بقلم المخرج د. محمد الجبور - ظهرت تعريفات عديدة لمفهوم العدالة الاجتماعية وهناك عدة أبعاد ضرورية لتوافرها. ولتحقيقها لا بد من توافر عنصران الأول، ضرورة انطلاق جميع الأفراد في المجتمع من نفس الخط. والعنصر الثاني، هو ممارسة الحياد من جانب الدولة، وربط العدالة الاجتماعية بفكرة الثواب والعقاب وأنها لا تتحقق في مجتمع يسوده الفوضى، ويسود فيه الفساد، ويجب أن يسود المجتمع فكرتي الجدارة والاستحقاق ويدعى صامويل فليشاكير فى كتابه “تاريخ قصير من العدالة التوزيعية” وجود اختلاف كبير حول مفهوم العدالة الاجتماعية بين الفكر السياسي الحديث والكلاسيكي. وأسهم فليشاكير في توضيح تاريخ النقاش والصراع الفكري حول مفهوم العدالة الاجتماعية، فنجده يؤرخ للمفهوم عند كلٍ من أرسطو وآدم سميث وروسو. وإن اختلفت مسميات الكُتّاب حول هذا المفهوم لكن جوهره يظل موجوداً في كتاباتهم، هذا مع اختلافهم حول طبيعة المفهوم ووسائل وآليات تطبيقه. وقد اختلف فليشاكير عن رفاييل، إذ انه يفضل مصطلح “العدالة التوزيعية”، وقد استخدمه كمترادف للعدالة الاجتماعية. وقدم خمسة شروط ضرورية من أجل تطبيق العدالة التوزيعية في الدولة. أولاً، يجب الاعتقاد دائماً أن كل فرد خيّر بطبعه ولديه أشياء حسنة تستحق الاحترام. ثانياً، وجود مجموعة من الحقوق يجب احترامها. ثالثاً، تقديم حجج منطقية علمانية لمعرفة لماذا يريد الأفراد حرياتهم. رابعاً، وجود رغبة ذاتية من جانب الأفراد لضرورة تحقيق العدالة التوزيعية. خامساً، أعطى فليشاكير مسؤولية تحقيق العدالة التوزيعية للدولة وليست للأفراد أو الجماعات ويبدو أنه يمكن تمييز مفهوم العدالة الاجتماعية لسببين رئيسيين. أولاً، يتم تصور العدالة كفضيلة تنطبق على المجتمع وليس فقط على السلوك الفردي: المؤسسات الاجتماعية التي توزع الموارد المادية والمواقف الاجتماعية وهذه الأشياء جميعاً من الممكن تقييمها على أنها عادلة أو غير عادلة. ثانياً، يعتبر البعض أن مصطلح العدالة الاجتماعية هو مصطلح سياسى بالأساس يحمل دلالات أيديولوجية، وعلى أى حال فإن لهذا المفهوم جانبه الاجتماعي الذي يطغى على أى شئ آخر، إذ يُوصي بتخفيف حدة الفقر وتقليل عدم المساواة كمسألة عدالة وليست صدقة ويثير المفهوم مجموعة من المناشدات والأفكار التى تقتضى تحقيق المساواة وتوفير الحق في الحد الأدنى اللائق وتكافؤ الفرص، وتحديد الظلم الاقتصادي الناجم عن قوى السوق غير المنظمة والتوصية بعمل الدولة لتحسينه أو إزالته كليًا. وتوفر هاتان الخاصيتان إطاراً مفيداً يمكن من خلاله اختبار الفكر السياسي حول العدالة الإجتماعية. أما عن العلاقة بين العدالة الاجتماعية والمساواة: فكثيراً ما يتم الخلط بين هذين المفهومين ويتناولهم البعض كمترادفين. ولكن يجب الانتباه إلى أن العدالة الاجتماعية لا تعنى المساواة الكاملة أو المُطلقة، أي أنها لا تعنى مثلا التساوي الحسابي في نصيب أفراد المجتمع من الدخل أو الثروة. فمن الوارد أن تكون هناك فروق في هذه الأنصبة، إذ تتواكب هذه الفروق مع الفروق الفردية بين الناس في أمور كثيرة كالفروق في الجهد المبذول في الأعمال المختلفة وفيما تتطلبه من مهارة أو تأهيل علمى أو خبرة، وكذلك الفروق المرتبطة بالعمر وبالصحة