بقلم المهندس قصي محمد حرب - أثار القانون المعدل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية جدلاً كبيراً في الشارع الأردني بين مؤيدٍ ومعارضٍ ، على خلفية مراجعة مجلس النواب للقانون الذي ينظم معاقبة كل من تعاطى أو حاز أو زرع أو باع أي من المؤثرات العقلية والمواد المخدرة الأسبوع الماضي .
جاء القانون المعدل لينص على الآتي وحسب ما ورد من الدائرة القانونية للمجلس [ لا يفلت من العقوبة والغرامة كل من تعاطى أو حاز أو زرع أو صنع أو أنتج أو استورد أو هرب بقصد التعاطي ، إنما لا يسجل بحقه قيداً أمنياً ليعطى فرصة لتصويب سلوكه ولكي لا يحرم من حق العمل ، خاصة بعض المتعاطين قد يُغرر بهم أو يكونوا ضحية في أول مرة ] .
نلاحظ في الآونة الأخيرة انتشار آفة تعاطي وتجارة المواد المخدرة بنحو غير مسبوق ، وسمعنا منذ سنوات عن جرائم عديدة هزت كيان الشارع الأردني جراء تناول المواد المخدرة ، بسبب ضعف النفوس بالإيمان بالعقيدة ، والإبتعاد عن تعاليم كافة الأديان السموية دون استثناء والتي حرمت قتل النفس البشرية إلا بالحق ، والحالة الإجتماعية والإقتصادية التي نمر بها وغيرها من الأسباب التي لا تخفى على الغالبية ، الغريب في الأمر أن مجلس النواب لم يأخذ هذه الأسباب ليغلظ عقوبة بل العكس تعامل مع الآفة وكأنها من الجرائم العادية التي لا تبعات جانبية لها ، على مجتمع وكيان قائم ومحافظ كالمجتمع الأردني للأسف .
وفقاً للخبراء في مجال معالجة الإدمان ، يقال إن الإدمان يبدأ بتجربة شخصية بالتعاطي بسيجارة أو حبة رخيصة الثمن مالياً وغالية الثمن اجتماعياً ، لتكون بداية طريق لمشروع إدمان لا ينتهي يكبد المجتمع والدولة خسائر إجتماعية ومالية كبرى تتمثل في معالجة الأدمان الذي كفلته الدولة الأردنية بتشريعاتها ، حيث تظهر الأرقام الصادرة عن جهات رسمية أن مجموع القضايا بلغ لعام 2020 قرابة 20055 ألف قضية مقارنة بالعام 2019 والتي بلغت إحصائياته 19500 ، وبمعدل زيادة نترك الأمر للأرقام الواردة أعلاه لتحدد مؤشر الزيادة في الإنتشار والتفشي ، حيث كان الأجدر بمجلس يمثل الشعب ومنتخب من قبل الشعب أن يتجه نحو تشديد التشريعات وتغليظ العقوبات ، كي لا نسمح للأرقام أعلاه بالزيادة ، وفتح الباب على مصراعيه ليكون لدينا تجارب شخصية ومشاريع إدمان بشكل أكبر ومشجع عليها قانونياً .
أي نعم أن التعديل المقترح من قبل مجلس النواب ، يخدم فئة المقبلين على الزواج والمتقدمين للوظائف وغيرهم من الشباب من جهة وهذا جانب إيجابي لا يمكن إنكاره ، ولكن تبعات هذا القرار وبعد دراسة المجتمع من ناحية إجتماعية وتوعوية هو بمثابة تشجيع على جريمة تجربة التعاطي والحيازة لا بل ومحاولة التجارة في ظل الوضع الإقتصادي المتردي ( أي أن إنعكاسه السلبي أكثر بكثير من إنعكاسه الإيجابي على المجتمع ) ، لأن المشروع روج للجريمة برخصة لمرة واحدة وهي بداية الطريق للإدمان وبالتالي ولادة جيل مدمن قابل للإنزلاق والإنحراف والإبداع في هز الشعب الأردني بجرائم بشعة في المستقبل القريب لا قدر الله .
لا يسعنى في هذا الطرح ، إلا أمرين الأول طرح بعض الأسئلة للمجلس الكريم ، بتوجيه سؤال ما الحكمة المبطنة من ذلك ؟ ، وبماذا تم إقناع المُصوت لتمرير مثل هذا التعديل ؟
والثاني كلي أمل وثقة بمجلس الأعيان الأكرم برد المشروع المعدل للقانون لمجلس النواب ، وعدم الإنزلاق هو الأخر لإقرار ذلك ، والوقوف جنباً إلى جنب مع مصلحة المواطن والصوت الواحد ، لا للمشروع المعدل للقانون ، لا لقانون ركيك يهدم بيوتنا .
حمى الله الأردن من كل شر .