زاد الاردن الاخباري -
أيدت محكمة استئناف في باريس الخميس، حكما بالسجن اربع سنوات في حق رفعت الأسد عم الرئيس السوري بشار الأسد بعد إدانته بتهمة جمع أصول في فرنسا (شقق وقصور ومزارع للخيول) بنحو 90 مليون يورو عن طريق الاحتيال.
والعام الماضي، أدين نائب الرئيس السابق البالغ 84 عاما والمقيم في المنفى منذ 1984، بتهمة "غسل الأموال ضمن عصابة منظمة واختلاس أموال سورية عامة والتهرب الضريبي المشدد"، وكذلك "تشغيل عاملات منازل بشكل غير قانوني".
وعلى غرار ما قضت محكمة البداية، سيصادر القضاء كل الممتلكات غير المنقولة المعنية بالقضية.
وخلال التحقيق الذي فتح في 2014 بعد شكوى من منظمتي الشفافية الدولية و"شيربا"، صادرت المحاكم قصرين وعشرات الشقق في باريس وعقارا يضم قصرا ومزرعة خيول في فال دواز ومكاتب في ليون، يضاف إليها 8,4 ملايين يورو مقابل ممتلكات مباعة. كما تم تجميد عقار في لندن بقيمة عشرة ملايين جنيه استرليني.
وهذه الأصول مملوكة لرفعت الأسد وأقاربه عبر شركات في بنما وليختنشتاين ولوكسمبورغ.
وكان القائد السابق لقوات النخبة للأمن الداخلي، "سرايا الدفاع"، من أعمدة نظام دمشق، وشارك في العام 1982 بقمع تمرد إسلامي في مدينة حماة نتجت عنه مجزرة.
""رفعت الأسد أمام حشد من سرايا الدفاع عام 1982
رفعت الأسد أمام حشد من سرايا الدفاع عام 1982
وبعد محاولة انقلاب، غادر سوريا في 1984 يرافقه مئتا شخص واستقر في سويسرا ثم في فرنسا. وهو يقدم نفسه اليوم على أنه معارض لابن أخيه بشار الأسد.
وتعتبر النيابة العامة التي طلبت تأكيد الحكم الصادر في البداية إن ثروة رفعت الأسد جاءت من خزائن الدولة السورية. كما تعتقد أنه استفاد من أموال وافق شقيقه حافظ الأسد على الإفراج عنها مقابل نفيه.
وتستند في ذلك إلى ملاحظات وضعها مصرفي سويسري والميزانية السورية في ذلك الوقت وشهادات.
يشار إلى أن بريطانيا كانت قامت في عام 2017 بتجميد أصول وممتلكات عائلة رفعت الأسد التي تتضمن عقارات بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، وذلك في جلسة استماع خاصة عقدتها إحدى المحاكم في لندن في أيار/مايو 2017 انتهت إلى صدور قرار بتجميد الأصول التابعة للأسد العم، حيث لم يعد بمقدوره التصرف بالعقارات التي يملكها في بريطانيا.
في نفس الفترة، عرض الأسد فيلا مملوكة له في منطقة "ليثرهيد" القريبة من لندن للبيع مقابل 3.72 مليون جنيه إسترليني (5 ملايين دولار) قبل أن يصدر القرار بتجميد أصوله.
كما يمتلك رفعت الأسد منزلاً في منطقة "مايفير" الفارهة بوسط لندن تبلغ قيمته 4.7 مليون جنيه إسترليني (6.3 مليون دولار)، جمدت أيضا.
منابع ثروة رفعت الأسد
تعود فترة نشوء ما يعرف بـ"ثروة" رفعت الأسد، في سوريا، إلى مصدرين رئيسيين، المصدر الأول هو حين كان رئيساً على ما يعرف بـ"سرايا" الدفاع التي كانت الأكثر تسليحاً وتدريباً وإنفاقاً، وكانت تتمتع بميزانية مالية مفتوحة كانت تجعله يصطدم مع حكومة الأسد في ذلك الوقت، كرئيس الوزراء عبد الرؤوف الكسم، الذي لم يكن على علاقة جيدة برفعت، وكان الأخير يعمل على إزاحته، بكل السبل.
أما المصدر الثاني لـ"ثروة" الأسد العم، فهو الثمن الذي تقاضاه من شقيقه رئيس البلاد وقتذاك، حافظ الأسد، كي يخرج من سباق منافسته على السلطة في سوريا. بعدما تبيّن أن لرفعت طموحات فعلية بالسيطرة على مقاليد البلاد، إثر مرض حافظ أول ثمانينيات القرن الماضي. حيث أعلن رفعت رغبته بتولي الحكم وأحضر عدداً من مسؤولي النظام لـ"مبايعته" بينما يرقد شقيقه الرئيس بين الحياة والموت.
فراس رفعت الاسد يبدأ بنشر الفضائح عن والدهرفعت الاسد يستأنف الحكم بعد اتهامه بالاحتيال وغسيل الاموال
وحصل أن قام حافظ الأسد من غيبوبته الطويلة، فجأة، وعرف بما جرى من مبايعات لشقيقه. وبعد شبه احتكاكات عسكرية استطاع حافظ الأسد، أن يقنع شقيقه بسحب قواته من العاصمة السورية دمشق وإعادتها إلى ثكناتها، بعدما اضطر حافظ لإحضار والدته "ناعسة" للتدخل مع رفعت كي يسحب قواته من دمشق.
حينها، تم التوصل إلى تسوية تقضي بمغادرة رفعت الأسد الأراضي السورية، مع احتفاظه بمنصبه الذي كان "نائباً" لرئيس الجمهورية، متمتعاً بالحراسات الرسمية، ومما يسمح لمرافقيه بإظهار سلاحهم والمرور به عبر المطارات باعتباره نائباً لرئيس دولة.
وكان من جملة ما تم التوصل إليه في هذا الاتفاق، أن يتم منح رفعت الأسد، من خزانة الدولة السورية، مبلغاً مالياً ضخماً، اختلفت التقديرات بشأنه، إلا أن المؤكد أن التسوية التي تم عقدها بين حافظ ورفعت، شملت "تعويضات" مالية كبيرة، تسمح له بالإنفاق على طائفة كبيرة من الضباط والعناصر الذين سيغادرون معه الأراضي السورية.