زاد الاردن الاخباري -
اكتشف علماء اثر دراسات عديدة ان اجسام بعض الاشخاص قد تمكنت، وبطريقة "مذهلة"، من تطوير "مناعة خارقة" ضد فيروس كورونا بكافة متغيراته بعد اصابتهم بالفيروس وتلقيهم اللقاح.
وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية ان دراسة اجراها فريق باحثين من جامعة روكفلر الاميركية ونشرتها مجلة "ساينس" العلمية مؤخرا، خلصت الى ان أجهزة المناعة لدى بعض الأشخاص يمكنها إنتاج الكثير من الأجسام المضادة القادرة على الاستجابة للفيروس وسلالاته المختلفة.
وحلل فريق الدراسة عينات بلازما الدم لـ15 شخصاً أصيبوا سابقاً بكورونا وتم تطعيمهم لاحقاً بلقاح "فايزر" أو "موديرنا" لقياس استجابتهم المناعية ضد فيروس كورونا وسلالاته المختلفة.
وبعد ذلك، حلل الباحثون الاستجابة المناعية لعدد من المصابين بكورونا، وعدد من الأشخاص الذين تلقوا جرعتي اللقاح دون أن يصابوا بالفيروس من قبل، وقارنوا جميع النتائج مع بعضها البعض.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا وتم تطعيمهم طوروا "مناعة خارقة" ضد الفيروس ومتغيراته، حيث كانت أجسامهم قادرة سريعاً على التعرف على الفيروسات وبناء أجسام مضادة لمكافحتها.
وقال ثيودورا هاتزيوانو، عالم الفيروسات بجامعة روكفلر، والذي أشرف على الدراسة: "هؤلاء الأشخاص لديهم استجابات مناعية مذهلة. أعتقد أنهم في أفضل وضع لمحاربة الفيروس".
وأضاف: "تعمل المناعة الطبيعية التي يكتسبها الجسم من عدوى سابقة بشكل مختلف عن المناعة التي يتم اكتسابها من التطعيم. في المناعة الطبيعية، يبني جهاز المناعة وسائل وقاية ضد غزو فيروس كورونا المستقبلي، تتضمن الخلايا البائية والخلايا التائية، وكلاهما يتذكر شكل الفيروس ويمكنهما تحفيز إنتاج الأجسام المضادة في حالة الإصابة بعدوى أخرى. وتستمر هذه المناعة عادة لمدة سبعة إلى ثمانية أشهر".
وتابع: "بعد نحو عام، سيظل الجهاز المناعي يحتفظ ببعض الذاكرة البسيطة لمحاربة العدوى، ولكن إذا تم تطعيم شخص لديه مناعة طبيعية، فإن التطعيم يعزز ذاكرة جهاز المناعة للتصدي لفيروس كورونا لمدة أطول، حيث يعطي اللقاح إشارة للجهاز المناعي بأن هذا الفيروس يمثل مشكلة خطيرة ويجب على جهاز المناعة تخصيص المزيد من الموارد للتصدي له".
وأشار هاتزيوانو إلى أن هذا يعني إنتاج المزيد من الخلايا البائية والخلايا التائية التي تتذكر شكل الفيروس بل وتحاول بالفعل التنبؤ بالمتغيرات الفيروسية الجديدة المحتملة.
استجابات مذهلة للقاح
وتقول عالمة الفيروسات من جامعة روكفلر، ثيودورا هاتزيوانو، التي ساعدت أيضا في قيادة العديد من الدراسات إن "هؤلاء الأشخاص (ذوو المناعة الخارقة) لديهم استجابات مذهلة للقاح. أعتقد أنهم في أفضل وضع لمحاربة الفيروس. يمكن للأجسام المضادة الموجودة في دم هؤلاء الأشخاص حتى تحييد "سارس-كوف-1"، وهو فيروس كورونا الأول، الذي ظهر قبل 20 عاما، وهو يختلف بشكل كبير عن "سارس-كوف-2".
وتوضح أن "هذه الأجسام المضادة كانت قادرة على إبطال مفعول فيروس تمت هندسته عن قصد ليكون شديد المقاومة للتحييد، حيث احتوى هذا الفيروس على 20 طفرة معروفة بأنها تمنع الأجسام المضادة للفيروس كورونا المستجد من الارتباط بها".
وأشارت إلى أن "الأجسام المضادة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم فقط أو الذين أصيبوا بفيروس كورونا سابقا كانت عديمة الفائدة بشكل أساسي ضد هذا الفيروس الذي تمت هندسته، لكن الأجسام المضادة في الأشخاص الذين لديهم "مناعة هجينة" تمكنت من تحييدها".
راقبت هاتزيوانو، وزملاؤها هذا النوع من المناعة على 14 مريضا، وتقول: "لقد درسنا هذه الظاهرة فقط مع عدد قليل من المرضى لأن البحث شاق للغاية وصعب القيام به".
لكن العديد من الدراسات الأخرى تدعم هذه الفرضية، وتؤيد فكرة أن التعرض لفيروس كورونا ولقاحات "الحمض النووي الريبوزي المرسال"، يؤدي إلى استجابة مناعية قوية بشكل استثنائي.
في إحدى الدراسات التي نُشرت الشهر الماضي في "مجلة إنكلترا الجديدة للطب" قام العلماء بتحليل الأجسام المضادة الناتجة عن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس السارس الأصلي "سارس-كوف-1" في عامي 2002 و2003 والذين تلقوا بعد ذلك لقاحا يعتمد على تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال".
كان من اللافت للنظر أن هؤلاء الأشخاص أنتجوا أيضا مستويات عالية من أجسام مضادة يمكنها تحييد مجموعة كاملة من المتغيرات والفيروسات الشبيهة بالسارس .
لكن هذه الدراسات لا تجيب عن أسئلة حول تأثير اللقاح على أصحاب المناعة الخارقة، أو الهجينة، وما إذا كان يمكن لشخص يحصل على الجرعة المعززة من اللقاح، أن ينتج أجساما مضادة يمكنها التعامل مع المتغيرات المستقبلية للفيروس.
رغم أن هاتزيوانو، تشير إلى أنها لا تملك إجابات على هذين السؤالين، فإنها تقول: "أنا متأكدة تماما من أن الجرعة المعززة ستساعد الأجسام المضادة لدى الشخص على التطور بشكل أكبر، وربما تكتسب مرونة أكثر".