لم تمض 48 ساعة على اعلان لجنة التطوير والتحديث السياسي انتهائها من اعمالها حتى قام جلالة الملك بتوجيه رد ملكي يعتبر درسا في السياسة والقيادة والادارة العبقرية للملفات .. اللجنة ارتكبت خطأ فادحا عندما قررت كتم التعديلات الدستورية المقترحة أما تبرير هذا الكتمان بلزوم موافقة جلالة الملك على التعديلات الدستورية المقترحة فلقد كانت خطيئة ..
الملك ضمن عدم التدخل او التأثير وتبني الحكومة للمخرجات التي ستنشأ عن عمل اللجنة وزيادة في إحاطة عمل اللجنة بضمانات عدم التدخل فلقد رعى الديوان الملكي الاجتماعات بنفسه وكان الجميع ينتظر مخرجات العمل للاعلان عنها وبالفعل جرى نشر مخرجات لجان قانون الاحزاب وقانون الانتخاب لكن الاهم والاخطر والاكثر جدلا واشد تأثيرا لسبب لا يعلمه الا الله جرى كتمه ومن ثم وضع جلالة الملك في نطاق ما سينشأ عنه من صراع سياسي مجتمعي عندما قامت اللجنة بارتكاب خطيئة الصاق تعديلات الدستور برأس الدولة وتحميله مسؤوليتها رغم ان الجميع يدرك ما تم احاطة اللجنة به من استقلالية وحرية ومقابل ذلك كان يتوجب عليها تحمل مسؤولية عملها لا ان تختبيء خلف الملك وتضعه موضع النقد في خطيئة سياسية وتكتيكية غير محسوبة العواقب ..
الرد الملكي لم يمهل خطيئة اللجنة لتأخذ مفاعيلها السلبية وجاء حاسما واضحا بالعمق الدستوري فلقد كان من المفترض ان تُعقد الدورة العادية لمجلس النواب في الاول من تشرين اول القادم للدفع بمخرجات عمل اللجنة نحو القنوات الدستورية لتأخذ نصيبها من النقاش والاخذ بها او ردها او تعديلها لكن بعد الذي حصل من قبل اللجنة وارتكابها الخطيئة اعلاه قرر الملك ارجاء الدورة العادية لمجلس النواب حتى الخامس عشر من تشرين ثاني في رسالة ملكية هادئة تكتيكة رفيعة تستحق التدريس في عالم السياسية مفادها ( هذه بضاعتكم ردت اليكم ) وبما يسعف بمراجعات اشمل واعمق لعمل اللجنة والاخذ بالتغذية الراجعة من قبل المتخصصين ولافساح الفرصة امام اللجنة نفسها للتكفير عن خطيئتها ونشر ما كتمته امام الناس لانه متعلق بحق الشعب الاردني اولا واخيرا ..
المحامي بشير المومني