الكاتب الصحفي زياد البطاينة - احبتي في كثير من الأحيان تبدو الكتابة تجديفا ضد العاصفة.وانا شخصيا . أشعر أن مذاق المر في فمي أقوى من كل الحبر المراق على أوراقي
وأعترف أنني محبط إلى درجة أن لا شيء يشدني إلى هذا العالم
.وآخره الكتابة في هذا الزمن الردئ واسال نفسي لماذا نكتب؟؟ولمن نكتب
صحوت على سؤال وجهه ألي ولدي طارق من الغربه... بعد ماراى ماعانيته خلال الثلاثين سنه بعملي بالصحافه قائلا لمن تكتب ياوالدي ؟؟؟وهم لايقراون ولايريدون ان يعرفوا ماحولهم
ويضيف قائلا:
إن مقالاتك وكتبك وحكاياك مثل مقالات غيرك من التنويريين، لن تغير شيئا من الواقع المرير الذي نحن فيه،فهو كالنحت في صخر الصوان لا يطولهم منه سوى شراره الحارقاو كنافخ القير فلا يغير حالا
.ورحت أسأل نفسي إن كانت أسئلته مبررة
وإن كان هناك أي فائدة من الكتابة التي بات الكاتب يدفع الثمن وحده ...
وهل علينا إذن أن نستسلم ونكسر أقلامنا ونغلق أفواهنا بحجة أن لا أحد يقرأ ولايعير للكتابه بالا .....
وهل فعلا كتاباتنا لن تغير من هذا الواقع شيئا؟
حقيقة ....لا أظن أن أحدا منا نحن الكتاب يدعي بأنه يملك عصا سحرية ليغير الكون.... ولا أظن أن عاقلا يدعي بأن كتاباته ستغير الواقع المأساوي الذي بتنا فيه بين يوم وليلة،
ولكن ما أستطيع قوله بدون تردد بأن التنوير الفكري معركة طويلة الأمد تبدأ بالكلمة، والكلمة النيرة كالشمعة وحين تتكائر الشموع المضيئة يعم النور في هذا النفق المظلم.فنرى ماحولنا
نعم إنها عملية فكرية معقدة طويلة الأمد ويحتاج ذلك إلى كل قلم نير وإلى جهد ضخم من كل التنويريين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية ومعتقدهم الديني.
نعم ياولدي في كثير من الأحيان تبدو الكتابة تجديفا ضد العاصفة.وانا شخصيا . أشعر أن مذاق المر في فمي أقوى من كل الحبر المراق على أوراقي.... أعترف أنني محبط إلى درجة أن لا شيء يشدني إلى هذا العالم !!..وآخره الكتابة في هذا الزمن الردئ
ولازمني سؤالك وسكن اذني.... وبت كلما هممت ان اكتب ....اسال نفسي لماذا نكتب ولمن نكتب؟
قلت مرة كما تتذكر :أنني أكتب ضد الوجع!!أكتب لأتنفس!!أكتب من أجل فجر آخر ،مختلف ،لا يصادره السماسرة ولا الجلادون والآن أشهد أن لا جدوى أن نتدواي من الوجع بالكتابة !!
أليس الوجع ياولدي أكبر من كل اللغات.... وما جدوى الكتابة في زمن الخراب والجوع والمرض والبطالة والقهر والعطش ما جدوى الكتابة عندما تتحول إلى ترف.... حين لا تقول الكلمات ما يجب أن يُقال يصبح الكلام فعلا فاضحا و تصبح الكلمة سراب والكاتب بقايا من وجعي !!آه آه من حزني من عذابات الروح تنخر الروح وتتسلل بين أضلعي ولا املك الا ...الاه
الاه ....التي تطوقني حد الإختناق لشوارع اربد الملبدة بالفراغ المليئة باطفال الشوارع الذين يبحثون في حاويات القمامه ويبيعون العلكة والبالون ويمسحون زجاج السيارات امام الماكدونالدز.....
تغمرني مساءاتنا الحزينة بالضجر والخواء يفزعني صليل السلاسل واستغاثات الحناجر في ليالي الدهاليز الطويلة...ويدمرني العجز الجماعي..التواطؤ الجماعي
فهل حكوماتنا تعلم هذا....؟؟؟
يقتلني صمتي ياحكومتي واشعر ان الكلمات تتحول في صدري جمرا وصديد ،إن لم اقلها،.....إن لم أحررها من اساور الخوف وعندما آمسك قلمي لأكتب... ينفجر في وجهي أ سؤال ولدي :ماذا تفعل هنا!!لمن تكتب!! ماذا بيد القلم أن يفعل لاشيء يغري بشيء:
وحده الصمت يقول... ما لا تقوله الكلما ت وحدها وحدتنا تعطي معنى لكل شيء!!حين يكون كل شيء بلون الدم !!حين يصبح العالم من حولنا زنزانة واسعةوقارئي سجان بجدران صماء تكتم التوق !!وتغتال كل جمال!!لا يبقى لنا إلا نحر الكلمه من رقبتها كالجمل الذي يذبح كل يوم ....
