الكثيرون منا، يتابعون بِشغف، ما يحدث على ساحتنا العربية. من قتل، وتدمير، وتشريد، يجدون ذلك. سببًا ومبررًا مُقنعًا لحالة اليأس والإحباط التي يعيشونها. أنا طبعاً أعذرهم فالصورة قاتمة جدًا، والظلام يُغطي معظم أرجاء معمورتنا. نُفَتش من خلاله، عن خيط من نور شمس نهتدي به، فلا نجد ملبده سماؤنا، بغيوم سوداء كئيبة مُتَجهِمة، نحسبها ستمطر صخورًا تخسف الأرض بعد أن ضاقت بنا.
هذا حالنا، لا يخفى على أحد منا، لكن ومن هنا أبدأ. فأنا لي رأي مختلف، وفي العادة أبحث في حقول الشوك عن زهرة تُعطينا، الأمل بيوم وتاريخٍِ جديد. وفي كل مِحنَة أجدُ مِنحة ربانية. يتلألأ نورها، وتُطل علينا لتغير واقعنا الذي يُكتب الآن، بمداد الدم والنار ومَن لا يفهم واقعنا. لن يفهم الدنيا، وعلى أي قانون تسير.
إذًا، علينا أن نستعرض تاريخ الأمم التي تقود العالم الآن. ونحلل سيرتها الذاتية، كيف كانت، وكيف أصبحت عليه الٱن؟ فلقد حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية. حرب أهلية وشرسة، قبل أن تتوحد بين شمالها وجنوبها. راح ضحيتها حوالي (640000) ألف قتيل. ما بين عسكري ومدني. وأكثر من (310000) ألف جريح، عدا عن التدمير في الممتلكات والبنية التحتية!
في الصين، قامت حرب أهلية. راح ضحيتها الملايين!
في إسبانيا، اشتعلت بها، حرب أهلية، راح ضحيتها ما يتجاوز (500000) ألف قتيل!
ألمانيا، كيف كان حالها. بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية؟ دمار شامل، أعادها للبدائية، وأكثر من (7000000) مليون قتيل، عدا عن التدمير في بنيتها التحتية، ومخلفات الحروب التي قادها هتلر والنازية!
اليابان، وما أدراك ما اليابان، بعد إلقاء القنبلة الذرية عليها، وقد خلفت أكثر (250000) ألف ما بين جريح، وقتيل. وغير ما ذكرت. الكثير من الدول، فهل يُمكن أن نقول عن هذه الدول في حينه: أنها إنتهت، وقامت بتوقيع وثيقة فنائها؟! أبدًا، وعلى العكس تمامًا، فهي كتبت، بهذه المحن، وبهذا الدم، الذي روى أراضيها. شهادات ميلادها، وقيام حضاراتها التي تُبهرنا وتدهشنا كل يوم.
"الضربة، التي لا تموت بها. يجب أن تُحييك" حكمة وفلسفة جميلة، ويجب علينا الأخذ بها، وجعلها دستورًا، وطريق حياة نسير عليها. فنجن أمةٌ وحضارة حية، نعم تمرض ولكن لا تموت، وحضارات قبلنا، كانت أقوى منا، ستجدها تحت قدمك الٱن، وأنت تجلس على مقعدك، وتعبث بهاتفك في غرفة المعيشة! وما علينا الٱن هو: تغيير واقعنا بتغيير أنفسنا، والبدء بها، فالجميع منا يريد ويسعى لتغيير العالم وترتيبه، وهو غير قادر على ترتيب سرير نومة، أو وضع حذائه في الخزانة المعدة لهذه الغاية، وقبل كل ذلك. علينا أن نُحرر أنفسنا، من فكرة قمنا بسجن أنفسنا بداخلها وهي: أننا أمة لن تنهض أبدًا.