أن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور يعتبر أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام حكم سليم، لذلك يتعين على كل سلطة عامة، أياً كان شأنها وأياً كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تلتزم بقواعد الدستور ومبادئه.
وأوضح العتيبي أن أي تجاوز لقواعد الدستور ومبادئه يعتبر مخالفة دستورية، حيثُ تخضع المخالفة للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية بوصفها الجهة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين والأنظمة بغية الحفاظ على أحكام الدستور، وصونها وحمايتها من الخروج عليها.
وبين أن المشرع الدستوري في الدساتير الأردنية المتعاقبة حرص على تقرير الحريات والحقوق العامة بالنص عليها في الدستور، والتي تشكل قيداً على المشرع العادي بما يصدره من قواعد وأحكام في حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع عن الإطار الذي عينه الدستور له، بأن قيد حرية أو حقاً أو أهدر أو انتقص من أيهما بالمخالفة للضوابط الحاكمة له، وقع عمله التشريعي بعيب مخالفة أحكام الدستور.
وأكد العتيبي أن الولاء للوطن يبقى نظريًا في غياب التزام الجميع بالتشريعات التي تصدرها السلطات المختصة، مبينًا أن التشريعات لا يمكن إصدارها وتطبيقها إلا بوجود دستور يشكل العقد الاجتماعي بين أفراد المجتمع وسلطاته الدستورية التي توجب اختصاصاتها على كل مواطن الالتزام بسيادة القانون في حياته اليومية.
وقال إن الأردن انشأ المحكمة الدستورية التي هي نتاج التعديلات الدستورية لعام 2011، وتعتبر محكمة جديدة تُنشأ لأول مرة في الأردن، فقبل إنشائها كان الدستور يعطي حق تفسير الدستور للمجلس العالي لتفسير الدستور في المادة (57) من الدستور الأردني، التي نصت على تأليف مجلس عال مكون من رئيس أعلى محكمة نظامية رئيسًا ومن 8 أعضاء، 4 منهم من أعضاء مجلس الأعيان يعينهم المجلس بالاقتراع، و4 من قضاة المحكمة المذكورة بترتيب الأقدمية بينهم، وعند الضرورة يكمل العدد من رؤساء المحاكم التي تليها بترتيب أقدميتهم.
وأكد العتيبي أن أهمية المحكمة الدستورية تكمن باعتبارها الحامية للحريات والحقوق العامة، لذلك تشكل رقابتها القضائية الضمانة الأساسية لهذه الحماية التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وقضائها وبما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها، إذ أن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور لازما للحفاظ على النظام السياسي للدولة.
وأشار إلى أن المحكمة الدستورية حققت مبادئ حماية الحقوق والحريات وحق المساواة أمام القانون وحجية قرارات المحكمة، ومبادئ تكافؤ الفرص وحق الطعن أمام المحكمة، وعدم رجعية التشريعات، التقاضي على درجتين، بالإضافة إلى الاستملاك لقاء تعويض عادل.