تينا المومني… على الرغم من استقبال ” الفيسبوكيين” الأنباء المتداولة عن تسرب مياه حمراء اللون مجهولة المصدر إلى مياه البحر الميت بالسخرية والتندر, لم أتخل عن خوفي من فكرة “تلون” البحر الوحيد –على أساس عنا غيره- الذي أحب وأهوى فصرت أبحث بخطة طوارئ شخصية فيما لو فعلاً صار بحري أحمر, وطينه أسود منخفضاً مالحاً وحاراً جدا يعرق سريعاً وتتناقص مياهه, هل من الممكن أن يخرج من قائمة أعاجيب الدنيا ليدخل في موسوعة جينيس كونه أضحوكة البحار؟هل مات البحر فعلاً وسالت دماؤه؟ كيف وقد قالوا لنا جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن “البرجر” بأن – الدم ما بيصير مي- كما أن مقدر للمرحوم –البحر الميت- أن يجف قبل أن يموت! ثم ماذا لو أنه مات حقاً هل ستتسع فنادقه جميع الأردنيين لإقامة ثلاثة أيام للتعزية – على أساس لما كان عايش كان الأردني بيقدر على أكثر من الداي يوز- ماذا سنرتدي حدادا عليه ؟ ملابس بحر سوداء؟ أين سنغلي القهوة السادة.. على أسرة “البرونزاج؟ كيف سنصبها يا رعاك الله مع ثلج أو مع تمر؟ ثم كيف سنلتقط إشارة راديو أردنية لسماع ما تيسر –إن تيسر- من أدعية وبرامج دينية تناسب العزاء فهناك ستكره “الشين و الخاء واللام” حيث العبرية تغزو “الاف إم والاي إم “.
في الحقيقة، وبذات رومانسية, استوقفتني فكرة نهر أدونيس الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط بلبنان, وتضمنت الفكرة “أنا ” –على أساس إني أفروديت- التي حملت أدونيس الذي مات أثناء صراعه مع وحش يرمز إلى الإله “موت”, وكانت دماء أدونيس تتساقط بغزارة حتى صبت من جرحه في النهر الذي سقى الأزهار حوله فولدت “شقائق النعمان”, وبالعودة إلى ” نعمان وشقيقاته” واحمرارهم – واحمرارنا جميعا- بحثت عن كل روايات الأنهار ذات اللون الأحمر فوجدت الحقيقة, وبأن كل ما يشاع عن تسرب المياه الحمراء الى مياه البحر الميت وأن مصدرها مجهول هو محض هبل, حيث أن ظاهرة تسرب مياه حمراء اللون قد حدثت في لبنان عام 2012 وتكررت أيضاً عام 2015 عندما صبغ نهر بيروت باللون الأحمر وكلف حينها وزير البيئة فريقاً للكشف عن الأسباب فتبيّن حينها أن المادة المتسببة بصبغ المياه باللون الأحمر هي نوع من الصبغة التي تستعمل في تلوين مواد صناعية عدة بكميات كبيرة قد وصلت للنهر عبر مجرور رئيسي يصب فيه.
في عام 2016 ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بظهور النيل باللون الأحمر لتنهي وكالة الفضاء الأوروبية الجدل بأن ظهور نهر النيل باللون الأحمر كان بسبب استخدام القمر الصناعي لجهاز الراديومتر لقياس الطاقة الإشعاعيّة تحت الحمراء, وتلك الرواية لا علاقة لها بما يحدث مع المرحوم –ولو بالتبني- كرواية أن الدراسات الأولية تشير إلى أن البحر قد “تخلل” بسبب الملح – بغض البصر عن الشمندر- فصبغت المياه بالأحمر, إلا اذا كانت وزارة البيئة ووزارة المياه لدينا مثل نادي برشلونة – معهم مصاري بس مش عارفين يشتغلوا صح- بخلاف أن -ميسي بيعرف اللعب- ولكن بعض وزراء حكومتنا لا يعرف الكذب.
ولو عدنا – والعود أرذل- إلى ما حدث من تسرب مياه حمراء إلى مياه البحر الميت ستجدنا امام تلك العبرية التي لا تسلب فقط الهواء على الراديو في منطقة البحر الميت بل تسلب روافد بحرنا بالكامل تقريبا من نهر اليرموك إلى سد الوحدة ونهر الأردن, فإضافة إلى قرب انقراض –المرحوم- بسبب انخفاض منسوب مياهه, يجدر بنا البحث حول مخلفات لمواد صناعية من الممكن أن تكون قد تسربت من هنا او هناك عبر مجارير رئيسية تصب في البحر, أو بالبحث في – اللي قالته ليلى- ليلى العامرية أقصد عندما عاد قيس ووجد يديها مخضبتين فظن أنها خطبت لغيره, فقالت ليلى بأنها بكت على فراقه دماً فابتل التراب وخضبت يديها به, وقال فيها معلقته: و لمَا تلاقينا على سفح رامةٍ وجدتُ بنان العامريَة أحمرا, هل يقصد ذاك المجنون بـــ رامةٍ رامة البحر الميت “ما غيرها”فتكون دموع ليلى من المتورطين بصبغة مياهنا الحمراء؟! إلا إن صحت رواية أدونيس وأفروديت التي دفنته في منطقة أفقا بجبيل لكنه, أدونيس, بعد نزوله إلى عالم الظُلمات، قام منتصرًا على الموت, فاخرج من البحر الميت يا أدون, يكفيك نزفاً, فلا نريد شقائق نعمان – بدنا شوية مي وملح ساكنين بحر – بغاية السحر والجمال نفاخر به الدنيا.