تشترك الثقافات البشرية كلها بنسب متفاوتة في الثناء على السكوت وذم الكلام. وفي لغتنا وثقافتنا العربية نربط السكوت بالوقار بينما نربط الكلام بالثرثرة وباللغو وهذرالكلام بلا معنى ولا قيمة. ويقول مادحو الصمت إنه كلما اقترب الفرد من الصمت كلما كان أقرب إلى الإبداع والإنتاج، ويصفون الصمت بأنه لغة العظماء.
أما في عقيدتنا الإسلامية، فقد ارتبط الكلام الصح بالمدح والثناء من خلال أمر الله لرسوله الكريم أن يصدع بأمره، وارتبط السكوت بالذم حينما وصف الرسول الكريم الساكت عن الحق بأنه (شيطان أخرس). وقد بعث الله تعالى الأنبياء بالكلام وليس بالسكوت، لكن هذا لايعني أي كلام بل الكلام المتقن الذي يأتي في مكانه وزمنه الصحيحين، أما هذر الكلام واستخدامه في غير محله، فقد تم النهي عنه، حيث يقول رسولنا الكريم: وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.
وحينما سئل الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن الكلام والسكوت: أيهما أفضل؟ قال: لكل و احد منهما آفاته، فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، فالله تعالى بعث الأنبياء بالكلام وليس بالسكوت، فلا استُحِقت الجنة بالسكوت.
مختصر القول، لابد من عمل توازن بين الصمت والكلام وتوظيف أي منهما في الموقف الصح لخدمة الهدف بشكل متقن، فالكلام بحد ذاته فن وذكاء، وأن إستخدامه بشكل غير لائق قد يكشف ضعف شخصية المتكلم وهمجيته وخواؤه العقلي، من هنا يقول العوام: ياريت أنه لم يتكلم