الصمت وأنا.... لم أختر الصمت صدقوني هم الذين اختاروه ...لاانا المطبلون المزمرون المنظرون المنبريون وباعة المديح المزيف أختاروا لي هذا المصير..هم .. القابعون فوق صدورنا واخذوا مطرحنا ،هم من اختاروا لون الشفق ،وحدود الحلم وأنا،ياحزني،ريشة في مهب .. سفاح لا ينام كلنا في الهم سواء...و لنا في الوجع داء...و في الكتابة دواء...
سؤال وجيه: لمن نكتب؟ و لماذا أكتب؟ من أنا؟ و لماذا أكتب ؟ : كإجابة مختصرة...على موضوع بحجم هذا الكون الفسيح...بحجم هذا الغموض الذي يتربع في زوايا حياتنا...بحجم المحبة التي أكنها لكم يا عشاق الكلمة الصادقة و الفعل الجاد و العمل الصالح...
الكتابة قوس قزحي يأخذ مداده من حبر السماء و ينثر أوراقه على بساط الكون لوحات متعددة المواضيع متعددة الآمال متنوعة الآلام..والمحن
.نكتب لكي نلقى الله جل و علا في يوم من الأيام.....الفعل الأول فعل جماعي...بحسب غاية كل واحد في الوجود ودرجة استيعابه لدوره في الوجود كذرة في عالم المجرة تؤدي دورتها الحياتية ثم ترحل لتترك المسألة أو القضية أو الإشكالية لمن يسير في نفس المركب... أكتب لأن فعل الكتابة هو تحرير من فعل العبودية لمن لا يستحقها ولمن يستحقها...فهناك الحق و هناك الباطل...و بينهما يتربع فعل الكتابة..
.فانظر لمن تكتب حتى تعلم في أي اتجاه تكتب؟ و إذا وجدت منطقة بين الحق و الباطل فهي منطقة الإنسان الذي يتحلى بالاختيار بينهما العتمة التي تحاج لمن يضيئها حتى تبدو جلية واضحة مشرقة و تنفض عنها الظلام و تتحلى بنور الضياء في النهار و بالسراج المنير في الليل...لكن هذا من باب المنطق و العقل...أما من نافذة الوجدان...فالألم يمزق وجودنا و لا حول و لا قوة إلا بالله العظيم... فكم طال هذا الليل بثقل أحزانه حتى لم تعد أكتافي تطيقني فأمسيت أضع أكفاني فوق أحزاني و أبتسم للمتربص بي في كل وقت
و حين... يطاردني الليل حين أنام فيسرق أوقات ذكري و يتركني في غفلة أستحي فيها من ربي عند يقظتي... فتجد أحلامي و أحلام غيري تعتصر دواخلي لأني عاجز عن تحقيقها بكلمات...عن ترجمتها لأفعال ...هي آمالي و آمال غيري...فتجد قلقي و قد ضرب رقما قياسيا في ميزان الضغط العلوي و السفلي...و ما بينهما...فتتساقط الأسئلة تلو الأسئلة كأنها وابل على روحي...فأستغيث بربي ليكشف عني و عن غيري سوء الفهم و عسر الهضم. لما نحن فيه
و إلى أين يسير مركبنا وسط العواصف التي تتقاذفنا كأوراق الخريف في فضاء من القيم التي غابت مصداقيتها و استبدلت ثوبها بثوب غيرها...و أظل بينهما أقلب كفي على وقتي الضائع مني و من غيري دون أن يدري.. .
لقد مر وقت كثير لم أقدم فيه كلمةتصل الى هدفها و أبني بها أملالطفل و شيخ و امراة او خريجا او عاملا أو أضع بها لبنة أو أفرج بها كربة...أو... حتى أضيف لرصيدي...إن كان العمل خالصا له جل و علا...و لم تكن أناي المتطاولة على إخلاصي قد شاركت من لا شريك له في الحق...لأنه الحق الذي به أستعين على معرفة الحق من الباطل...فالوجع صاحبنا يوم ولدنا فكانت الابتسامة في شكل دموع تحمل فرحة الوجود و بكاء يحمل سر هذا الوجود ..
فهل اقتنعت بالجواب ياولدي ......